حين تصبح البيئة المدرسية جرحا على أجساد طلبتها

حين تصبح البيئة المدرسية جرحا على أجساد طلبتها
الرابط المختصر

40% من المدارس الحكومية تعاني من سلبيات بمرافقها

كان لحادثة وفاة الطالب فراس الغرايبة متأثرا بجراحه بعد سقوط باب مدرسته عليه، وقع أليم في الشارع الأردني، الأمر الذي أعاد النقاش حول مدى توفر البيئة المدرسية الآمنة لطلبة المدارس.

 

وبنبرة لا يزال الحزن عالقا فيها على رحيل ابن شقيقه، يعرب عمّ الطالب فراس عن أسفه لعدم تجاوب إدارة المدرسة للمطالب المتكررة بإجراء الصيانة لمرافقها المختلفة، خاصة وأن شخصين قد تعرضا لإصابة إثر سقوط ذات الباب الذي أودى بحياة فراس.

 

ورحب ثائر الغرايبة بقرار مدعي عام الرمثا القاضي بتوقيف مدير المدرسة بعد توجيه تهمة الإهمال بحقه، آملا بأن تتم محاسبة كافة المخطئين والمتسببين بهذه الحادثة، التي تقدموا فيها بشكوى ضد كل من المدير ومديرية التربية ووزير التربية والتعليم.

 

إلا أن حادثة فراس، لم تكن الأخيرة في ملف مدى سلامة البيئة المدرسية، إذ فقدت الطالبة انتصار الدراوشة جزءا من أنفها،بعد سقوط مروحة في غرفتها الصفية، بمحافظة معان، إلى جانب إصابة 6 من زميلاتها.

 

ولا يكاد يمر عام دراسي إلا وتتعالى احتجاجات الطلبة وذويهم، على رداءة  البنية التحتية والمرافق الصحية خاصة في المدارس الحكومية، وانعكاس ذلك على سلامة الطلبة وصحتهم، وعزوف الكثير منهم عن استخدامها لسوء أوضاعها.

 

المواطن أحمد الهنداوي، يشكو مما تعانيه مدرسة ابنه من سوء البيئة الصحية، وما وصفه بتجاهل إدارة المدرسة لمتابعة نظافة خزانات المياه، ودورات المياه، رغم تقدمه للعديد من الشكاوي للمديرية التابعة لها، ولكن دون جدوى.

 

ويعرب الهنداوي قلقه المستمر على ابنه، من إصابته بأحد الأمراض المعدية، نتيجة اضطراره في بعض الأحيان لشرب المياه خلال دوامه المدرسي، واستخدامه لمرافقها الصحية.

 

وتقدر نسبة المدراس التي تعاني من السلبيات، بنحو 40 %، موزعة ما بين ملاحظات بسيطة ومتوسطة وخطيرة، وفقا لدراسات مديرية الصحة المدرسية في وزارة الصحة، التي يؤكد مديرها الدكتور خالد الخرابشة وجود مشاكل بيئية لدى العديد من المدارس، تتثمل بسوء البنية التحتية، وتلوث مياه الخزانات، ورداءة دورات المياه.

 

 

ويرجع الخرابشة ذلك إلى أعداد الطلبة المتزايد، واتباع بعض المدارس لنظام الفترتين، الأمر الذي يشكل ضغطا كبيرا على استخدام المرافق الصحية.

 

 

كما يتبع العديد من الطلبة سلوكيات خاطئة لدى استخدامهم لصنابير المياه والمرافق الصحية، ما يسبب بتلفها ويفاقم المشكلة، بحسب الخرابشة الذي يوضح بأن النظافة هي سلوك شخصي يعتمد على الطلبة بالدرجة الأولى، ومن ثم إدارة المدرسة.

 

 

ويلفت الخرابشة إلى وجود نقص بأعداد الأذنة لدى بعض المدارس، ما يزيد من مشكلة النظافة، خاصة وأن هناك مدارس تتبع نظام الفترتين، وهو ما يتطلب تخصيص أشخاص للاهتمام بنظافة المرافق بشكل مستمر دون انقطاع، مشيرا الى ان الوزارة قامت بمخاطبة وزارة التربية والتعليم لمعالجة هذه القضية.

 

 

من جانبه يقر الناطق الإعلامي باسم وزارة التربية وليد الجلاد، بوجود نقص بالأذنة في المدارس، مرجعا ذلك إلى الأخطاء الإدارية المتراكمة في الوزارة .

 

 

ويبلغ عدد الأذنة في سجلات الوزارة عشرة آلاف و600 آذان، أي ما يعني تغطية كل مدرسة من مدراس المملكة بما يقارب الـ300 آذن، إلا أن المشكلة تكمن بأن أغلبيتهم يتم تحويلهم إلى وظائف إدارية أخرى كمأمور مقسم، أو تصوير، أو كاتب.

 

 

ومن ضمن الإشكاليات التي تساهم بتراجع مستوى نظافة المرافق الصحية المدرسية، بحسب الخرابشة، ترهل المدارس المستأجرة رغم الصيانة الدورية لها، والتي يجب استبدالها بمبان حديثة تابعة للوزارة.

