تعرف على قصة مدافع أردني عن الأشخاص ذوي الاعاقة (فيديو)

تعرف على قصة مدافع أردني عن الأشخاص ذوي الاعاقة (فيديو)
الرابط المختصر

من رحم المعاناة ورغم وطأة الفقر والبطالة ونظرة المجتمع، يوقد المدرب الأردني فادي الشوح الصقور شعلة أمل للاشخاص ذوي الإعاقة في مخيم الحصن للاجئين الفلسطينيين في اربد (شمال العاصمة عمان)، بعد أن حول منزلا متواضعا بإمكانيات تكاد معدومة الى نادٍ رياضي لتدريب هذه الفئة المستضعفة على فنون الدفاع عن النفس مجانا.

لم يقف الكابتن الصقور (عضو الاتحاد الأردني للكيك بوكسنج) مكتوف الأيدي أمام اعتداءات جسدية ونفسية تعرض لها الأشخاص ذوي الإعاقة من قبل أفراد في المجتمع وانتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، اعتداءات دفعته لتدريب الأشخاص ذوي الإعاقة على فنون الدفاع عن النفس بهدف حمايتهم وتعزيز الثقة بأنفسهم بعد أن تحولوا مادة للسخرية. كما يقول لـ"عربي21".

بدأ الصقور العمل على تدريب هذه الفئة بشكل رسمي عام 2016 عندما أسس مركزا أطلق عليه "سواعد النشامي" في منزل متآكل داخل المخيم، مستخدما أدوات بدائية جدا اغلبها قام بتصميمها من خلال لحام قطعا حديدية وتحويلها لأجهزة تدريب.

ويغلظ قانون العقوبات الأردني في تعديلاته الأخيرة العقوبة على من ارتكب عنفا أو جريمة بحق الأشخاص ذوي الإعاقة، بينما عرف قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2017 العنف ضد هذه الفئة في المادة الثالثة منه بأن "عنفاً كل فعل أو امتناع من شأنه حرمان الشخص ذي الإعاقة من حق أو حرية ما، أو تقييد ممارسته لأي منهما، أو إلحاق الأذى الجسدي أو العقلي أو النفسي به على أساس الإعاقة أو بسببها".

ويشير تقرير أطلقه المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعاقين أن نسبة انتشار الإعاقة في الأردن هي13.1 % من عدد السكان.

ولمواجهة هذا العنف، تمكن الصقور من تأسيس فريق للكيك بوكسنج مكون من 8 أطفال جميعهم من الصم والبكم، إلى جانب لاعب محترف مصاب بمتلازمة داون، خاضوا جميعا تجربة المشاركة في بطولة عالمية في اليونان لأول مرة بتاريخ العالم، يحصل فيها أشخاص ذوي إعاقة على ميداليات ذهبية في فنون قتالية.

يقول لـ"عربي21"، "لدينا في النادي 20 طفلا من ذوي الإعاقة، والأيتام والحالات الإنسانية ، من الفئة العمرية ما بين عمر ثلاث سنوات حتى عمر واحد وثلاثين سنة، تتنوع إعاقاتهم بين تشوه خلقي وصم وبكم ومتلازمة داون، نقوم بالنادي بتصميم تدريبات خاصة تتناسب مع كل حالة إعاقة حسب نوعها وشدتها".

ويقطن في مخيم الحصن ما يقارب 60 ألف نسمة في مساحة لا تتجاوز 0.77 كيلو متر مربع، ويتواجد داخل المخيم أكثر من 100 حالة اعاقة يتم رعايتها في مركز تابعة لوكالة الغوث، ويعاني المخيم من مشاكل اقتصادية إذ أن حوالي 3 من كل 4 مساكن ليست ملائمة للعيش بسبب مشاكل هيكلية. حسب موقع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

 

ومن هذه المساكن ما خصصه الكابتن فادي الصقور ليكون ناديا للتدريب، اذ يفتقر النادي إلى المواد والأجهزة الرياضية بالإضافة إلى تدني البيئة الصحية بسبب انتشار الرطوبة، إلى جانب افتقاره للدعم من قبل الجهات الخاصة والرسمية.

