حكومة الطراونة.. جرد حساب
194 يوما مضت على تكليف فايز الطراونة برئاسة الحكومة خلفا لحكومة عون الخصاونة ، والتي استقالت في 26 من شهر نيسان من العام الحالي ، لتشتمل الحكومة الجديدة والتي حازت على ثقة 75 نائبا من اصل 110 على 30 وزيرا ووزيرة واحدة
حكومة الطراونة اثارت منذ توليها جدلا حول ادارتها لمختلف الملفات السياسية و الإقتصادية ، اضافة في تعاطيها مع الحراك الشعبي والشبابي .
اقرار قوانين "مرفوضة " شعبيا
أقر مجلس النواب في عهد حكومة الطراونة 6 قوانين اثارت جميعها جدلا واسعا لدى الشارع انتقل للنواب، كقانون الإنتخاب لعام 2012 و اقرار مشروع قانون الأحزاب لعام 2012 و اقرار مشروع قانون المحكمة الدستورية لعام 2012 ، والموافقة على 3 انظمة تتعلق بالهيئة المستقلة للإنتخابات .
كما اقرت الحكومة مشروع القانون المعدل لقانون الضريبة العامة على المبيعات لسنة 2012، فيما لم يكن اقرار قانون جوازات السفر الدبلوماسية أقل ضجة ، فأثار اقرار القانون احتجاجا واسعا على النواب والحكومة لما جاء في القانون من منح النواب والأعيان والوزراء جوازات سفر دبلوماسية مدى الحياة .
الصوت الواحد ، نقطة التأزيم الأولى
مشروع قانون الإنتخابات لسنة 2012 كان نقطة التأزيم الأولى وذلك بإقرار قانون يعطي للناخب صوت واحد للدائرة الإنتخابية المحلية وصوت ثان للقائمة على مستوى الوطن ، وتقسم المملكة بموجب النظام الى عدد من الدوائر الانتخابية المحلية يخصص لها 108 مقاعد نيابية. وبحسب القانون فان مجلس النواب القادم سيكون عدد اعضائه 150 نائبا بزياده 30 مقعدا عن المجلس الحالي.
بإقرار قانون الصوت الواحد ، بدأ التأزيم مع حكومة الطراونة ما اعتبرته المعارضة تراجعا للاصلاح في الاردن الى المربع الاول، حيث ضربت الحكومة بعرض الحائط كل الاصوات المطالبة بإصلاح قانون الانتخاب و اقرار قانون ديموقراطي حقيقي.
اثار القانون احتجاجا شعبيا واسعا بين الحراك الشعبي والحزبي ، بالأخص بعد حدة تصريحات الطراونة تجاه مقاطعي الإنتخابات اذ وجه في اولى تصريحاته رسالة للحركة الإسلامية حادة اللهجة حول موقفها من الإنتخابات، مشيرا الى ان قرار المقاطعة والمشاركة هو حق لأي جهة ، مطالبا الحركة بعدم التحريض على المقاطعة .
من جهتها طالبت العديد من الأحزاب اقالة حكومة الطراونة وتشكيل حكومة انقاذ وطني على رأسها حزب جبهة العمل الاسلامي الذي اعتبر ان حكومة الطراونة فشلت في إدارة شوؤن الوطن والمواطنين وعجزت عن مواجهة الأزمات الاقتصادية والسياسية والإجتماعية والصحية والتعليمية والثقافية والأدبية وتامين المناخ الآمن للمواطنين وساهمت في التستر على كل ملفات الفساد وتسبّبت بعجز كبير في الموازنات والمديونيات وتراجعت عن مزاعم الإصلاح، وخضعت لشروط المؤسسات النقدية الدولية
رفع الدعم عن المشتقات النفطية ، نقطة التأزيم الثانية
اتخذت حكومة الطراونة حزمة اجراءات فيما يتعلق بترشيد الانفاق، بالاضافة الى اتخاذ اجراءات ضريبية شملت بعضها سلع كمالية الى جانب رفع اسعار المشتقات النفطية لمادتي ( البنزين الخالي من الرصاص أوكتان 90 و 95 ) ورفع أسعار تعريفة الكهرباء، ما زاد من حدة الإنتقاد الشعبي لحكومة الطراونة ورفع لسقف الشعارات ، في الوقت الذي قدرت به تقارير صحفية حصيلة العائدات المتأتية جراء رفع اسعار المحروقات والكهرباء بحوالي ( 304 ) ملايين دينار .