 

 

فيما يوضح الجلاد بأن الوزارة قامت خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ببناء ما يقارب 240 مدرسة، إضافة إلى استحداث 5 آلاف غرفة صفية، مشيرا إلى أن استمرار تدفق اللاجئين، شكل ضغطا كبيرا على تلك المدارس، مما يضطر الى استئجار مدارس أو تحويل بعضها إلى نظام الفترتين.

unnamed-2

unnamed-4

ويضيف بأن نحو 800 مدرسة من أصل 4 آلاف مدرسة حكومية، يتجاوز عمر بنائها الـ 50 عاما، الأمر الذي يتطلب إجراء صيانة دورية لها ولكافة المرافق الصحية والمداخل والمخارج والكهرباء، والنوافذ فيها.

 

 

وبحسب المادة 3 من اتفاقية حقوق الطفل، "تكفل الدول الأطراف أن تتقيد المؤسسات والإدارات والمرافق المسؤولة عن رعاية أو حماية الأطفال بالمعايير التي وضعتها السلطات المختصة، ولا سيما في مجالي السلامة والصحة".

 

 

التربية: دعوة لإجراء مسح حول واقع البنية التحتية للمدارس

 

 

وكانت وزارة التربية والتعليم، عممت على مديرياتها في الميدان بضرورة استكمال استعداداتها لاستقبال فصل الشتاء، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتوفير البيئة المدرسية الآمنة ومتطلبات السلامة العامة، وإجراء الصيانة اللازمة حرصاً على سلامة الطلبة والمعلمين.

 

 

ودعا الوزير الدكتور محمد الذنيبات، مديري التربية والتعليم إلى تشكيل فرق عمل ميدانية للاطلاع على واقع المدارس، وإجراء مسح شامل لاحتياجاتها من الصيانة والمعالجة اللازمة لها وتزويد الوزارة بتقارير مفصلة حول الحلول وآليات المعالجة.

 

 

ويؤكد الجلاد أن صيانة المدارس تعد من أوليات الوزارة ويتم التركيز عليها مع بدء كل عام دراسي جديد، مشيرا إلى أنها ستقدم  لمديريات التربية سلفا بقيمة 10 آلاف دينار لكل منها، وذلك لإجراء الصيانة الشاملة للمدارس التابعة لها، متوقعا صرفها قبل منتصف الشهر المقبل.

 

 

ويؤكد مدير مديرية الصحة المدرسية في وزارة الصحة خالد الخرابشة، أن الوزارة تعمل على مخاطبة كافة مديري التربية قبل بدء العام الدراسي، لإجراء الصيانة اللازمة لكافة مرافق المدارس، وتزويد الخزانات بمياه الشبكات ضمن المقاييس والفحوصات للتأكد من سلامتها، واستبدال الخزانات المهترئة لتجنب تسببها بالتلوث.

 

 

ويشدد على ضرورة صيانة الأبواب الداخلية والخارجية للمدارس كي لا تتكرر الحوادث الناتجة عن الإهمال وعدم المتابعة، إضافة إلى أهمية إجراء أعمال الصيانة الكهربائية،وتجنب ترك الأسلاك مكشوفة.

 

 

المدراس.. بيئة لانتقال العدوى

 

 

تكررت خلال السنوات الماضية الحوادث المؤسفة في أروقة المدارس، جراء إهمال بعض إداراتها لصيانة مرافقها، وتعرض بعض الطلبة لأمراض عديدة نتيجة التلوث البيئي.

 

 

ويؤكد الخبير التربوي الدكتور علي الحشكي على أهمية تمتع المدارس بالنظافة، حيث تعد جزءا هاما من البيئة المدرسية الآمنة، كما تضمن للطالب صحة بدنية ونفسية سليمة، مشيرا إلى ضرورة الاهتمام بمياه الشرب ونظافة دورات المياه لحاجة الطلبة لاستخدامها أثناء ساعات دوامهم المدرسي.

 

 

ويضيف الحشكي، بأن على إدارة المدرسة  تفقد خزاناتها وتعقيمها على مدار العام، لتجنب تعرض الطلبة للإصابة بأمراض المعدية، والتسمم، والطفيلات، لافتا إلى نقص حمامات المدارس مقارنة بأعداد الطلبة المتزايد.

 

 

هذه السلبيات التي تعاني منها المرافق الصحية، نفرت العديد من الطلبة عن استخدامها، ما يولد لديهم شعورا بعدم الرغبة بالتوجه للمدرسة نفسها باعتبارها بييئة طاردة للتعلم، بحسب الحشكي.

unnamed-1

 

 

هذا وأوصي المركز الوطني في التقرير السنوي الثاني عشر لحالة حقوق الإنسان لعام 2015، بضرورة تعزيز البنية التحتية للشبكة المدرسية بزيادة نسبة الإنفاق على التعليم قدر الإمكان؛ بغية إنشاء المزيد من المدارس، وإنهاء اعتماد المدارس المستأجرة ونظام الفترتين على نحو يلائم المجتمع، وضرورة العمل على مراقبة البنية التحتية الحكومية والخاصة في جميع المدارس، ورصد المخالفات في البناء المدرسي.

 

 

 

هذا التقرير أعُد ضمن مشروع “إنسان”

unnamed-3

أضف تعليقك