تشكيل الحكومة يُبخر وعودا ملكية بحكومة برلمانية‎

تشكيل الحكومة يُبخر وعودا ملكية بحكومة برلمانية‎
الرابط المختصر

أغلق تشكيل الحكومة الأردنية برئاسة هاني الملقي، الأربعاء الماضي، الباب مبكرا أمام "الحكومة البرلمانية" التي وعد بها الملك عبدالله الثاني في أوراقه النقاشية لعملية الإصلاح، كأساس للعملية الديمقراطية وشكل النظام السياسي المستقبلي في الأردن، بحسب محللين ومراقبين.

وأعاد العاهل الأردني تكليف الملقي بتشكيل حكومته قبيل انعقاد الدورة العادية للبرلمان الذي انتخب في 20 أيلول/ سبتمبر الماضي، ولم يجر الرئيس أي مشاورات مع أعضاء مجلس النواب حول التعديل الوزاري الأخير، كما أكد عدد من النواب لـ"عربي21".

وقام الملقي بنسخ حكومته الأولى -التي ورث أغلب أعضائها من حكومة النسور-  بعدما حافظ على 22 وزيرا من أصل 29 في التشكيل الأخير، بالإضافة إلى التزامه بطابع "التكنوقراط"، والإبقاء على وزراء عابرين للحكومات، كوزير الخارجية ناصر جودة (مكرر سبع مرات)، واستحداث وزارات تحمل المهام نفسها، كوزارة الشؤون الخارجية التي كلف بها بشر الخصاونة، ووزارة الشؤون الاقتصادية التي كلف بها يوسف منصور، مع الإبقاء على وزارة الاقتصاد التي يحمل حقيبتها جواد العناني.

وكانت مفاجأة التشكيل؛ خروج وزير النقل مالك حداد من الحكومة، بعد رجوع هذه الأخيرة إلى ملفه القضائي، واكتشافها ارتكابه جريمة قتل في ثمانينيات القرن الماضي، ما دفعه إلى تقديم استقالته بعد يوم واحد من التشكيل، ليبقى مقعده فارغا حتى لحظة  نشر هذا التقرير.

الإسلاميون يحشدون للمستقبل

ولم يفقد هذا التشكيل التقليدي للحكومة؛ رغبة نواب بالمشاركة مستقبلا في تشكيل الحكومات وبرنامجها. وترى الناطقة باسم كتلة الإصلاح البرلمانية ذات الأغلبية الإسلامية (15 نائبا) ديما طهبوب، أن "الأولوية الآن لتشكيل كتلة برلمانية قوية، تقدم أداء قويا في مجلس النواب، حتى تزيد القناعة بأهمية الحكومة البرلمانية".

وقالت طهبوب " إن رئيس الحكومة لم يشاور كتلتهم في التشكيل الجديد، إلا أنها تعتقد أن ذلك قد يتحقق بعد تشكيل الكتلة القوية في البرلمان، "لتأتي المرحلة التالية المتمثلة بالانتقال والتطور السياسي تدريجيا، وصولا إلى تنفيذ رؤية الملك في الأوراق النقاشية بتشكيل حكومة برلمانية".

بدوره؛ قال مصدر حكومي " إن "الحكومة تشكلت قبل انعقاد مجلس النواب، وخطابات الثقة التي تقدمها الحكومة للنواب؛ هي مثال حي للمشاورات على البرنامج".

الانتخابات الأمريكية

من جانبه؛ قال المحلل السياسي عمر كُلاب، إن فكرة الحكومة البرلمانية في الأردن ألغيت قبل شهرين من إجراء الانتخابات؛ بعد صدور تصريحات وتلميحات بضعف البنية الحزبية، لتعود آلية تشكيل الحكومات بصورتها التقليدية، وهي أن يكلف الملك رئيسا يختار أغلبية الطاقم الوزاري، ويفرض عليه بعض الوزراء.

وحول ازدواجية الحقائب الوزارية في حكومة الملقي؛ أوضح كُلاب" أن "القرار كان متخذا بإزالة وزراء عابرين للحكومات، وكانت ثمة رؤية لضرورة التغيير، لكن هذا الأمر ألغي وتم الانقلاب عليه"، مشيرا إلى أن "تسريبا جرى قبل يومين من تشكيل الحكومة، كشف عن رحيل أربعة وزراء، لكنّ ثمة شيئا مريبا حدث، وأعتقد أن من عُين وزيرا للدولة للشؤون الخارجية؛ كان هو وزيرا للخارجية، ومن عُين وزيرا للدولة لشؤون الاقتصاد؛ كان هو وزير الاقتصاد".

وربط كُلاب بين تأجيل العاهل الأردني انعقاد مجلس الأمة للسابع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، وبين انتظار اتضاح الرؤية حول هوية رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، قائلا: "نعلق كل مستقبلنا السياسي على الانتخابات الأمريكية، وهذا متغير مهم، وإلا فما المغزى من تأجيل الدورة العادية لمجلس الأمة 40 يوما؟".

وكان محللون أكدوا سابقا لـ"عربي21" أن الأردن يفضل فوز الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تخوفا من ضغوطات قد يمارسها الديمقراطيون على الأردن باتجاه القيام بمزيد من الإصلاحات السياسية.

تاريخيا؛ لم تشهد الحياة السياسية الأردنية ولادة حكومة من رحم البرلمان؛ إلا في عام 1956 عندما فاز الحزب الوطني الاشتراكي بأكثر المقاعد الحزبية في مجلس النواب، وعندها كلف الملك الراحل الحسين بن طلال، أمينَ عام الحزب الوطني الاشتراكي سليمان النابلسي، بتشكيل الحكومة التي لم تدم سوى ستة أشهر. عربي 21