عمّان "الشرقية" و"الغربية"... حكاية عامود الأمانة وطفلها المدلل
عمّان الشرقية وعمّان الغربية، وجهتين لمدينة واحدة، لا تفصل بينهما المسافات الطويلة، ولا تاريخ العاصمة الطويل، إلا أن زيارة سريعة في شوارع المنطقتين، تكفل للمار فيهما أن يدرك حجم التفاوت في الخدمات العامة بين الطرفين.
"الفوارق واضحة ولا تحتاج من يتحدث عنها"، يقول عزت الخالد، من سكان عمان الشرقية، مدللا على ذلك بانتشار النفايات بين الأحياء السكنية، وظلمة الشوارع غير المعبدة، وانغلاق المناهل مما يقف عائقا أمام تصريف المياه فيها.
أمانة عمان تؤكد بدورها على مبدأ المساواة والعدالة بتوزيع الخدمات بين جهاتها الأربعة، والقائمة على أساس الحاجة وليس التوزيع الجغرافي، بحسب الناطق الرسمي باسمها عز الدين شموط، مبينا أن مناطق شرق عمان تحظى باهتمام الأمانة.
يقول شموط إن 60% من مجمل النفايات يتم جمعها من شرق عمان، مشيرا إلى أن عدد عمال الوطن التابعين للأمانة يصل إلى 5000 عامل، 3000 منهم موزعين على مناطق شرق عمان.
ويضيف إن المواطنين أنفسهم يتسببون في العديد من أعطال الإنارة شرق عمان بتكسيرها، مؤكدا انتشار فرق الصيانة ووحدات الإنارة هناك لمتابعة هذه الأعطال.
ضياء أسامة، من سكان عمان الشرقية أيضا، يقول إنه وعلى مدار 8 سنوات، كان يطالب الجهات المعنية بتعبيد شارع في منطقته دون جدوى، حتى بات يظن أن عمان الشرقية ليست في حدود أمانة عمان.
"الأمانة تتصرف ضمن المعطيات المتوفرة لديها"، حيث يعيد شموط أسباب سوء حال شوارع الشرق، إلى ضيقها، بالإضافة إلى الاكتظاظ السكاني والامتداد العشوائي والاعتداء على حرم الشوراع، ما يعيق توسعتها وترميمها.
انحياز بسبب "المرموقين"
ويرى المواطن إياد الرمحي أن الأوضاع الاقتصادية والثقافية في غرب عمان تلعب دورا أساسيا في تطويرها، موضحا "أن مناطق عمان الشرقية شعبية ولا يسكنها مسؤول"، معتقدا أن حصة الأسد من خدمات الأمانة تذهب لعمان الغربية.
لم يجرح عضو مجلس الأمانة منصور الدبوبي شهادته في مؤسسة ينتمي إليها، مقرا بالتفاوت بين الخدمات المقدمة لجهتي عمان الشرقية والغربية، ومؤكدا على أن ما يخصص لشرق عمان لا يصل إلى ربع ما هو مخصص لغربها، مدللا على ذلك بسرعة إنجاز الأمانة لكل متطلبات تشغيل إشارة الدوار الثامن، في حين أن العديد من المشكلات المرورية التيي تحل بوضع إشارة في شرق عمان لا تزال تنتظر منذ عام وأكثر.
ويرى الدبوبي أن غرب عمان عنوان سكان وزارء ورجال دولة وشخصيات ذات مكانات مرموقة، في حين ترتسم مناطق شرق العاصمة، بالطابع الشعبي.
ورغم نفي أمانة عمان لاتهامات التمييز بين جهتيها الشرقية والغربية، جاء حديث الملك عبدالله الثاني مع وجهاء عمان في الديوان الملكي قبل شهور قليلة من هذا العام، ليؤكد وجود خلل في التعامل مع شرق المدينة من نواحي عدة، يقول " منذ أعوام وأنا أتحدث عن التركيز على منطقة شرق عمان...، أرى أن الأولوية هي لشرق العاصمة".
أعباء سكانية واقتصادية
الخبير الاقتصادي حسام عايش اعتبر أن التفاوت في منح الخدمات بين شرق وغرب عمان سبب لانتقال العديد من سكانها إلى الغرب بحثا عن خدمات أفضل، لافتا إلى الآثار الاقتصادية الناجمة عنه كارتفاع أسعار الشقق والأراضي، واضطرار الأمانة إلى زيادة مخصصات عمان الغربية مجددا لتستطيع المنطقة تحمل أعباء سكانية متجددة.
هذا ويصل التعداد السكاني لشرق عمان مليون و100 ألف نسمة موزعين على 490 كيلومترا مربعا (55% من إجمالي مساحة حدود الأمان)، مقابل 427 ألف نسمة موزعين على 202 كيلو مترا مربعا في غربها.