بائع التمر هندي بالزرقاء.. متعة للناظرين ولذة للشاربين

بائع التمر هندي بالزرقاء.. متعة للناظرين ولذة للشاربين
الرابط المختصر

عاد الدفء، وعاد معه رنين صاجات النحاس للتردد بين جنبات المجمع القديم في الزرقاء لافتا انتباه العابرين إلى بائع التمر هندي "بسام أبو محمد" بهيئته التي لا أقل من أن توصف بالتحفة الفنية.

 

ولطالما وجد الكثيرون متعة في النظر إلى أبو محمد بشرواله وسِترته السوداوين والمطرزتين بخيوط زاهية، وبطربوشه الأحمر المهدب وبجرته النحاسية الضخمة التي يثبّتها على ظهره بسيور وأحزمة غليظة، وترتفع فوق رأسه كما المئذنة.

 

كما أن حركاته الرشيقة والمحسوبة خلال البيع لا تقل إمتاعا، حيث تجده يلتقط أحد الأقداح بخفة من إزار يلف به خصره ويدنيه من فم الجرة المتدلي من تحت إبطه وينحني حتى يملأه ثم يرفعه من عقبه بثلاثة أصابع ويناوله لصاحب النصيب.

 

وأغلب ما في جعبة أبي محمد هي أقداح الورق المقوى، ولكنه يحتفظ في نفس الوقت بأكواب زجاجية لمن لا يزالون يفضلون تناول التمر هندي فيها، وهو عادة يغسلها بطريقة فنية قبل إعادتها إلى إزاره، مستعينا على ذلك بزمزمية ماء صغيرة.

 

ويقول الرجل الذي يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 13 عاما إنه أخذها عن بعض أنسبائه من "عائلة أبو طافش" التي ينتمي إليها نحو نصف باعة التمر هندي في الزرقاء، والذين يصل عددهم إلى 15 بائعا.

 

ويمتد يوم عمل أبو محمد إلى ما معدله سبع ساعات يمضيها جائلا في أركان المجمع وكذلك أطراف الحي التجاري المجاور.

 

ويقول "الحمد لله يزيد الإقبال كلما اشتد الحر، وقد نبيع في اليوم الواحد نحو 70 كوبا من التمر هندي"، موضحا أنهم يصنعون هذا الشراب من "أصنصات يضاف إليها الماء والسكر بمقادير محددة حتى تتخذ اللون والطعم المطلوبين".

 

وحول زيه المميز، بيّن أبو محمد أنهم كانوا يجلبونه سابقا من سوريا، ولكن بسبب أحوال الحرب هناك، فقد باتوا يعتمدون الآن على المخايط المحلية في تفصيله.

 

خالد أبو طافش الذي يعمل في المهنة منذ ثلاثين عاما ويتخذ منطقة عمله عند سكة الحديد وسوق البالة، قال إنه أخذ الصنعة عن أبيه الذي تعلمها بدوره عن بعض أصحابه، موضحا أن نحو سبعة أفراد من العائلة وأنسبائها ينشطون في هذا المجال.

 

وأضاف، أن مهنته لا تتطلب ترخيصا أو شهادة صحية، ولكن ذلك يصبح ضروريا عند تحوله إلى بيع القشطة والكريزة على عربة متجولة خلال الشتاء حيث يتراجع الطلب على التمر هندي.

 

ويشير أبو طافش إلى أن عمله يتوقف خلال رمضان أيضا، حيث يقبل الناس على التمر هندي الطبيعي الذي يوضع مع الثلج في أوعية كبيرة من "الستينلس" ويستخدم كوب في غرفه وتعبئته في أكياس بلاستيكية.

 

ويصل وزن الجرة التي يكابد عناء حملها على ظهره مدة سبع ساعات يوميا إلى نحو 30 كيلو غراما ممتلئة، مبينا إنه يدخل في صنعها مادة عازلة لحفظ التمر هندي باردا، وهي تأتي في لونين نحاسي أو فضي وتباع في عمان بنحو 120 دينارا.

 

و يفصلها عن ظهره بوسادة اتقاء لبرودتها ومنعا لاحتكاكها بجسده والذي يصبح مؤلما مع طول أمد حملها.

 

ويصف أبو طافش حمل الجرة بانه "مرهق جدا"، لكنه يقول برضا "هذه رزقة الأولاد والحمد لله"، مؤكدا أنه لا يفكر بتوريث المهنة لأبنائه لأنها "صعبة جدا".

 

وإلى جانب كونه مشروبا منعشا ومطفئا للعطش، فإن بعض الدراسات تتحدث عن أن التمر هندي يحوي مضادات حيوية قادرة على إبادة الكثير من السلالات البكتيرية الضارة، كما أنه مليّن للأمعاء ومضاد للحموضة وملطف وخافض للحرارة.

 

أضف تعليقك