خالد الناطور: أفُكر بإجراء قانوني لرد اعتباري
* دولة تعتقل مواطن يمارس حق التعبير عن رأيه في بلده
*أردنيون معتقلون في السعودية دون محاكمات منذ سنوات
يدرك حجم الاهتمام الذي حظي به خلال اعتقاله في السعودية. الاهتمام الذي سعد به لم يرى فيه إلا فرصة لتحفيز الحكومة والرأي العام للايلاء الأردنيين المعتقلين في الخارج أهمية أكبر.
خالد الناطور الناشط الأردني الذي اعتقل في السعودية خلال زيارة عمل قبل 90 يوما يعود إلى الأردن وسط اهتمام محلي لشاب اعتقل بتهمة ممارسته حقه الدستوري في التعبير عن رأيه أمام السفارة السعودية في عمان قبل سنة.
الناطور في مقابلة مع "وثائقيات حقوق الإنسان" يتحدث عن ظروف اعتقاله الذي حدث بسرعة وسجن دام في الانفرادي 25 يوما فيما خضع لثلاث جلسات تحقيق طوال الشهور الثلاث، حتى أنه فكر بدراسة الماجستير من سجنه كونه لم يعتقد أنه سوف يخرج لسنوات.
خلال فترة اعتقاله، لم يحصل على جملة من الحقوق الأساسية لكل معتقل وفق الشرعة الدولية، أبرزها عدم معرفته سبب اعتقاله، وعدم إحالته إلى المحاكمة وعدم حصوله على حق التواصل مع ذويه في الأردن والتعامل معه كمذنب بحكم ممارسته التعبير عن الرأي في بلده.
رغم عدم تعرضه إلى التعذيب الجسدي المباشر إلا أن ثمة تعذيب نفسي مر به من خلال غياب ضمانات المحاكمة العادلة، ومجموعة إجراءات تتنافى وجملة من نصوص الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي وقع وصادق عليها الأردن وبما يلزم دولته على متابعة شؤون مواطنيها في الخارج.
“عانيت كثيرا خلال الاعتقال وأهله وأصدقائي، من الظلم الذي تعرضت له حيث أن ما حصل معي اعتداء على حقوقي من حجز لحريتي في الخارج"، يقول الناطور ولا يخفي عن مشاوارات سيجريها مع النشطاء في خطوة إجراء قانوني لرد اعتباري وذلك في إطار تشكيل حصانة لأي شاب ممكن أن يتعرض للتوقيف".
تاليا نص اللقاء الذي اجراه راديو البلد مع الناطور في مقر الراديو في وادي صقرة:
هل لمست أي اهتمام رسمي أردني لك خلال الاعتقال في السعودية؟
بتاتا، طوال فترة الاعتقال، منذ الأول من كانون ثاني الماضي وأنا أطالب السلطات السعودية بضرورة تواصلي مع الدبلوماسية الأردنية، لكنهم لم يسمحوا لي أبدا، رغم مطالباتي اليومية من خلال طلب التواصل مع السفارة الأردنية وكانوا يتمنعوا عن هذا الحق.
وماذا عن لحظة الاعتقال الأولى؟
في جلسات التحقيق الأولى، كنت أقول لهم بأني أود التواصل مع السفارة الأردنية لأجل تكليف محامي يدافع عني، ولكن السلطات السعودية ممثلة بوزارة الداخلية السعودية التي كانت تتابع موضوعي كانت ترفض تماما التواصل مع أي جهة أردنية داخل الأراضي السعودية.
طوال فترة الاعتقال، هل قابلت نشطاء حقوقيين؟
نعم، قابلت وفد حقوقي سعودي بعد اعتقالي بشهر ونصف على سجني، وهم على ما اتذكر كانوا ممثلين عن الهيئة الوطنية لحقوق الانسان التابعة لوزارة الداخلية السعودية، كانوا يودون الاطلاع على ظروف اعتقالي وهل تعرضت للتعذيب وهل يوجد مطالب عندي، وكانت مطالبي الإفراج عني أو محاكمتي والمطالب الثاني التواصل مع السفارة الأردنية في السعودية، والاتصال مع أهلي وطمئنتهم عن نفسي، وأكدوا أنهم سيحاولوا تحقيق عدد من المطالب لكن أي منها لم يتحقق.
