خالد الناطور.. خرج و لم يعد

خالد الناطور.. خرج و لم يعد
الرابط المختصر

“هل هذا ما يجب على اهل واصدقاء خالد الناطور فعله لكي يحصلوا على معلومات عن ابنهم؟ هل يجب عليهم أن يذهبوا ويبحثوا عنه كمن أضاع حقيبة سفر؟ أين دور الدولة؟ أين سفاراتنا ووزارة خارجيتنا عن هذا كله؟ هل يجب على المواطن الاردني ان يطالب بمعلومات عن ابن بلده بنفسه؟ كونه يرى تقصير من الجهات الرسمية في البلاد؟” تتساءل الناشطة في الحراك الشبابي الأردني آية الموسى، وتضيف، هذا فعلا ما يقوم به الناشطون الأردنيون حالياً من الحراك الشبابي الاردني، إذ أنهم قاموا بإطلاق حملة وطنية باسم ” أطلقوا سراح خالد الناطور” بسبب ما وجدوه من تقصير في متابعة القضية من قبل الجهات الرسمية الاردنية؛ اذ يقومون بارسال الرسائل والفاكسات والإيميلات الى المنظمات الدولية والسفارت السعودية في مختلف أنحاء العالم وبمشاركة ناشطين عالميين معنيين بقضايا حقوق الانسان.

ولكن لماذا يضطر المواطن الاردني بالقيام بهكذا حملات وتحركات بهدف الافراج عن مواطن أردني بنفسه؟ وأين دور الدولة من هذا كله؟

لامبالاة الجهات الرسمية في قضية الناطور

تؤكد المحامية لين الخياط بأن احد اهم وظائف أي دولة، هي حماية حقوق المواطنين، والتاكد من عدم تعرضهم الى اي إساءة أو انتهاك لحقوقهم سواء داخل الدولة او في حال تواجد المواطنين خارج حدودها.

وتضيف “مما يعني ان احتجاز احد المواطنين دون اي سبب او مسوغ قانوني، يشكل انتهاكا لحق الانسان في الحرية، ووفق الاعراف الدولية وطبيعة العلاقات بين الدول فإنه يشكل انتهاكا صارخا لسيادة الدولة وتعدياً على سيادتها، وهو ما تم تسليط الضوء عليه مؤخرا في حالة المواطن خالد الناطور” وتتساءل الخياط “محامية المعتقل الناطور” بأن ما سبق يطرح سؤالا عن مدى قيام الدولة الاردنية بواجباتها المتمثلة بحماية المواطنين الاردنيين في حال تعرضهم للاحتجاز على سبيل المثال!

وفي هذا السياق يشار إلى أن أبرز مهام سفارة أي دولة تتلخص بما يلي؛ متابعة المصالح الاقتصادية والسياسية في الدولة المبعوث اليها الممثل الدبلوماسي، تعزيز أطر التعاون والتشارك بين الدولتين ومتابعة شؤون المواطنين الذين يحملون جنيستها والعمل على حمايتهم وحماية مصالحهم.

وبالتالي من واجب السفارة الاردنية متابعة قضية خالد الناطور وكافة المعتقليين الاردنيين هناك وفي أي دولة أخرى، بهدف الافراج عنهم.

ولكن شقيقة المعتقل خالد الناطور “دعاء الناطور” تؤكد ان وزارة الخارجة لا تملك أية معلومة عن شقيقها حتى تاريخ كتابة هذا المقال، حتى أنها تجهل التهم الموجهة اليه، وتضيف “تلقينا وعدا من المركز الوطني لحقوق الانسان في الاردن باتصال هاتفي مع خالد ولغاية الان لم يحدث ذلك”.

وهنا يعلق الناشط في الحراك الشعبي الاردني عبدالله المحادين بأن السبب وراء عدم متابعة الجهات الرسمية لقضايا المعتقليين الاردنيين في السعودية، يعود إلى المساعدات السعودية المقدمة للاردن، مما يكشف عن المشكلة في السيادة الاردنية – وفق محادين – الذي يعتبر السيادة أحد مقومات الدولة.

ويرجح عضو الحزب الشيوعي الاردني مالك ابو عليا ان سبب اعتقال خالد الناطور، يعود لمشاركته في مجموعة من انشطة الحراك الشعبي امام سفارة المملكة السعودية وسفارة مملكة البحرين، دعما للثورة الشعبية القائمة في البحرين ورفضا لارسال المملكة السعودية قوات عسكرية تقوم بقمع المتظاهرين السلميين الذين خرجوا يطالبون بالحرية والديمقراطية هناك.

يضيف أبو عليا “من المرجح ايضا قيام النظام الاردني باعطاء الضوء الاخضر للسلطات السعودية لاعتقال الناشط خالد الناطور، بسبب نشاطه في الحراك الشعبي الاردني المطالب بالاصلاح في الاردن”، ويؤكد ان هذا التصرف الصادر عن المملكة السعودية ليس جديدا او غريبا على التقدميين والتنويريين العرب، ويطالب ابو عليا الاحزاب الاردنية والمنظمات المعنية بالسعي وراء معرفة مصير الناطور، حيث انه يخشى ان يكون خالد قد تعرض للتعذيب داخل المعتقلات السعودية.

