دراسة دولية: 23 ضحية اتجار بالبشر في الأردن
أظهرت دراسة نوعية أجرتها منظمة العمل الدولية عن تعامل وحدة شرطة مكافحة الإتجار في الأردن مع (14) حالة أتجار بالبشر عام (2012) كانت حصيلتها (23) ضحية.
وفق الدراسة فإن السلطة القضائية في الأردن تعاملت مع (35) حالة إتجار مع عاملات منازل وبغاء قسري في عام (2011) ولاحقت الجناة فيها قضائياً .
تشير الدراسة المنفذة في الفترة ما بين حزيران وكانون الأول العام 2012 إلى وجود (30) ملهى روسي و (40) ملهى عربي في عمان لوحدها، وتم مقابلة أصحابها.
الدراسة التي حملت اسم "عالقون في الفخ : الإتجار بالبشر في الشرق الأوسط"، أجرت مقابلة مع إحدى العاملات في مجال الجنس في الأردن، التي أفادت "لا شيء البتة يحدث داخل الملهى لأن صاحبه يراقب المكان باستمرار ويلاحظ إن أساءت إحدى الفتيات التصرف".
كما أشار صاحب أحد الملاهي في عمان الى أنه :"بعد الثالثة صباحاً يحق للعاملة بوقت حر ، أنا أنصح الفتيات بعدم الذهاب مع الزبائن بسبب المخاطر المحدقة".
جمعية تضامن النساء الأردني التي أصدرت بيانا حول ذلك، أشارت إلى ضرورة التصدي لظاهرة الإتجار بالبشر بتأكيدها على الدعوات التي خلصت اليها الدراسة بضرورة تحسين إدارة هجرة الأيدي العاملة ، وتوسيع نطاق التغطية القانونية ، وتطوير آلية الوقاية ، ورفع الوعي العام من خلال الأبحاث والدراسات.
كما حثت تضامن النساء السلطات الأردنية إلى ضرورة إتخاذ تدابير للحد من التعرض للعمل الجبري ، وتفعيل آليات تفتيش العمل ، والحرص على وصول الضحايا / الناجيات للقضاء وتعويضهن ، وتوطيد العلاقات بين العمال والعاملات وأصحاب العمل والجهات الوسيطة وذات العلاقة.
هدفت الدراسة إلى الوصول إلى صورة أوضح عن طبيعة العمل الجبري والإتجار بالبشر في كل من الأردن والكويت ولبنان والإمارات العربية المتحدة من أجل المساهمة في رسم سياسات وبرامج وطنية تلبي الإحتياجات لكل من المتضررين والمتضررات، وتعمل على تحسين ظروف العمل ، وتحد من ظاهرة الإتجار بالبشر والقضاء عليها كلياً بإعتبارها من أبشع أشكال الإستغلال البشري.
وتشير "تضامن" إلى أن منظمة العمل الدولية كانت قد قدرت ضحايا العمل الجبري في العالم لعام (2012) بـ (20.9) مليون ضحية ، منهم (68%) ضحايا للإستغلال الجبري في العمل في القطاع الخاص ، و(22%) ضحايا للإستغلال الجبري في الجنس ، و(10%) ضحايا للإستغلال الجبري الذي تفرضه الدولة.
أما في منطقة الشرق الأوسط فقد قدرت المنظمة وجود (600) ألف ضحية للعمل الجبري وإرغام (3.4) بالألف من سكان المنطقة على العمل خلافاً لإرادتهم.
وقابل فريق البحث خلال مدة الدراسة ما مجموعه (653) شخصاً من بينهم (354) عاملاً مهاجراً و (299) مخبراً رئيسياً وشكلت النساء من نسبته (43%) من المجموع الكلي بعدد (281) إمرأة ، ويعتقد بأن (75%) من مجموع العمال المشاركين رجالاً ونساءاً يتعرضون للإتجار والعمل الجبري ، إستناداً لمؤشرات محددة وقوية كالتوظيف عن طريق الخداع والعمل والعيش تحت الإكراه وإستحالة ترك صاحب العمل.
وتضيف "تضامن" بضرورة حماية العاملات المهاجرات بشكل خاص ، كون النساء المهاجرات لا يملكن من المهارات إلا القليل وبسبب حاجتهن الماسة للمال من أجل تأمين حياة أفضل لهن ولعائلاتهن ، فإنهن يتخذن قرار الهجرة من أجل العمل لعدم وجود خيارات أخرى أمامهن ولإنعدام فرص العمل داخل بلدانهن ، وهن على علم بالمخاطر التي سوف يواجهنها وإدراكهن بإرتفاع نسبة خطر تعرضهن للاستغلال.
وقد عرّفت الفقرة (ا) من المادة (3) من برتوكول باليرمو الاتجار بالبشر بأنه :"تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو إستقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو إستعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إستغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف ، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال.
