حادثة السفارة ومصير طاقمها
ودع الأردنيون شهر تموز بحرارة أجوائه التي قد لا تكون على قدر بحرارة التطورات والأحداث التي شهدتها الساحة المحلية، فيما تستمر تداعيات حادثة السفارة الإسرائيلية ومصير طاقمها، مدار حديث العديد من الكتاب.
الكاتبة رنا الصباغ، تشير إلى أن الأردن الرسمي ينتظر نتائج تحقيق المخابرات العامة (الشاباك) مع قاتل الفتى محمد الجواودة والطبيب بشار الحمارنة، قبل أن يقرّر الخطوات السياسية والقانونية حيال مصير الطاقم الدبلوماسي الإسرائيلي واحتمال عودته إلى مقر السفارة.
وتضيف الصباغ "بإمكان الأردن الإصرار على تصنيف طاقم السفارة أفرادا "غير مرغوب فيهم" وعليه يجب استبداله بالكامل، ما سيأخذ أشهرا من الإجراءات الدبلوماسية والقانونية. وقد يسحب سفيره من تل أبيب ويخفّض مستوى تمثيله الدبلوماسي هناك، أو يعلّق بعض أوجه التعاون الثنائي والأمني.
فـ"من المهم إدراك أن العلاقات الأردنية-الاسرائيلية تتجه نحو مزيد من التصادم على عديد جبهات على المديين المتوسط والبعيد؛ بفعل صعود نفوذ قوى التطرف الديني في إسرائيل وممارسات تل أبيب تجاه دور الأردن في حماية المقدسات، وفوق تعدي إسرائيل السافر على مصالح الأردن العاليا".
وتخلص الكاتبة إلى القول "وسط هذه العواصف السياسية واهتزاز الأوضاع الداخلية على وقع حرائق الإقليم، يحتاج الأردن إلى تغييرات عميقة، بحيث تفرز فريقا حكوميا يملك رؤية ويرسم سياسات واستراتيجيات متكاملة. وكذلك إلى مجلس تشريعي قوي وقضاء قادر على ممارسة دوره باستقلالية تامة".
وبحسب الكاتب سائد كراجة، لم يكن للأردن إلا أن يتصرف كدولة، وأن يراعي القوانين والأعراف الدولية، ولكن في نفس الوقت كان على الحكومة أن تتصرف من واقع مهمتها الأساسية التي هي حماية حقوق الأفراد وحرياتهم، خصوصا حقهم في الحياة".
ويوضح كراجة أن موقف الحكومة القانوني يتطلب مجموعة من الإجراءات أهمها التحقق من تمتع المبعوث الدبلوماسي بالحصانة في وقت ارتكاب الجريمة ودرجة هذه الحصانة، وأن الحصانة التي يحملها تنسجم مع تعريف الدبلوماسي كما وردت في اتفاقية فيينا، وبعد كل هذا فإنْ ثبت لها أنه متمتع بالحصانة حسب القانون فلها أن تطلب رفع الحصانة والمطالبة بمحاكمته أمام القضاء الأردني.
أما من الناحية السياسية؛ فإن الحكومة لم تكن بمستوى الحدث، وقد أربكها إعلامياً وسياسياً وقانونياً، ولم يكن ليضيرها طلب تأخير سفر القاتل أياماً معدودة للتأكد من حقيقة الأمور، أو على الأقل لمحاولة عقد صفقة دبلوماسية شاملة تضمن الحفاظ على كرامة الأردنيين بشكل عام والضحايا بشكل خاص.
ويلفت الكاتب محمود الخطاطبة، إلى ما يصفه بالتخبط الحكومي في التعامل التي مر بها الأردن مؤخرا، مؤكدا أنم هذا التخبط كان واضحا في حادثة السفارة من خلال تصريحات المسؤولين المتضاربة حول مجرياتها.
ويتساءل الخطاطبة "لماذا لا يكون هناك أكثر من ضابط ارتباط، تكون مهمتهم التنسيق مع كبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين، سواء كانوا على رأس عملهم أو متقاعدين، والعمل على توضيح بوصلة الدولة إلى أين تتجه، في الأزمات والقضايا المصيرية والحساسة التي تؤثر على الوطن، حتى نضمن التنسيق مع المعنيين، وحتى أن لا يكون هناك أي ارتباك في التعامل مع تلك القضايا والأزمات".
أما الكاتب ماهر أبو طير، فيرجح عدم إمكانية اتخاذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأي إجراء عقابي ضد قاتل الأردنيين في السفارة، "فهو هنا، سوف يناقض نفسه، بعد ان احتفى بالقاتل، في سياقات رفع شعبيته، من جهة، وتأكيد ذات رسالة الحماية لاي رجل امن، او عسكري".
فـ"الأرجح اننا امام سيناريو محدد، يقول ان اسرائيل سوف تفصل بين الاردنيين الاثنين في الحادثة، عبر التأكيد على ان الاول، حاول استعمال اداة حادة لايذاء او قتل عنصر الامن الاسرائيلي، الذي كان في وضعية الدفاع عن النفس، وان كان بشكل مبالغ فيه، وكان ممكنا ايقافه، بدلا من قتله، فيما ستقر اسرائيل بحقيقة مقتل الثاني، خلال الاشتباك، وبشكل خاطئ، ودون تعمد، جراء اطلاق النيران".
ومعنى الكلام، يضيف أبو طير، ان اسرائيل ستلجأ الى مبدأ تقسيط المسؤولية، وتصنيفها بثلاث درجات، دون ان تتحمل المسؤولية بشكل عام، وبحيث تهرب الى التعويض المالي، او اعفاء عنصر الامن من مهامه، في الحد الاعلى، مع الضغط على الاردن، عبر عواصم ودول، من اجل قبول هذا الشكل، من ادارة الازمة، واعادة السفيرة وطاقمها.