"ضريبة الدخل".. تأزيم الشارع ومواجهة البرلمان
لا يزال الحديث عن توجه الحكومة لإقرار تعديلات جديدة على قانون ضريبة الدخل، شاغلا لمساحة واسعة بين أعمدة الرأي والمقالات في الصحف اليومية، بالتزامن مع نشر رسالة النوايا الحكومية التي تعهدت لصندوق النقد الدولي بتخفيض الإعفاءات الضريبية لكل من الأفراد والأسر.
الكاتبة جمانة غنيمات، ترى أن "التوجه لوضع مشروع قانون جديد لضريبة الدخل، ليس مفاجئا، فهو أمر بشّرتنا به حكومة د. عبد الله النسور مباشرة بعد انتهائها من إقرار القانون المطبق حاليا".
"وليس سرا، كذلك، أن وضع قانون جديد لضريبة الدخل، هو استجابة لشروط صندوق النقد الدولي الذي يطالب الأردن منذ سنوات طويلة بوضع هذا التشريع لإزالة واحدة من التشوهات التي تراها المؤسسة الدولية".
وتوضح غنيمات أن التركيز على ضريبة الدخل وإصلاح الاختلالات فيها أمر مجزوء، فالمطلوب إصلاح النظام الضريبي بأكمله ليكون أكثر عدالة، ويحقق الغاية من فرض الضرائب.
"ما تتناساه الحكومات في تعريف قانون ضريبة الدخل والفلسفة التي يقوم عليها أنه قانون سياسي، وليس ماليا، وإقراره لا يتم في الغرف المغلقة، لأن تأثيره كبير على المجتمع، فهو قانون سيادي، وحساس"، تضيف غنيمات.
ويلفت الكاتب خالد الزبيدي، إلى أرقام وبيانات دائرة الاحصاءات العامة، التي تظهر أن من يتقاضى 500 دينار فأقل شهريا يشكلون 38.5% من تعداد السكان البالغ عددهم أكثر من 9.8 مليون نسمة منهم اردنيون يناهز 6.8 مليون نسمة ثلثهم في سن الدراسة، اما المتعطلون عن العمل يبلغ 18.2%، اما من يتقاضى رواتب شهرية تتراوح ما بين 500 الى الف دينار شهريا تبلغ نسبتهم 40.6% من السكان.
ويضيف الزبيدي أن الحكومة رفعت خلال العامين 2016/ 2017 كلف المعيشة بشكل مباشر او مستتر، مما ادى الى تخفيض القدرة الشرائية لجمهور المستهلكين.
"وبالرغم من ذلك تختبر الحكومة الناس والنواب بتعديل جديد لقانون ضريبة الدخل الذي يعني بشكل او بآخر إثارة ازمة قد تؤذينا جميعا، ويقينا ان نتائج المالية العامة ستكون بعد عامين اكثر احتقانا وارباكا"، يختتم الزبيدي.
أما الكاتب فهد الخيطان، فيؤكد أن الحكومة في وضع لاتحسد عليه، وستواجه في الأشهر الثلاثة المقبلة أياما صعبة، مشيرا إلى ردود الفعل الأولية على تسريبات قانون ضريبة الدخل المقلقة والخطيرة، وملامح الصدام مع البرلمان بادية منذ الآن، والتوتر في الشارع ينذر بأزمة قادمة.
وما ضاعف من مأزق الحكومة، بحسب الخيطان، افتقارها المريع لخطط إدارة النقاش العام، واعتماد وسائل تقليدية وبالية في طرح القضايا الحساسة، والفجاجة في عرض برامجها، وغياب التنسيق بين حلقاتها الأساسية.
وينقل الكاتب عن مسؤول حكومي "رفيع المستوى" قوله إن مشروع قانون الضريبة المقترح لن يمرّ في مجلس النواب، وهذا يعني أن الحكومة كانت تعرف وفي وقت مبكر صعوبة المهة.
و"النتيجة الوحيدة لهذه السياسة الخرقاء هي تأزيم الشارع ووضع مشروع قانون الموازنة القادم في مهب الريح، وربما الحكومة أيضا".
ولا تكاد الكاتبة خلود خطاطبة أن تصدق "ما يمكن أن تقدم عليه الحكومة في مشروع قانونها المعدل للضريبة، ويكاد يكون ضربا في عمق الأمن الاجتماعي للمواطن الأردني".
فـ"مشروع القانون الجديد يفند التصريحات الحكومية المتواصلة بان أي اجراء اقتصادي اتخذته أو ستتخذه «لن يمس الشرائح الفقيرة والمتوسطة»، كون تخفيض الاعفاءات الضريبية للفرد والاسرة الى النصف يمس الفقير ومتوسط الحال فقط بشكل أساسي ولن يمس الشرائح الميسورة".
والأمر الجلل، بحسب الكاتبة، يتمثل بأن هذا المشروع سيشمل على الأقل نحو 60% من الموظفين المدنيين والعسكريين، وهو أمر لم يكن تاريخيا موجودا في الاردن منذ تاريخ تأسيسها.
وترجح خطاطبة "أن تكون مناورة حكومية في التشريع الجديد بالنزول الى هذا الحجم غير المنطقي من الاعفاءات الضريبية للوصول الى صيغة توافقية مع مجلس النواب الذي بدأ يشكل موقفا مبكرا رافضا لهذه التعديلات".
وتنتهي الكاتبة إلى القول "لنفترض أن تشريعا مثل قانون الضريبة تم اقراره وفق هذه الصيغة، واستطاعت الحكومة تأمين مبلغ 450 مليون دينار لسد عجز ايراداتها في السنة المالية المقبلة وأكثر، فهل هذا يعتبر حلا لاخراج الاردن من أزمته الاقتصادية على المدى المنظور".