ويشمل الإستغلال كحد أدنى إستغلال دعارة الغير أو سائر الإستغلال الجنسي ، أو السخرة أو الخدمة قسراً ، أو الإسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق ، أو الإستعباد أو نزع الأعضاء". كما أشارت المادة في فقراتها التالية على عدم الأخذ بموافقة الضحية للتبرير ، كما لا ضرورة لإثبات الوسائل الخداعية أو القسرية بالنسبة للأطفال دون الثامنة عشر من العمر.
ومن المؤشرات القوية على الإستخدام بالإكراه ، الخداع بشأن طبيعة العمل ، والإستقدام القسري كالخطف والإحتجاز أثناء عملية الإستخدام ، والإستخدام المرتبط بالديون ، أما الإستخدام القائم على الخداع بشأن ظروف العمل ومضمون عقد العمل وقانونيته وظروف السكن والمعيشة والوضع القانوني ومكان العمل والأجور ، والإستخدام المخادع القائم على الوعد بالزواج ، فجميعها مؤشرات متوسطة.
وفيما يتعلق بالمؤشرات القوية على العمل والمعيشة تحت الإكراه ، فهي الإرغام على العمل لساعات طويلة ، وتقييد حرية التنقل والإتصال مع الغير ، وظروف العمل والمعيشة المهينة ، أما إرغام العامل / العاملة العمل في أعمال صاحب العمل الخاصة أو لدى سائر أفراد الأسرة فتعتبر من المؤشرات المتوسطة.
كما تعتبر من المؤشرات القوية على إستحالة مغادرة / ترك صاحب العمل ، تقييد الحرية في فسخ عقد العمل ، والإرغام على البقاء لمدة أطول بإنتظار الرواتب الستحقة ، أو العمل حتى أجل غير مسمى لغاية تسديد الديون المستحقة.
وتشير "تضامن" الى أن التقرير أفرد جزءاً خاصاً للعمل في مجال الجنس ، حيث قابل فريق البحث (20) عاملة في هذا المجال بكل من الأردن ولبنان والإمارات العربية المتحدة ، وتراوحت أعمارهن ما بين (19 – 40 ) عاماً وأغلبهن من مناطق حضرية وينتمين للطبقة الفقيرة والمتوسطة ويحملن شهادة التعليم الثانوي وقرار عملهن بالخارج كان شخصياً حسب رأي أغلبيتهن ، وبعضهن سبق لهن العمل في منطقة الشرق الأوسط.
وتوصلت الدراسة بعد تحليل المعلومات التي تم جمعها من العاملات في مجال الجنس وكافة الأطراف ذات العلاقة كأصحاب الملاهي الليلية والسماسرة والزبائن ، الى بروز أربعة أنماط للإتجار بالبشر والإستغلال في الأعمال الجنسية القسرية علماً بأن هذه الأنماط لا تنتشر بالدول الأربعة موضوع الدراسة بشكل متساو أو موحد وإنما تختلف بإختلاف أنواع الأنشطة الترفيهية الرائجة وإجازات العمل.
ويقضي النمط الأول بإستقدام الفتاة بإرادتها الحرة للعمل كعاملة منزلية ، وعند وصولها بلد المقصد تترك صاحب العمل بعد أن تغريها وعود الحب أو وعود العمل في وظيفة أفضل ، ومن ثم يستغلها "عشيقها" أو سائق التاكسي أو أي سمسار آخر ويرغمها على ممارسة الدعارة. وينطبق النمط الثاني على المرأة التي هاجرت للعمل كممرضة أو عاملة منزلية أو مدرسة أو نادلة ، إلا أن وكيل الإستخدام المستقل يخطفها عند وصولها ويرغمها على آداء خدمات جنسية لزبائنه في شقق أو منازل خاصة بعيدة عن الأنظار.
أما النمط الثالث فيقضي بإستقدام المهاجرة للعمل في الملاهي الليلية والحانات ، وتتوقع هذه الفنانة (بحسب التسمية المعتمدة) العمل كراقصة أو نادلة أو مغنية ، ولكن وكيل أعمالها أو صاحب العمل يخدعها بشأن طبيعة العمل ويرغمها على آداء خدمات جنسية. وينطبق النمط الرابع على المرأة التي يقطع لها أقاربها وعوداً كاذبة بالزواج وعيش حياة أفضل في المهجر ، أو التي يقوم زوجها أو كليها بخداع أهلها كي يسمحوا لها بالسفر ، وفي كلتا الحالتين وعند وصولها الى بلد المقصد ، يتم إستغلالها جنسياً وإرغامها على العمل في الملاهي والحانات أو الشقق الخاصة لكسب لقمة العيش.