وتعود الخياط وتتساءل عن طبيعة العلاقة التي تربط الاردن بالدول الاخرى، وعلى اي اسس ممكن ان تبنى، مشددة على أن السلوك الرسمي من وجهة النظر القانونية يشكل تقصيرا من وزارة الخارجية الاردنية في متابعة المهام المنوطة بها، وتقصيرا من جهة الدولة الاردنية في حماية مواطنيها، وتعديا على سيادتها، وهو الامر الاخطر على الاطلاق.

والمسؤولية هنا لا تقع على الحكومة وحسب، بل ثمة دور لمجلس النواب، إذ تقول الخياط “وفقا للدستور فان هذه الحالة تفتح الباب العريض للنواب لاستجواب الحكومة عن مدى متابعة حالات المواطنين المحتجزين خارج الاردن، وقيام وزارة الخارجية بواجباتها وفي حال وجود تقصير من الممكن طرح الثقة بوزير الخارجية او الحكومة نفسها”.

إضافة إلى ما سبق فإن الاردن والسعودية ترتبطان باتفاقية تسليم المحكومين لقضاء مدد المحكومية في بلدهم، وفق الخياط التي بينت أن قادم الايام قد تكشف أن ثمة معتقلين غير الناطور.

خطوات قادمة للحراك

يؤكد محادين ان الحراك يعتزم القيام باعتصام سلمي امام رئاسة الوزراء قريبا وذلك لحثه على القيام بدوره وواجبه تجاه المواطنيين الاردنيين المعتقليين في الخارج، حيث ان تعامل الدولة مع قضية خالد الناطور كشفت عن ضعف وزارة الخارجية الاردنية في متابعة قضايا المواطنيين الاردنيين بالخارج، و يؤكد انه ومع استمرار اعتقال الناطور تبقى كل الاحتمالات مفتوحة امام الحراك الشبابي للقيام بالضغط على الدولة بالطرق السلمية، ومن الممكن تنفيذ الاعتصامات والاحتجاجات الشعبية قريبا امام سفارة المملكة العربية السعودية في عمان لحثها على الكشف عن مصير الناطور.

مبيناً أن الاجراءات التصعيدية مستمرة، في سبيل معرفة مصير الناطور، فالأردنيون وفق محادين، يدفعون الضرائب للدولة ويجب عليها القيام بواجباتها اتجاه مواطنيها، وأهمها حماية المواطن والسهر على مصالحه، وليس كما هو الحال اليوم المتمثل بعجز الخارجية عن امتلاك معلومة واحدة عن مواطن اردني معتقل لدى دولة اخرى، مما يثير التساؤل “لماذا يدفع الأردنيون رواتب موظفين حكوميين غير قادرين على القيام بعملهم؟”

ملاحظات لا بد منها

إن الدول التي أنشأت منظمات حقوق الإنسان وترعاها اليوم هي ذاتها التي عذبت الأطفال والشيوخ في أبوغريب وغوانتنامو وأفغانستان، والتعويل عليها قد يخرج معتقل أو اثنين أو ثلاثة، ولكنه لن يحل الإشكالية الكبرى بأي شكل من الأشكال.

إن قضية الناطور وقضية كل المعتقلين الأردنيين في سجون الرجعية السعودية تفتح الباب على المزيد من الأسئلة الأساسية، هل حقاً هذا النظام يرغب في مساعدة المعتقلين ولكنه يعجز عنها؟ لا أظن ذلك.. المسألة باختصار هي تآمر السلطة في الأردن وتبعيتها المفرطة لكروش النفط والسلطة الوهابية الرجعية في السعودية.

السعودية هي الشعار البراق للتخلف والتآمر والرجعية والعمالة في وطننا العربي، وهذا موقف لا نحيد عنه، نحن نريد قطع العلاقات مع الكيان الوهابي العميل، نريد إقصاءه من فضاء الوطن العربي الذي يحمل ثقافة و صمود الشام وحضارة مصر وتمرد المغرب وشموخ العراق.

المنطقة العربية تمر في تحولات حساسة، ومربط الفرس في التطور القادم هو سقوط أنظمة الخليج الهمجية وعلى رأسها النظام الوهابي السعودي الأمريكي، وإن أولى المهمات التي تقف على عاتق الأحرار في السعودية هو تغيير إسم البلاد بعد إسقاط نظامه.

الأزمات الصغيرة هي تفرعات عن أزمات كبيرة، بمعنى أن قضية الناطور ليست قضية جزئية تكتيكية نبحث لها عن حل مع الكيان الوهابي، إنها قضية كبيرة عنوانها: من هو النظام السعودي ومما يتكون؟ ما معنى تبعية السلطة في الأردن له ولماذا؟ لهذه الأسئلة إجابات برسم الانتفاضات الحاسمة في الأردن والسعودية على حد سواء.

لو نجا خالد الناطور وعاد لأهله، فالمستقبل يحمل نسخ كثيرة من خالد وغيره ستزور الربع الخالي والسجون السعودية، لذلك لا مناص من إسقاط السجان في الرياض، وتغيير المعول الذي سيهدم القضبان من عمان!

المصدر: مجلة لراديكال

أضف تعليقك