انتخابات الفيفا.. لعبة السياسة في مربع الرياضة
ضجت أعمدة الرأي في كافة الصحف اليومية صباح الأحد، بمقالات لمختلف الكتاب، في قراءة لنتائج انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، وعودة الرئيس الحالي جوزيف بلاتر، بعد انسحاب الأمير علي بن الحسين، في ظل عاصفة الاتهامات بالفساد التي طالت قيادات بالاتحاد.
ويعتبر الكاتب باسم الطويسي، هذا الحدث نادرة قليلاً ما تتكرر، يظهر فيها الفرز بين الوضوح الأخلاقي والفساد، وأن رياضة كرة القدم لعبة سياسية بالدرجة الأولى.
ويشير الطويسي إلى أن المهم للأردنيين يتمثل بالدلالات والآثار السياسية لهذه الانتخابات، "فإن ما حققه الأمير ومن خلفه الأردن بأكمله يستحق التقدير والاعتزاز، أن تحشد 73 دولة وسط هذا التنافس الحاد عملية ليست سهلة على دولة مثل الأردن مقابل امبراطورية بلاتر".
فقد "اختلط الحابل بالنابل في زلزال الفساد ،عشية انتخابات رئاسة الاتحاد، وتداخلت الرياضة والسياسة والمال بالعلاقات الشخصية، في تفسير توقيت الإعلان عن الفضيحة، وكانت نظرية المؤامرة حاضرة بقوة"، بحسب الكاتب أحمد ذيبان.
ويرى الكاتب عريب الرنتاوي، فيصف ما جرى بـ"الحرب الباردة"، لافتا إلى المفاجأة بقيام الولايات المتحدة بإثارة قضية الفساد في "الفيفا"، الذي "يزكم الأنوف ليس الآن، وإنما منذ سنوات طوال"، الأمر الذي دفع قادة الكرملين الروس للتعبير عن خشيتهم من “مؤامرة” أمريكية هدفها “تشليح” موسكو “شرف استضافة “مونديال 2018”.
ويؤكد الرنتاوي بأن فوز بلاتر لا يعود لقدراته الخارقة أو “سحر” شخصيته الكارزمية، فـ"المعركة تخطت الرياضة إلى السياسة، وهنا يصبح استخدام كل أنواع السلاح، من الابتزاز إلى الإغراء، أمراً مشروعاً بالنسبة للأطراف المتضررة من رحيله".
أما الكاتب محمد عبد القادر، فيلفت إلى ما كان يجب من تأجيل للانتخابات كما طالب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم وعلى رأسه ميشيل بلاتيني، "حتى تنقشع هذه الغمامة وتظهر نتائج التحقيق ويصحو العالم من هذه الصدمة الصاعقة والنكسة الكروية الكبيرة المدوية، ولكي تكون الصورة واضحة أمام المسؤولين عن الاتحادات الكروية في العالم".
ويذهب الكاتب مهند مبيضين، إلى أن العالم خذل نفسه نفسه في انتخابات الفيفا، حيث "جدد للفساد والرشوة، وأدار ظهره للشرف والكبرياء، جدد للعجوز والبؤس والوعود الفارغة، في مقابل الشباب والحيوية، لكنها الحياة، ولعبة السياسة والنفط والانتخابات التي لا ضامن لها".
خذلان عربي
وكان عنوان "الخذلان العربي"، هو الأبرز بين آراء الكتاب، حيث يؤكد الكاتب عبد القادر أن انتخابات رئاسة الفيفا أثبتت أن العرب هم الخاسر الأول، وأنهم ليسوا ممزقين ومتحاربين في ميادين القتال فحسب بل في ميدان الرياضة أيضا.
ويأسف باسم الطويسي لمواقف الدول العربية التي صوتت ضد الأردن، فيما لم يكتف البعض بإعطاء صوته للسويسري بل مارست التحشيد المضاد وبعضها شن حملات دعائية من خلال مسؤولين معروف وزنهم في النظم السياسية التي ينتمون إليها، وتحديدا مواقف بعض الدول الخليجية وموقف رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني جبريل الرجوب.
"صحيح أن الرجوب لا يمثل الشعب الفلسطيني، ونعرف تماما مشاعر الفلسطينيين الحقيقية في هذه المسألة، ولكنّ سلوك هذا المسؤول الفلسطيني الذي يمثل رقما معروفا في حركة فتح وفي السلطة الوطنية الفلسطينية يحتاج إلى كلام سياسي آخر من قبل الدولة الأردنية"، يكتب الطويسي.
ويرى الرنتاوي بأن بعض العرب "الذين دخلوا معركة “الفيفا” منقسمين على أنفسهم"، جعل من نفسه “هيئة أركان حملة بلاتر”، ولأسباب مختلفة، بعضها يعود لمصالح مباشرة، وأخرى متصلة بمنطق المناكفات والنكايات الذي يحكم العمل العربي المشترك.
ويضيف الرنتاوي بأن العلاقات الأردنية – الفلسطينية أصيبت بضربة مؤلمة للغاية، تردد صداها على شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن، وأحياناً بقدر كبير من المبالغات، وبلغة أقرب للغة الفتنة والتحريض.
ويكتب مبيضين "خذلنا ذوو القربى ونصرنا الاصدقاء الغرب، خذلنا الجار الشقيق الفلسطيني بشخص رئيس اتحاده وربحنا الاصطفاف النظيف من 73 دولة صوتت بشجاعة للأمير علي".
ويذكّر مبيضين بحالات مشابهة من الخذلان العربي للأردن، كترشح الأمير زيد إلى منصب الأمين العام للأمم المتحدة بعد أن غاب كوفي عنان، كما تكرر مع رئيس هيئة الطاقة الذرية عندما أصر ممثلو دول عربية على عدم السماح للأردن بإنشاء مفاعل نووي وتحفظهم.
ويخلص الكاتب نضال منصور إلى أن الانقسام السياسي العربي أطاح بالمنظومة العربية الرياضية في انتخابات "الفيفا"، فدول الخليج العربي جاهرت بعض اتحاداتها بدعم فاضح لبلاتر وأخرى التزمت الصمت.
ويشير منصور إلى أن رئاسة الفيفا ليست انتخابات بلدية، فهي لا تقل وزنا واهتماما وتأثيرا عن انتخابات رئاسة دولة كبيرة أو المنافسة على زعامة الأمم المتحدة، وحضور الأمير علي كان علامة فارقة عززت مكانة الأردن.
ويستشهد الكاتب عبد القادر في ختام مقاله ببيت شعر من معلقة طرفة بن العبد: "وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند".