حول الاستراتيجية الحكومية لمواجهة التطرف
بعد عامين من إعلان حكومة عبد الله النسور السابقة عن إعداد استراتيجيتها لمحاربة التطرف، نشرت صحيفة الغد نصها الكامل نهاية الأسبوع الماضي، ما كان مجالا لإعادة قراءة بنودها، وسبب التأخر بالكشف عن تفاصيلها.
الكاتب فهد الخيطان، يرى أن هذه الاستراتيجية صممت لاحتواء تأثير الجماعات "المتطرفة" القائمة حاليا في سورية والعراق على الشباب الأردنيين، ومنع التحاقهم فيها قدر الإمكان، أي أنها جاءت كرد فعل على تحد طارئ؛ خارجي بالدرجة الأولى، يستدعي استجابة فورية.
أما مواجهة الفكر المتطرف على المستوى الداخلي، فيتطلب أولا، بحسب الخيطان، تعريفا دقيقا للمهمة، بوصفها جزءا أصيلا من عملية الإصلاح الشامل، لا خطة طوارئ عاجلةـ مؤكدا على أهمية الفصل بين المسارين الداخلي والخارجي.
ويشير الكاتب إلى أن "بضعة آلاف من الشبان الأردنيين التحقوا بملء إرادتهم بتنظيمات إرهابية خارج البلاد، ولم يمارسوا في غالبيتهم أية نشاطات إرهابية داخل الأردن، ودافعهم نصرة إخوانهم في سورية من بطش الحكم الطائفي"، موضحا أن العوامل التي أدت إلى تطرف هؤلاء، خارجية بالدرجة الأولى وليست داخلية.
فـ"الاستراتيجية الحكومية مكرّسة على ما يظهر من نصوصها إلى احتواء ظاهرة الالتحاق بتنظيمي داعش وجبهة النصرة في سورية، والحد من جاذبية أفكارهما على قطاعات الشباب.. أما إذا كانت مؤسسات الدولة تعتقد بأن هذه الاستراتيجية يمكن أن تحقق أهدافا أبعد من ذلك، فهي ستكون مخطئة"، بحسب الخيطان.
أما الكاتب باسم الطويسي، فيؤكد عدم وجود أي مبرر لحالة السرية والتقييد التي أحاطت بها حكومة النسور السابقة "الخطة الوطنية لمواجهة التطرف" ففيها جهد واضح وأفكار تقليدية في نفس الوقت ولا تتجاوز المسح على سطح هذه الظاهرة حيث لم تطرح أي فكرة اختراقية جديدة.
ويضيف الطويسي بأن "الخطة لا تتجاوز عملا بيروقراطيا تم مثل أي تعميم يصدر عن الرئاسة للوزارات والمؤسسات العامة"... وقد "حرمت الطريقة التي جعلت هذه الوثيقة سرية المجتمع من مناقشتها ونقدها أو دعمها، وفوتت فرصة إجراء مناقشة وطنية يستفيد منها صانع القرار ويبني على أساسها شرعية الإجراءات التي يتخذها".
فـ"الوثيقة الحالية فيها الكثير من الإنشاء الثقافي والسياسي الذي لا طائل منه، مثل الحديث الطويل عن تأصيل ونشر قيم التسامح والتعددية وقبول الآخرين، أو نشر ثقافة مجتمعية ديمقراطية ومدنية بدون وجود برامج تنفيذية واضحة وضمن إجراءات ومؤشرات قابلة للمراجعة والقياس".
ويشدد الكاتب على أن أي خطة لمواجهة ظواهر التطرف والردة الاجتماعية تحتاج قبل أي شيء الاعتراف الرسمي بوجود هذه الظاهرة وتحديد مصادرها وحدود انتشارها.
ويلفت الطويسي إلى وجود ثلاث شبكات تحتاج للتفكيك، وهي: الشبكة الاقتصادية الاجتماعية، والتي تعنى بالتمويل واقتصاديات صناعة التطرف، والشبكة السياسية الاجتماعية، والتي تعنى بنخب وقادة رأي وناشطين يشكلون حواضن للدعوة للتطرف، أما الشبكة الثالثة فهي الفكرية الثقافية الاجتماعية والتي تحتاج في مواجهتها إلى وضوح فكري وثقافي من الدولة بعيدا عن الغموض والمناورة.
فيما يذهب الكاتب فيصل ملكاوي إلى أن "ما حققه الأردن وافتقدته دول الربيع العربي، بالحفاظ على الأمن والاستقرار وصون حياة الناس والممتلكات العامة والخاصة، وبالتالي الحفاظ على هيبة الدولة، هي مكتسبات تشكل خطوطا حمراء.
ويؤكد ملكاوي على ضرورة عدم السماح بالمس بهذه الخطوط تحت أي طائل أو مبرر ومن أي كان، وهو ما يتم فعلا فتبقى الناس آمنة مطمئنة في أول المطاف ونهايته، فطريق خرق القانون، بلا عقاب، مغلق تماما في الأردن وينتهي حتما بقبضة العدالة.