بعد خمس سنوات من الأزمة السورية، التي حملت بين طياتها العديد من المتغيرات السياسية والاقتصادية، وتراكمات من الأحداث، لكنها ما زادت إلا تشابكا لخيوطها في ضوء عدم الوصول لحل سياسي أو عسكري ينهي نهر الدم المسفوح.
ففي الثامن عشر من آذار انطلقت شعلة الاحتجاجات السورية في محافظة درعا ضد النظام، للمطالبة بتحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية سلميا، ولكنها ما لبثت أن تحولت إلى صراع مسلح حصد أرواح الآلاف، وشردت الملايين من الشعب السوري بين مناطق الداخل، وبلدان اللجوء.
وبعد احتدام القصف والمعارك، لجأ سكان المناطق الجنوبية إلى الأردن، حيث أقامت إدارة شؤون اللاجئيين بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئيين والمنظمات الإنسانية، مخيم الزعتري، في تموز من عام 2012، والذي بات يحتضن أكثر من 80 ألف لاجئ سوري.
أما القسم الأكبر من اللاجئيين فيتوزع على محافظات الممللكة، فيما تركزت غالبيتهم في محافظات الشمال لعدة أسباب، أبرزها صلات القرابة، وقربها من الحدود السورية الأردنية، والعادات والتقاليد المشتركة.
وتبلغ نسبة اللاجئيين السوريين خارج المخيمات 85%، حيث قامت المفوضية السامية لشؤون اللاجئيين بافتتاح فرع جديد لها في محافظة إربد لتسجيل طلبات اللجوء.
وفي تشرين ثاني عام 2013، واجه اللاجئون السوريون عقبة عدم استطاعتهم العمل في الأردن إلا بعد الحصول على تصريح للعمل، والذي لا يمنح إلا للاجئيين الشرعيين الذين يحملون جوازات سفر نظامية.
وأطلقت إدارة مخيم الزعتري حملة لاستبدال خيام الزعتري بكرفانات، حيث يتم تقديم كرفان لكل عائلة سورية بدلا من الخيام التي لا تدرأ برد الشتاء، وحر الصيف، إضافة إلى تخديم المخيم بالكهرباء، ومراكز الدعم الاجتماعي والنفسي.
وأصاب قرار مجلس الوزارء الأردني القاضي بتصويب أوضاع المركبات السورية الداخلة إلى المملكة بعد الأزمة السورية، والذي تضمن عدم السير بالمركبات بإجراءات الإقامة مجددا، بالصدمة والحيرة بين السوريين، وخصوصاً بعد إغلاق معبر نصيب الحدودي مما أضطر أصحاب المركبات لبيعها بأسعار زهيدة جداً.
وبعد انقطاع غالبية الطلبة السوريين عن مقاعد الدراسة، قام الائلاف السوري المعارض، بافتتاح مراكز لتدريس المناهج السورية، وبدأت الهيئة الوطنية للتربية والتعليم التابعة للاتلاف بإصدارشهادة الثانوية العامة السورية في الأردن، وبلغ عدد المتقدميين للشهادة 1250 طالبا.
كما شهد العام 2013 تشريعات قانونية لتيسير عمل المستثمرين السوريين في الأردن، فـ”قانون الاستثمار الجديد أصبح يوحد المرجعيات الحكومية، والجهات المناط بها الترخيص ليسهل على المستثمرين تسجيل استثماراتهم.
فيما جدد الأردن التوقيع على مذكرة التفاهم مع المفوضية السامية منذ العام 1998، بهدف تحديد آلية التعامل مع قضايا اللاجئيين، والأشخاص المشمولين برعاية المفوضية وحمايتها.
ومع تزايد تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن، ولتخيف الضغط على مخيم الزعتري، افتتحت السلطات الأردنية بدعم من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وشروكائها، مخيم الأزرق في نيسان من عام 2014، الذي يقع في قصبة الأزرق من محافظة الزرقاء، ويأوي المخيم 33,884 لاجئا.
وبلغ عدد المخيمات المقامة في الأردن خمسة مخيمات هي: الزعتري، والأزرق، ومريجب الفهود، ومخيم الحدائق، ومخيم السايبر سيتي.
