"تعيينات الضمان" هل تكرس مقولة (ابن الحراث حراث وابن الوزير وزير)

"تعيينات الضمان" هل تكرس مقولة (ابن الحراث حراث وابن الوزير وزير)
الرابط المختصر

"يعتبر موضوع التعيينات في المواقع الحكومية وبخاصة المناصب العليا من أكثر المواضيع التي يتم التطرق إليها عند الحديث عن الواسطة والمحسوبية". يقول الملك عبد الله الثاني في ورقته النقاشية السادسة.

 

ولم يرق تدوير المناصب للحراك الأردني المطالب بالإصلاح؛ فقد شهدت المملكة على مدار سنوات الماضية حراكا يطالب بعدة مطالب منها "وقف عملية تدوير المناصب التي شهدتها بعض المؤسسات"، معتبرين ذلك "احتكارا للسلطة"، الا أن السياسية الحكومية في التعيينات العليا لم تتغير.

 

اذ اثار قرار مجلس الوزراء الأخير بتعيين أربعة أعضاء جدد في مجلس صندوق استثمار أموال الضمان من ابناء رؤساء وزارات ووزراء وسفراء استياء على مواقع التواصل الاجتماعي، واعاد الجدل من جديد حول "توريث المناصب في الأردن".

 

وشهدت السنوات الأخيرة ممارسات وتجاوزات حكومية، وخرقت حكومات نظام  (التعيين على الوظائف القيادية لسنة 2013) الذي نص على ان الوظيفية القيادية او الوظيفة العليا في مادته الثانية على أنها اي وظيفة من وظائف المجموعة الثانية من الفئة العليا او ما في حكمها الواردة في نظام الخدمة المدنية واي وظيفة يتم التعيين عليها بقرار من المجلس ويقرر شمولها باحكام هذا النظام.

 

تعيينات افرد لها الملك عبد الله الثاني جزاء من ورقته النقاشية التي تطرق بها الى الدولة المدنية، منتقدا الواسطة والمحسوبية في التوظيف "تجاوزا على مؤسساتنا وإثقالا لها وللمواطن بموظفين غير أكفياء وتجريدا وحرمانا لها من الكفاءات والقيادات التي تساهم بالارتقاء بها والنهوض بعملها في خدمة الوطن والمواطن. وهنا، لا بد من الالتزام بمبدأ الكفاءة والجدارة كمعيار أساس ووحيد  للتعيينات".

 

 

 

ويبدو أن ممارسات الحكومة "في التعيين" لم ترتق للأخذ بالتوجيه الملكي في التعينات الأخيرة التي أثارت حفيظة المواطنين وبدا الإمتعاظ واضحاً عبر مواقع التواصل الإجتماعي.

 

 

حيث عين مجلس الوزراء أول من أمس أربعة أعضاء جدد في مجلس إدارة صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، وهم كل من  "قيس محافظة، سهل دودين، شادي المجالي ورياض الطويل".

 

 

تعيين ووجه بتساؤلات تتكرر كلما أعيد سيناريو التعيين، حيث طرحت علا السواعي سؤالها "هل هناك أسس للتعيين في صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي ؟ إذا كانت الإجابة نعم، ألا يمكن الطعن بالقرار قضائيا بدل من الاحتجاج فيسبوكيا كالمعتاد" ؟

 

 

نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق قال على صفحته على الفيس بوك "لماذا لا يطالب نواب الشعب بقانون ينتخب فيه الشعب أعضاء مجلس إدارة صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي ؟ التي هي  "أموال الشعب".

 

 

بينما ذهب النائب الأسبق وصفي الرواشدة للتحذير من التنظيم الأشد خطرا على الأردنيين، مسمياً هذا التنظيم بـ "لاطش وداحش"، الذي أكل الأخضر واليابس ويجلدكم كل يوم بضريبة ، ويستمر بـ "تنفيعات وتوريث المناصب لأولاد زمرة الفساد وكأن الأردنيات عقيمات ولا يلدن".

 

 

ويقرأ المراقبون في استمرار "الصمت الحكومي"، وعدم التوضيح في ملف التعينات، مجانبة لمعايير الشفافية والنزاهة.

