خبز الأردنيين رهينة مطالب صندوق النقد

خبز الأردنيين رهينة مطالب صندوق النقد
الرابط المختصر

عادت الحكومة مجددا للحديث عن رفع الدعم عن مادة الخبز، بآلية جديدة قالت إنها "تضمن إيصال الدعم لمستحقيه"، وسط تحذيرات اقتصاديين من اتخاذ هذه الخطوة، أو مطالبة آخرين بتطبيقها تدريجيا.

 

هذه الآلية التي صادقت عليها اللجنة المالية النيابية واللجنة المالية في مجلس الأعيان، ترفع سعر مادة الخبز إلى حوالي 40 قرشا، على أن يتم تعويض المواطنيين في نهاية كل عام عن حجم مشترياتهم.

 

الحكومة تبرر التوجه لرفع سعر الخبز بأنها تتحمل نحو 180 مليون دينار سنويا ككلف على الخزينة جراء دعم هذه المادة الأساسية، بينما يستفيد من هذا الدعم الأردنيون و المغتربون والعمالة الوافدة وغيرهم من المقيمين على أرض المملكة.

 

رئيس الوزراء عبدلله النسور قال في مؤتمر إطلاق وثيقة الأردن 2025، إن الحكومة ستعمل على تحرير أسعار الخبز من خلال استخدام البطاقات الذكية، بحيث يتم رفع أسعار الخبز على أن يشتري جميع المقيمين والمواطنيين في المملكة الخبز بنفس السعر، فيما تحتسب البطاقة الالكترونية قيمة الفارق أو الدعم الحكومي، لدفعها للمواطن بشكل سنوي.

 

وبحسب  النسور، فإن الدعم الذي يقدم الآن يستفيد منه جميع المقيمين في المملكة، كما أن نسبة الهدر في الخبز مرتفعة، بسبب انخفاض سعره.

 

ولم تفصح الحكومة عن المزيد حول تفاصيل خطة رفع الدعم، بينما تشير المعلومات المتوفرة أنها انتهت فعليا من إعدادها وتنتظر تحديد مستقبل العلاقة مع صندوق النقد الدولي، حيث فوضت الحكومة مؤخرا وزير المالية بالتواصل مع إدارة الصندوق لتحديد مستقبل العلاقة مع الأردن.

 

من جانبه، أكد نقيب أصحاب المخابز عبدالإله الحموي، دعم النقابة لتوجه الحكومة برفع الدعم عن الخبز على أن يكون بشكل تدريجي بما لا يؤثر على المواطنين.

 

وقال الحموي إن النقابة قدمت مقترحا للحكومة بأن يتم رفع سعر كيلو الخبز إلى ربع دينار، وبذلك تكون الحكومة قلصت قيمة الدعم الحكومي إلى النصف تقريبا، لافتا إلى ضرورة أن يصل الدعم لمستحقيه دون استثناء.

 

ولم تتحدث الحكومة عن نسبة رفع الدعم حيث كان حديث رئيس الوزراء في المؤتمر الصحفي عن رفع كامل للدعم، ولم يتحدث عن دفعات على غرار الكهرباء.

 

 

فيما حذر المحلل الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش من رفع الدعم عن الخبز دفعة واحدة، مشيرا إلى أن الرفع التدريجي يساهم في قياس مدى فعالية القرار إمكانية تطبيقه، والاستمرار فيه.

 

ويقول عايش إن رفع الدعم عن الخبز يشكل جزءا من برنامج متفق عليه مع صندوق النقد الدولي، حيث يأتي استكمالا لما طرح العام الماضي كـ"بالون اختبار"، على حد وصفه .

 

وأكد عايش على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية للمواطنيين، مشيرا إلى صعوبة تقدير حجم احتياجات الأسرة الفعلي من مادة الخبز.

 

وأعرب عن تخوفه من أن يصبح رفع الدعم عن الخبز موضوع سجال وطني جديد، وأن يثير نتائج اجتماعية خطيرة.

 

كما حذر رئيس لجنة حماية المستهلك النقابية باسم الكسواني، من أي رفع قد يطرأ على أسعار الخبز، لما له من آثار سلبية على المواطنيين من أصحاب الدخل المحدود.

 

وقال الكسواني إن الإشكالية تتمثل بعدم وجود ضمانة من الحكومة بايجاد آليات تقدم الدعم بشكل حقيقي، وبالكلفة الحقيقية لرفع الأسعار الذي سيطرأ.

 

ويرى الخبير الاقتصادي خالد الزبيدي في تحرير أسعار الخبز خطوة إيجابية، لافتا إلى أن من العدالة أن يتم توزيع الدعم لمستحقيه من أصحاب الدخل المتدني.

 

وأشار الزبيدي إلى ضرورة خروج الحكومة من قطاع القمح والخبز، على أن يقوم القطاع الخاص بشراء القمح والطحين، في حين تقوم الحكومة بتقديم الدعم للفقراء والمستحقين بحسب أسعار القمح.

 

وتبقى سيناريوهات تقديم الدعم في حال تم رفع أسعار الخبز فعليا، هو الأهم، حيث كان للأردنييين أكثر من تجربة مع الدعم الحكومي من الكوبونات والدعم النقدي وغيرها، والتي شابها العديد من الثغرات بحرمان البعض، ومنح آخرين دعما لا يستحقونه.

 

يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها الحكومة عن رفع الدعم عن الخبز، إلا أنها كانت تواجه بمعارضة شديدة لما لملف الخبز من حساسية لدى المواطنين، وتحديدا عندما تستذكر الحكومة الأحداث التي شهدتها المملكة عام 1996 فيما عرف "ثورة الخبز" عندما قامت حكومة عبد الكريم الكباريتي برفع أسعار الخبز، وأشعلت موجة من الاحتجاجات في مختلف محافظات المملكة.