تدخل الملك عبد الله الثاني ليوجه بتجميد قرار رفع أسعار المحروقات والذي كان قد اتخذه الطراونة - للمرة الثانية ، ليكون بمثابة "صفعة " في وجه حكومة " التأزيم " .
ولم يكن عام 2012 بمجملة يحمل الكثير من المنح والمساعدات المقدمة للأردن ، فيصف محللون لراديو البلد ان العام الحالي وحكومة الطراونة لم تحققا المنح المالية الكبيرة اذا ما قورنت بغيرها من الأعوام.
وشهدت حكومة الطراونة على توقيع اتفاقية مع صندوق النقد الدولي بموجبها يقدم الصندوق تسهيلات ائتمانية للأردن بقيمة ملياري دولار من اجل دعم الإقتصاد .بالإضافة الى اتفاقيات مع دول خليجية بمساعدات تاخذ شكل استثمارات بقيمة مليار دولار لمدة خمس سنوات .
تعيينات مستهجنة
شخصيات نيابية وشعبية عديدة طالبت الملك بتدخل ثان في قرارات الطراونة وذلك على حساب التعيينات التي قام بها مؤخرا ، عندما قام بتعيين ناديا الروابدة ابنة رئيس الوزراء الاسبق عبد الرؤوف الروابدة مديرا عاما للضمان الاجتماعي (بكالوريوس علم اجتماع) براتب شهري يبلغ 23 الف دينار اردني، بينما اتهم بتعيين صديقه الشخصي هنري العزام مديرا للوحدة الاستثمارية للضمان الاجتماعي.
كما تعين بركات الزبن (شقيق مشعل الزبن رئيس هيئة الاركان) امينا عاما للمجلس الاعلى للشباب،وتعيين محمد العبداللات (زوج ابنة رئيس مجلس النواب عبد الكريم الدغمي وهو موظف في وزارة الصحة )امينا عاما لوزارة التنمية الاجتماعية .
قانون مطبوعات ونشر وأزمة أخرى مع الإعلام
أما اقرار قانون المطبوعات والنشر المعدل لعام 2012 ، وصف بانه واحد من اسرع القوانين التي أقرت في عهد مجلس النواب ، بالرغم من احتجاجات واسعه على ما تضمن من بنود من حق حجب المواقع الإلكترونية بقرار قضائي وشروط ترخيص المواقع واعتبار التعليقات الواردة على المادة الصحفية جزء من مسؤوليات رئيس التحرير .
كان لإقرار قانون المطبوعات والنشر المعدل لعام 2012 اثره الكبير في رفع وتيرة الإحتجاجات، والذي يجده الوسط الصحفي مقيدا لحرية التعبير والرأي بينما بررته الحكومة على انه جاء ناظما لعمل المواقع الإلكترونية ، فنصب المحتجون خيمتهم المفتوحة ضد القانون رافضين العمل على اساسه حتى اللحظة .
احتجاجات الصحفين امتدت من تقديم بعض الإستقالات من مجلس نقابة الصحفيين احتجاجا على اهمال الجسم الصحفي ممثلا بنقابة الصحفيين من المشاورات حول القانون ، وصلت حد التهديد برفع قضية لدى محكمة العدل العليا للطعن بالقانون ، وسط عصيان لدى الوسط الصحفي عن ترخيص المواقع الإخبارية والعمل وفق القانون بالرغم من نفاذه بعد نشره في الجريدة الرسمية .
فيما اعتبر المعايطة ان قانون المطبوعات والنشر جاء لتنظيم عمل المواقع الإلكترونية ، مؤكدا ان ما احتج عليه الصحفيين من بنود في القانون يحمي وينظم العمل الصحفي ، معتبرا ان الصيغة التي اقرت تم التشاور بها مع الجسم الصحفي بالحكومة السابقة مع وزير الدولة لشؤون الإعلام والإتصال السابق راكان المجالي
سخط شعبي منذ ولادتها حتى رحيلها ...
