النقابات المهنية ساحة الصراع بين الإسلاميين والقوميين
تدور معركة سياسية حدودها النقابات المهنية بين التيار الاسلامي من جهة والقومي واليساري من جهة أخرى، بهدف الاستحواذ على قيادة النقابات التي شهدت حالة تجاذب بين تلك القوى خلال العامين الماضيين أثرت على الدور الفاعل للنقابات التي أصيبت بضعف واضح العيان.
حيث تشهد الأشهر المقبلة مواجهات في بعض النقابات المهنية؛ نظراً لاجراء انتخابات بين عدد منها نقابات المحامين والأطباء وأطباء الأسنان.
مشهد المواجهة بين الطرفين ليس بجديد؛ إلا أن تغير المعطيات والربيع العربي ألقى بظلاله على النقابات المهنية بل وشكل مواجهات وخلافات داخل بعض النقابات على أثر مواقف سياسية.
ورغم أن كلا التيارين يعولان على الفوز في انتخابات النقابات؛ إلا أنهما يملكان أيضاً بطاقات رابحة على حد اعتبارهما؛ فالتيار القومي واليساري يمتلك عدة أوراق رابحة أبرزها ما شهدته الفترة الماضية من اتهامات للإسلاميين بالفساد في بعض النقابات التي يتصدرونها أبرزها نقابة المهندسين؛ إضافة إلى الأحداث السياسية في مصر.
بدوره يلعب التيار الاسلامي دوراً سياسياً واضحاُ في النقابات المهينة على مدار سنوات ماضية؛ كما وأنه يعول على موقف القوميين واليساريين من الأزمة السورية وبالتالي يرى التيار الاسلامي بأن ضريبة موقف القوميون واليساريون من الملف السوري سيكون خسارتهم لانتخابات النقابات.
هذه النقابات تاريخياً يتقاسمها الاسلاميون تارة والقوميون واليساريون تارة أخرى؛ في ظل تحالف حزبي يجمعهم على الجانب الآخر.
ورغم أن القوة التي تبدو منسجمة إلا حدا ما خارج حدود النقابات والمتضامنة في تنسيقية المعارضة؛ إلا أن المشهد الآن تغير في ظل انقسام ائتلاف تنسيقية المعارضة من عدة قضايا تتعلق؛ بالموقف من المشاركة في الانتخابات، والموقف من الأزمة السورية، إضافة إلى ما يراه بعض القوميين واليساريين من محاولة الاسلاميين تصدر الحراك الأردني.
ولعل هذا قد اتضح من خلال الخلافات التي اتضحت في صعوبة إصدار بيانات تتمحور حول مواقف سياسية مختلف عليها داخل مجلس النقباء.
إضافة إلى محاولة الزج بالنقابات في الفعاليات الاحتجاجية التي تتصدرها الحركة الاسلامية؛ حيث كان واضحاً أنه عند ورود اسم النقابات في مسيرة "انقاذ الوطن" لتعلن بعدها النقابات في بيانات منفصلة عدم مشاركتها بالفعالية لأنها لم تستشر.
وهو ما ينظر إليه التيار القومي واليساري بأن النقابات في عهد السيطرة الأسلامية على غالبيتها كانت "كحديقة خلفية لحزب جبهة العمل الإسلامي".
الآن يعود الموقف السياسي للتصدر في انتخابات النقابات؛ فالورقة الرابحة لدى الاسلاميين الآن تتمثل في موقف القوميون واليساريون من الملف السوري الذي سبب خلاف وانقسام داخل بعض النقابات مؤخراً (كنقابة الأطباء ورابطة الكتاب).
عضو جماعة الاخوان المسلمين والنقابي بادي الرفايعة يرى أن ما صدر عن بعض النقابات المهنية حيال الموقف السوري هو ورقة رابحة لسيطرة الاسلاميين على انتخابات النقابات المهنية.
وأضاف الرفايعة أن المواقف التي صدرت من التيار القومي واليساري حيال الأزمة السورية تمثلت بالدفاع عن النظام السوري والاصطفاف مع سياساته سيؤثر على فرص القوميين واليسارين بالانتخابات.
ويعتبر الرفايعة أن وجود الاسلاميين في النقابات قد حقق انجازات هائلة على المستوى الاقتصادي.
أما التيار القومي واليساري فيعول على الأحداث المصرية كورقة رابحة لهم ضد الاسلاميين؛ في ظل ما تشهده الساحة المصرية من احداث بعد تولي الرئيس المصري محمد مرسي الرئاسة.
نقيب المحامين والمرشح أيضاً لانتخابات نقابة المحامين عن التيار القومي واليساري مازن ارشيدات أكد بدوره على أن الورقة الرابحة التي يمتلكها التيار القومي هو ما يحدث في مصر؛ ومن هنا يعول التيار القومي واليساري على هذا الحدث في بث الخوف من تصاعد الحركات الاسلامية لأي منبر.
وأضاف ارشيدات أن ممارسة التيار الإسلامي على أرض الواقع تنفر المواطنين.
واعتبر ارشيدات أن مميزات التيار القومي بأنه متعدد الطيف؛ ولا يوجد جهة واحدة تملكه ولا تسيطر عليه أي جهة؛ حيث تصدر القرارات عن هذه النقابات بموضوعية؛ بينما عند تولي جهة واحدة السيطرة فإنها تمثل وجهة نظر هذه الجهة ولا تعبر عن رأي الهيئة العامة.
وبالتالي يعتبر القوميون أنفسهم قد حققوا انجازات واضحة للنقابات على الجانب المهني دون أن يؤثر ذلك على الموقف الوطني الذي تعبر عنه النقابات.
ويرون أيضاً أن الجانب السياسي لدى التيار الاسلامي قد خيم على آدائه المهني.
اذن تغير واضح في الخارطة النقابية الانتخابية يطغى عليه الربيع العربي الذي لم بالدول العربية.
وتشهد الأسابيع والأشهر المقبلة مواجهات منتظرة في نقابات المحامين والأطباء وأطباء الأسنان.
هذا وينتظر خلال أشهر قليلة اجراء انتخابات في نقابات الأطباء واطباء السنان بالاضافة إلى نقابة المحامين، التي يدعم فيها التيار الاسلامي المحامي صالح العرموطي، فيما يدعم التيار القومي واليساري نقيب المحامين الحالي مازن ارشيدات.
وتجرى الانتخابات في كافة النقابات بين القائمتين "البيضاء" وهي قائمة الإسلاميين، و"الخضراء" وتضم القوميين واليساريين.
وحتى الآن يسيطر الإسلاميين على نقابات المهندسين والمهندسين الزراعيين، في حين يتبادل الطرفان السيطرة على باقي النقابات المهنية.
يشار هنا إلى أن عدد النقابات المهنية 14 نقابة؛ فيما يبلغ عدد منتسبي النقابات المهنية نحو 150 ألف، وتعتبر نقابة المهندسين الأكبر بين النقابات المهنية ويزيد عدد منتسبيها عن سبعين ألف مهندس.