سياسيا، تلقى اللاجئون السوريون خبر طرد السفير السوري بهجت سليمان من عمان بالبهجة، حيث تجمع عشرات السوريين أمام السفارة السورية احتفالاً بتصريح وزارة الخارجية الأردنية التي اعتبر السفير، شخصا غير مرغوب به على أراضي المملكة، بسسب ما اعتبرته إساءة صادرة عنه.
وفي السياق، افتتحت السفارة السورية في عمان باب الاقتراع للانتخابات الرئاسية، ودعت رعاياها للحضور والمشاركة بالتصويت، فيما تجمهر عدد كبير من السوريين المعارضيين أمام السفارة معبرين عن رفضهم للانتخابات التي وصفوها بغير النزيهة، وتجرى “على دماء الشعب السوري”.
وأعلنت السفارة أيضاً عن تقديم تسهيلات للجالية السورية وللاجئين السوريين المقيمين على أرض المملكة للحصول على الوثائق الشخصية وجوازات السفر، حيث تراوحت أعداد المراجعين شهريا ما بين 5000 و 10000 مواطن.
وعلى صعيد القطاع الصحي، ما زال اللاجئون في الأردن يواجهون معضلة كبرى بدفع تكاليف العلاج في المراكز الصحية والمستشفيات، بعد القرار الصادر عن مجلس الوزارء الأردني بمعاملتهم معاملة الأردنيين غير المؤمنيين صحياً، ورفع الدعم الصحي الذي كانت تقدمه المفوضية السامية لشؤون اللاجئيين.
وفي تشرين أول من عام 2014، أوقف برنامج الغذاء العالمي مساعدته عن 12ألف عائلة سورية لاجئة في الأردن، وخفض قيمة مساعدته إلى 15 دينارا أردنيا للشخص الواحد شهريا، للاجئيين المصنفيين في الفئة الأشد حاجة، و10 دنانير للشخص الواحد شهرياً للاجئيين المصنفيين في الفئة الأقل حاجة.
فيما أصدرت السلطات الأردنية بطاقات خدمة ممغنطة خاصة بالجالية السورية خارج المخيمات وداخلها، لتسهيل تقديم الخدمات الصحية والتربوية والإغاثية والخدمية للاجئيين السوريين في المملكة.
وقامت المفوضية بالتنسيق مع السلطات الأردنية، بعملية إعادة وثائق اللاجئيين السوريين المحتجزة، وتسليم غالبية الوثائق لأصحابها في المراكز الأمنية المتوزعة في مختلف محافظات المملكة.
وأطلقلت كندا مبادرة إنسانية لإستقبال 25 ألف لاجئ سوري من كل من الأردن ولبنان وتركيا.
فيما انخفضت أعداد طلبات العودة الطوعية لسوريا العام الماضي بواقع من 150 إلى 100 عائد أسبوعياً، بحسب إحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئيين.
وفي عام 2016 تم تشكيل الهيئة العليا للمفاوضات السورية فيما عرف بمؤتمر توحيد المعارضة السورية في الرياض، حيث وضعت خارطة الحل السياسي من خلال قرار مجلس الامن 2254 الذي تبنى بالاجماع خطة دعم المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة بالتزامن مع هدنة تقضي بوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد.
وما أن بدأت الهدنة في 27 شباط عام 2016، حتى عاد الشعب السوري للتظاهر والمطالبة بالحرية وإسقاط النظام وإطلاق سراح المعتقليين وفك حصار المدن.
كما أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسحب الجزء الأكبر من مقاتلات بلاده والقوات العسكرية من الأراضي السورية في الـ15 من آذار الحالي، في خطوة وصفت بالإيجابية مع بداية المفاوضات السورية في جنيف.
وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بلغ عدد القتلى الموثقين في الصراع السوري منذ آذار عام 2011 وحتى عام 2016، حوالي (194,465) قتيلا.
فيما ارتفعت أعداد اللاجئين والنازحيين بعد خمس سنوات من الأزمة السورية لتصل إلى ما يزيد عن 4 ملايين لاجئ في البلدان المجاورة لسوريا وأوربا وأفريقيا، و7,6 مليون نازح داخل سوريا، بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
أحداث ومنعطفات غيرت معالم سورية وأثقلت كاهل شعبها، لكنها لم تنجح في أن تحني إرادته، حيث ينتظر السوريون اليوم الذي ينتهي فيه هذا الصراع الدامي، ليعود به اللاجئون والنازحون لديارهم ليبدأوا مرحلة الإعمار وبناء “سورية الجديدة”.