شعبيا ، يلاحظ ان حكومة الطراونة منذ يومها الأول لم تلق ترحيبا لدى الشارع الأردني المحتج منذ عام ونصف ، وذلك ضمن احتجاجه على سياسية تعيين الحكومات من جهة ، الى جانب رفضه لشخصية الطراونة والتي عرفت للشارع بمحافظتها منذ تجربتها الأولى عام 1999 ، و تدل الهتافات التي اطلقت في بعض المسيرات الشعبية الى مدى السخط على حكومة فايز الطراونة ومنها ما ردده المشاركون في دوار الداخلية بعمان وفي باقي المحافظات .
ترحل حكومة الطراونة وفي سجون الدولة 20 معتقلا من ناشطي الحراكات الشعبية والشبابية كانت قد اعتقلتهم الأجهزة الأمنية خلال الشهرين المنصرمين ،يواجه معظمهم تهم تتعلق بمناهضة نظام الحكم واطالة اللسان والمس بكرامة الملك والتجمهر غير المشروع والحض على تغيير الدستور .وسط انكار معظم الناشطين لتلك التهم ورفض آخرين المثول امام محكمة أمن الدولة .وسط احتجاج شعبي واسع على التعاطي الأمني مع الحراك الشعبي والشبابي والذي طبقته حكومة الطراونة من خلال الإعتقالات الواسعه .
فيما صرّح وزير الدولة لشؤون الإعلام والإتصال سميح المعايطة في رده على تقرير لمنظمة هيومن رايتتس ووتش تنتقد الإعتقالات ، ان الاعتقالات المحدودة طالت عددا بسيطا ممن تجاوزا القوانين المعمول بها في المملكة.
وأضاف المعايطة في تصريحات لصحيفة “الدستور”،أن عمليات التوقيف ليس لها علاقة بحرية التعبير ولا بالحريات العامة وإنما بمن قام بالتجاوز على القوانين وهم قد أحيلوا الى القضاء ليأخذ مجراه
صيف حار على الطراونة مع نقص المياه
لم يكن الصيف الحار الذي مرّ على الاردنيين اقل حرارة على حكومة الطراونة ، اذ تفاقمت معها مشكلة نقص المياه التي عانى منها معظم الأردنيين ، فلم تستطع حكومة الطراونة ايجاد حلول لمشكلة المياه المتزايدة سنة بعد اخرى ، لتواجه اعلى نسبة احتجاج بين المواطنين اللذين لجأوا الى " تنكات " المياه المكلفة ماديا لسد حاجياتهم .
فلم تستطع حكومة الطراونة من ايجاد سبيل لتخفيف وطأة أحد أكبر التحديات التي تواجه الأردن ، الذي يصنف من ضمن قائمة اكثر 10 بلدان فقيرة في العالم .
حكومة الطراونة . . قرارات التأزيم ام مواقف شجاعة
بالرغم من ما اطلق على الطراونة من القاب اهمها " حكومة تأزيم" وهو اللقب الذي رفضه الطراونة خلال احدى جلسات مجلس الأعيان معتبرا ان الحكومة تحلف اليمين ولا ترحّل الملفات والحكومة واجهتها من باب المسؤولية التاريخية والوطنية وهي تجتهد بذلك ". الا ان العديد من الكتاب اطلق على الطراونة لقب "الشجاع" في بعض المقالات الصحفية ، وذلك لقدرته على اتخاذ قرارت جريئة امام الشارع الأردني كرفع الدعم عن المشتقات واقرار الصوت الواحد والمطبوعات والنشر .
فيما يحسب البعض للحكومة المستقيلة فضلها في حملات الغذاء والدواء على المطاعم ومحلات الأغذية والتي تم خلالها مخالفة العديد من المحلات ، فيما يذهب البعض بالإشادة الى ما قامت به الحكومة من منع للبسطات في شوارع وسط العاصمة وبعض المحافظات ، بالرغم من انتقاد البعض لتلك الخطوات.