ضرب الطلبة.. انتهاك يتجاوز إيذاء الجسد

ضرب الطلبة.. انتهاك يتجاوز إيذاء الجسد
الرابط المختصر

لم يكن يعلم ليث ابن الصف العاشر، أن تأخره عن الطابور الصباحي بمدرسته لعدة دقائق بسبب تعرضه لوعكة صحية، سيواجه بعقوبة الضرب بالعصا من أحد معلميه، ومطالبته بالعودة إلى المنزل.

 

ويؤكد ليث أنه لو كان يعلم بأنه سيتعرض للضرب، لفضل البقاء في منزله، على أن يهان أمام زملائه.

 

ويشير إلى أن والديه لم يعترضوا على معاقبته بالضرب في المدرسة، باعتباره أسلوبا تأديبيا يتبعه المعلم، مبررين ذلك باستخدام هذه العقوبة وهم على مقاعد الدراسة دون اعتراض أحد عليه.

وتنص تعليمات الانضباط الطلابي في المدارس الحكومية والخاصة، على منع لجوء مجلس الإدارة أو المدرسة إلى العقاب البدني بأي صورة من الصور، إضافة إلى حظر تحقير الطالب أو إهانته بأي شكل.

 

وفي عام 1991، صادق الأردن على اتفاقيتي "حقوق الطفل" و"مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة"، اللتين منع الضرب في المدارس على أساسهما.

 

مديرة إدارة التعليم في وزارة التربية والتعليم الدكتورة خولة أبو الهيجاء، تؤكد حرص الوزارة على الحد من ضرب الطلبة من قبل المعلمين، مشيرة إلى أن الضرب لم ولن يكون أداة للتعليم، أو وسيلة للتأديب.

 

وتوضح أبو الهيجاء بأن إدارة التعليم تضم قسما خاصا لحماية الطفل من العنف، من خلال تعاملها مع كافة الملاحظات والشكاوى التي ترد عبر الخط الساخن المجاني، من قبل الطلبة وذويهم في حال تعرض أحدهم للعنف الجسدي أو الفظي.

 

كما تعمل الوزارة، بحسب أبو الهيجاء، على تعديل تعليمات الانضباط الطلابي في المدارس الحكومية والخاصة، بحيث تشمل العديد من المستجدات والمتغيرات الاجتماعية التي دخلت على المسار التعليمي، بما يساهم بتجنيب الطفل للتعرض للعنف، إضافة إلى وجود إجراءات بديلة وعقوبات بحق المعلم المخالف، وفقا لنظام ديوان الخدمة المدنية تصل للإنذار والخصم من الراتب.

 

العقاب البدني مهددا لشخصية الطالب

 

يرى المختص في الدراسات النفسية والتربوية الدكتور عاطف الشواشرة، أن اتباع أسلوب الضرب لغايات بناء السلوك والتهذيب، يعد نموذجا سلبيا وهداما، ما يؤثر على المدى البعيد على تشكيل شخصية الطالب المستقبلية.

 

ويوضح الشواشرة بأن الضرب يشعر الطالب بالنقص وبعدم الثقة بالنفس، ما يولد لديه الكره الشديد للمعلم والمادة التعليمية، مؤكدا على ضرورة إيصال الطالب إلى السلوك الصحيح دون استخدام هذه العقوبة..

 

ويشير إلى أن العديد من المعلمين لا يلتزمون بالتعليمات والتوجيهات التي ترسلها وزارة التربية والتعليم إلى المدارس، ما يتطلب إلى  ضرورة خضوع المعلم إلى دورات تدريبية لتشكيل الوعي التربوي لديه، تتضمن معرفة كيفية التأثر بالطلبة وتقييم سلوكهم دون اللجوء إلى الأسلوب التقليدي بالعقاب البدني.

ومن الأساليب البديلة عن الضرب البدني للطلبة بحسب الشواشرة، حرمان الطلبة من ممارسة نشاطات معينية في حال عدم التزامه بقواعد السلوك، وتفعيل برامج الإرشاد المدرسي لتعزيز سلوكه من خلال المرشد التربوي بحيث يتم متابعة الطالب من قبل الأهل والمعلم للعمل على تعديل سلوكه تدريجيا.

 

مبادرات لتطويق الظاهرة

 

وفي محاولة للحد من ظاهرة العنف في المدارس، أطلقت مؤسسة رواد بالتعاون مع مركز العدل للمساعدة القانونية حملة بعنوان "من أجلكم"، والتي تضم عدد من ذوي طلبة تعرضوا للعنف بمدارسهم، وذلك بهدف توعية الأمهات بحقوق أبنائهن.

 

وتؤكد المديرة الإقليمة ومنسقة البرامج لمؤسسة رواد ومنسقة الحملة سمر دودين، أن الحملة تمكنت من الوصول إلى 12 مدرسة في منطقة جبل النظيف، حيث استفاد منها 165 طفلا، مشيرة إلى أنه ورغم  التدخلات الناجحة التي ساهمت بتوقف العنف الواقع على 48 حالة على الأطفال، إلا أنه لا يزال العديد من الحالات التي لم تتم معالجتها.

 

وتوضح دودين بأن القائمين على الحملة عرضوا تلك القضايا على المركز الوطني لحقوق الإنسان كجهة رقابية، إلا أنهم طلبوا منهم التوجه إلى وزارة التربية والتعليم ومخاطبتهم بهذا الخصوص، حيث قامت الحملة بإرسال 3 طلبات موثقة لتوضيح حجم الظاهرة، إلا  أنها قوبلت بالرفض من قبل الوزارة.

 

وأما أبرز المعيقات التي واجهت الحملة، فتمثلت بصعوبة التعامل مع مدارس الذكور، حيث تجد الأم  صعوبة بالوصول إلى المدرسة نتيجة النظرة المحافظة للمجتمع، وفي حال تجاوزتها، تتفاجأ بعدم وجود مرشد تربوي التواصل معه، ما أدى ‘لى عرقلة التدخل لوقف الضرب والعنف بحق الأطفال، والذي كان يدفعهم إلى التسرب من المدارس.

 

فيما تشير مديرة ادارة التعليم في الوزارة الدكتورة خولة أبو الهيجا، إلى وجود حوالي 2000 مرشد تربوي موزعين على قرابة 4 آلاف مدرسة، إضافة إلى تعيين 60 مرشدا  خلال هذ العام، والتوجه تعيين مرشدين في كافة المدارس على التتابع لتغطيتها بالكامل، كما قدمت الوزارة توصية لديوان الخدمة المدنية بتعين مرشدين في كل مدرسة بدلا من واحد.

 

وتوضح أبو الهيجا أن الوزارة تعمل على عقد دورات تدريبية للمرشدين في كيفية التعامل مع الطلبة والاستماع لملاحظاتهم وشكاويهم وكيفية التعامل معها، إلا أن بعض مديري المدارس يكلفون المرشدين التربويين في غير اختصاصهم، كتقديم دروس بعض التخصصات للطلبة، الذين يتضمن جدولهم أربع حصص أسبوعية مخصصة للمرشد.

 

وتؤكد على عمل الوزارة على تجديد انشطة حملة "معا نحو بيئة مدرسية آمنة"، والتي استمرت على مدار أربع سنوات، وساهمت في تخفيض معدلات العنف ضد الأطفال في جميع المدارس الحكومية ومدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في المملكة، وذلك باستخدام وسائل تديبية حديثة بدلا من الضرب.

 

هذا التقرير أعُد ضمن مشروع “إنسان”

أضف تعليقك