ورغم الظروف الصعبة والإمكانيات المحدودة، استطاع أن يحقق الكابتن الصقور انجازا عربيا، عندم حصد الطفل أشرف البقيعي "أبوعزيز" ميدالية ذهبية في بطولة أثينا للألعاب القتالية عام 2016،  وقابل اللاعب الأردني  أشرف أبو عزيز المصاب بمتلازمة داون اللاعب بطل اليونان في مباراة استعراضية الى جانب مباراة اخرى مع بطل لبنان حيث كسب البطل ابوعزيز كأس البطولة، كونه اللاعب الوحيد الذي مثل هذه الفئة في البطولة.

ليعود في عام 2017، إلى بطولة أخرى في اليونان ومعه 8 لاعبين من الصم والبكم في بطولة لرياضة (الكيك بوكسنج) ويحرز أيضا الميدالية الذهبية، بعد دعوة من رئيس الاتحاد الدولي لمدربي الألعاب والفنون القتالية حسان البيطار.

انجازات دفعت عائلات من المخيم لتغيير نظرتها تجاه أبنائهم من الأشخاص ذوي الإعاقة، وعبرت عائلات في حديث لـ"عربي21" عن سعادتها "للتغيير الملموس على ثقة أبنائهم في أنفسهم بعد ممارسة رياضات قتالية جنبا إلى جنب مع أطفال سليمين".

ولا تعترف المملكة أو دول أخرى بإمكانية ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة للألعاب القتالية، و تقتصر رياضة الأشخاص ذوي الاعاقة على الاتحاد الأردني لرياضة المعوقين الذي تأسس عام 1981، والذي يشمل رياضات مثل مسابقة الكراسي المتحركة وكرة الطاولة ورفع الأثقال ورمي الكرة الحديدية والعاب القوى.

الا أن الكابتن الصقور يدعو إلى التفكير مجددا في أهمية دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في الرياضات القتالية، بعد أن أثبتوا قدرتهم على خوضها في بطولات عالمية.

غياب الاهتمام الرسمي

الناشط في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رامي زلوم، يقول لـ "عربي21" إن "الانتهاكات من قبل بعض الأفراد في المجتمع بحق هذه الفئة مازلت منتشرة، وخصوصا النظرة المجتمعية"، مؤكدا على أهمية انخراط الأشخاص ذوي الإعاقة في رياضات الدفاع عن النفس ضروري لتعزيز ثقته في نفسه، مع أهمية تعزيز ثقة الأطفال في المجتمع".

منتقدا غياب الاهتمام الرسمي في متابعة الاعتداءات التي تقع على الأشخاص ذوي الإعاقة، يقول "لا يوجد محاسبة صارمة للأشخاص المنتهكين رغم تشديد العقوبة في القانون".

مبينا "غياب الدعم للرياضات المتعلقة بالأشخاص ذوي الاعاقة، وحصر جميع رياضات هذه الفئة في اتحاد واحد وبميزانية واحدة، على عكس الاتحادات الأخرى التي يخصص لكل رياضة مستقلة اتحاد مستقل، مثل اتحاد كرة السلة، واتحاد كرة القدم".

يحاول الكابتن الصقور بما تيسر له من امكانيات متواضعة، دعم الأشخاص ذوي الاعاقة نفسيا وتعزيز ثقتهم في أنفسهم، إلا أن شح الإمكانيات ليست التحدي الوحيد، يواجه الصقور تحديات أخرى تتعلق بنظرة المجتمع الى هذه الفئة، الى جانب غياب التوعية في صفوف عائلات الأشخاص ذوي الإعاقة بضرورة دمجهم في المجتمع.

أضف تعليقك