 

 

يقول مدير مركز هوية وتحالف نزاهة محمد الحسيني لـ "عمان نت" إن من حق الناس أن تغضب، وذلك طبيعي، ليس للتعيين الأخير فقط، وإنما لعدم وجود آلية واضحة ومعلنة للتعيين في المناصب العليا في الدولة".

 

 

"وهناك خلل"، ربما لا يكون في الذوات الذين تم تعينهم وأنهم كفاءات قادرة على أداء مهماتها، يظهر هذا الخلل بحسب الحسيني بأنه حتى وإن لم يكن التعيين من خلال ديوان الخدمة المدنية، فعلى الأقل يمكن أن يتم الإعلان عن الوظيفة، يتضمن الشاغل والمهام والمؤهلات المطلوبة، ثم تنشر أسماء المتقدمين بالطلبات وسيرهم الذاتية، ثم تنشر أسماء من وقع عليهم الإختيار مرفقا بمبررات هذا الإجراء.

 

 

وتمثل هذه الحلقة المتكاملة من الإجراءات "سدا منيعا" أمام فقدان الثقة بالقرار الحكومي، وتمكينا لمبادئ النزاهة والشفافية والمحاسبة.

 

 

وتلعب عوامل "الشفافية، وسيادة القانون، والقابلية للمسائلة والرقابة بأنواعها الشعبية والنيابية والإعلامية" دورا مهما في تحقيق حالة التوافق الرسمي والشعبي، بحسب الحسيني.

 

 

أمين عام ديوان الخدمة المدنية سامح الناصر أوضح لوسائل اعلامية حول التعينات الأخيرة "بان تعينهم جاء وفقا لآلية الإستقطاب المباشر، التي تستخدمها الهيئات المستقلة بتوجيه من رئيس مجلس الإدارة إلى رئيس الحكومة".

 

 

فيما سمحت تعليمات نظام تعيين الوظائف القيادية لعام 2013 وتعديلاته وفقا للمادة 9/ب، بإختيار الأمناء العامين ومن بسويتهم في الهيئات المستقلة لمجلس الوزراء بإستقطابهم مباشرة وفق مبررات وحاجات العيين، دون الإلتزام ببنود النظام.

 

 

ويرى الحسيني بأن هناك مسؤولية في الرقابة القانونية على النظام ومنفذه، وتعديله، إلاّ أن النواب "للأسف يعانون من ضعف في قدراتهم التشريعية ومراعاتهم لتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة في صياغة القوانين"، ويدعو لسماحهم وسعيهم للحرص على مساندة مؤسسات المجتمع المدني لهم.

 

 

ويتسائل "كيف يمكن لنائب وصل تحت القبة بضغط القوة المصلحية، والعشائرية، والمناطقية أن يمارس دوره الرقابي والتشريعي بكفاءة، وجل ما يقوم به، رجاء الوزارت لتنفيذ مطالبه الخدمية ؟"

 

 

نهاية القول، "إن منسوب التزام الحكومة بمؤسساتها وهيئاتها المختلفة بتوجيهات الورقة النقاشية لتمكين الشفافية والنزاهة والوقوف في وجه الواسطة والمحسوبية، لا يمكن وضعه في سلّة واحدة".

 

 

فهناك مؤسسات بدأت بصياغة أنظمتها وتوجهاتها نحو هذه المبادئ ومنها ما زال متمسكا بعمله البيروقراطي المعتاد، ويرجع الحسيني ذلك إلى "شخصية الوزير والمسؤول الأعلى في المؤسسة"، فإذا كان منفتحا ومتفهماً لضرورة تطبيق هذه المبادئ كانت العلاقة جيدة والثقة موجودة، والعكس صحيح. إضافة إلى ضرورة "تفعيل وحدات الرقابة الداخلية، وضمان استقلاليتها، وإنفاذ توصياتها".

 

 

و فتحت هذه التعيينات الجدل حول توريث المناصب في الأردن: وتسري مقولة مشهورة في الأردن مفادها أن "ابن الحراث حراث، وابن الوزير وزير" وأخرى أن "المسؤول الأردني لا يفنى إنما يستحدث من جديد"، في إشارة إلى توريث المناصب في الأردن وتدويرها بين طبقة محددة، حيث شغلت عائلات (الأب والأبن والجد) مناصب وزارية، بينما تقلبت شخصيات من منصب لآخر في وقت قياسي.

 

يأتي هذا التقرير ضمن مشروع "انسان"