حلم يذبل كل الصيف

حلم يذبل كل الصيف
الرابط المختصر

تسند سلمى (33 عاما) رأسها على كرسي نائب المدير لفرع احدى البنوك لتقلب صفحات الأصدقاء على "فيسبوك" فتجد صورا ليدين متشابكين بطريقة تظهر خاتم الخطوبة "الدبلة" على يد زميل جامعي وخطيبته، وتارة أخرى تقرأ أن صديقة ذهبت الى دول الخليج بعد أن تزوجت ستأتي وأولادها الى البلاد وستقضي وقتا طويلا للتحضير لعرس أختها الصغيرة.

يرن هاتفها " ألو .. .. هل تستطعين مشاركتي باختيار الورود اليوم؟" ترد سلمى " بعد انتهاء الدوام " تجيبها "وأريد أن تعطيني رأيك بالأبيض قبل الجميع ... لن أستشير حماتي لأنها تتدخل بجميع التفاصي"، تؤكد على رغيتها الشديدة بأن ترى فستان زقاف صديقتها قبل الاتفاق على الموعد وانهاء المكالمة.

تقول سلمى " تكثر أصوات الزمامير التي تنطلق من مواكب الأعراس في فصل الصيف، حينما كنت نهاية العشرينيات كان صوت الزمامير ودعوات الأفراح تستفزني لأحلم أن اوزع دعوة فرحي في الصيف المقبل، لكن بعد أن تجاوزت الثلاثين لم تعد تلك الأفراح تستفز أي مشاعر في داخلي ولم يعد حلم الفستان الأبيض يقفز الى ذهني كما سمعت زغرودة هنا أو رأيت قرينة تحمل طفلا هناك".

وتضيف " مازال أمل أمي وشغفها بأن ترى حفيدا لها مني يدفعني أن أفكر في قطار الزواج ويخلق هاجسا بأن يفوتني القطار دون أنجب طفلا لي وحفيدا لأمي".

يحاصر المجتمع الفتاة بعد الثلاثين بأسئلة وتعليقات تشعرها بأنها تعيش أو ستعيش حياة مأساوية ما لم تجد لها مكانا في القطار، والامثلة على تلك العبارات أوردتها بعدة مواقف، فتهامز وتغامز النساء في الجلسات النسائية وعبارة "ما شاء الله عليكِ لا ينقصكِ شيئا لماذا لم تتزوجي الى الآن" مختلف عن تلك العبارات من الزميلات في العمل "تأخري قليلا وساعدني بهذه المعاملة.. ماذا يضيرك ان تأخرتي فأنت لا عندك ولد ولا زوج".

في حين أن الأقارب عادة ما يرفقون حديثهم بعبارة "يجب أن تخففي شروطك على المتقدمين لخطبتك لتتزوجي وتنجبي مبكرا"، أما الزملاء في العمل وبعض الأصدقاء لا سيما الذين يصغرون سلمى سنا أو من يصعب الارتباط بهم يقولون لها " أين عيون الشباب عنك ، لو انه أكبرك عمرا ، لو اني عرفتك قبل أن أرتبط"

خرجت سلمى وصديقتها "العروس" لانتقاء ورودا تزين الطاولات، ولتتأكد أن مقاييس فستانها الابيض متناسبة و خطوط أنوثتها، لتطلق والدتها زغاريد تعلن للناس ان ابنتها عروس، وتتصور بدبلة انطلقت من يدها اليمنى الى اليسرى وبرقصة على أنغام أغنية هادئة تعد بحياة مليئة بالحب، بعد أن تكون استشارة سلمى بجمالية الأغنية ورومانسيتها.

وتظل بين نفس سلمى وبينها صوت حلم تتناقص وروده وأمل تضيق مقايسه كلما زاد عمر أنوثتها فصلا، وكلما هبت زغاريد الصيف ورأت في عيون أمها رجاء بأن تكون هي "العروس" القادمة، وتظل تدفن استفزارية أسئلة المجتمع المشفق عليه –كما وصفته- على الرغم من استقلاليتها المادية وجميع النجاحات العملية التي حققتها.