تواصلت مع معتقلين أردنيين في السجن، هل خفت أن تمضي سنوات مثل الآخرين؟
نعم، خصوصا بعد اطلاعي على قصة الأردنيين المعتقلين لدى المباحث السعودية، هي قصة مؤلمة جدا، الشخص يمكث عندهم سنوات طويلة دون محاكمة أو توجيه تهم، أنظر إلى قضيتي ثلاثة شهور لا شيء أمام وائل يحيى على سبيل المثال المعتقل منذ ٨ سنوات دون توجيه تهمة له.
على من تقع المسؤولية؟
بالمقام الأولى تقع على الدبلوماسية الأردنية التي لم تسع في ملف المعتقلين، هذا يسمى عدم اكتراث او شعور بالمسؤولية بأن ثمة مواطنين يمكثوا في سجون دول لسنوات دون اهتمام، ولم يحدث أي تجاوب حتى اللحظة، وهذا نموذج كافي لندرك حجم التقصير وعدم تحمل المسؤولية.
ثمة ظلم كبير يقع على الأردنيين المعتقلين الذي يقضون فترات طويلة في السجون دون محاكمات، فإذا كان الشخص قد ارتكب جرما فليحاكم مثل ما يحدث في دول العالم.
ما هو شعورك عند اعتقالك بالسعودية بتهمة ممارسة حق الدستوري في بلدك بالتعبير عن رأيك؟
معادلة غريبة عجيبة، مبكية مضحكة، تكاد لا تصدق في بعض الاحيان، بقيت لفترة ايام في السجن غير مصدق ما حصل معي، حتى أن نزلاء كانوا غير مصدقين أني أسُجن على اعتصام في بلدي، شيء غير معقول أو مفهوم ولا يستقيم في العقل، وهذا أمر مؤلم ، في بلدي الدستور يعطني حق في التعبير عن رأيي والامن مكلف بحمايتي، حيث أن دولتي حمت حقي ودولة أخرى اعتقلني على هذا الحق.
هل تنصح النشطاء بعدم السفر إلى السعودية؟
لا أعتقد ذلك، خصوصا بعد الجهد المدني والحراك الذي صار عقب اعتقالي إعلاميا وحراكيا، قد يشكل حصانة إلى حد ما على كل الأردنيين الذين ممكن أي سلطة خارجية قد تفكر في الاعتقال.
ماذا كان شعورك وأنت بالسجن، هل فكرت انك سوف تخرج؟
شعوري بالمعاناة في الاعتقال خارج بلدي، والمعاناة التي لحقت بي ولأهلي، تحملني مسؤولية كبيرة لأردنيين يتجاوزون الألف وأربعمائة معتقلين في الخارج كثير منهم لا يتعرضون للمحاكمات، يجعلني أهتم أكثر بهذا الملف، وربما قضيتي فتحت الباب على ملف مهمل رسميا أو شعبيا، ربما نحتاج إلى مزيد من الاهتمام، وشعور سوف يتحول إلى تضامن مع أهالي المعتقلين، وسأكرس حياتي له في متابعته لأجل نيلهم الحرية في الخارج.
هل تفكر بخطوة مقاضاة للجانب السعودي؟
لقد عانيت كثيرا وأهلي وأصدقائي جراء الاعتقال، والظلم الذي وقع كبير، حقي تم اغتصابه من قبل السلطات المتسببة في الاعتقال، سأتشاور مع الاهل والاصدقاء في خطوة إجراء قانوني لرد الاعتبار فضلا عن الضغط الاعلامي والحراكي الذي سوف يشكل ضغطا على كل من يفكر في اعتقال أي أردني دون محاكمة.
ما الذي حملته معك بعد اعتقال دام 90 يوما؟
الشيء الذي يستحيل نسيانه بأني اعتقلت على خلفية مشاركة عمل سياسي يهدد المزرعة التي تسيطر عليها مجموعة من الأمراء والملوك ويجلعني التفكير بأن هموم الناس تشكل خطرا عليهم، علينا الانحياز للعامة، هذه الحرية حيث العدالة الاجتماعية أينما تذهب، هذا دائما أشعر به، لأني كنت من بين الشباب الذين ننادي بمحاربة الإفقار من خلال توزيع الثروات بعدل، سيبقى دائما في بالي ونفسيتي هذا الاعتقال.