العاملون في المناطق الصناعية المؤهلة.. "دائرة الانتهاكات على حالها"

العاملون في المناطق الصناعية المؤهلة.. "دائرة الانتهاكات على حالها"
الرابط المختصر

 

أكد تقرير متخصص، أعده المرصد العمالي التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت، ازدياد رقعة الانتهاكات بحق العمال العاملين في المناطق الصناعية المؤهلة، ما حدا ببعضهم لتنفيذ العديد من الاضرابات، كان آخرها إضرابين قائمين حالياً في مدينة الحسن الصناعية في كل من مصنع "سناء" ومصنع "القمة"، احتجاجاً على ظروف عمل غير لائقة يعاني منها العمال.

 

ودعا التقرير، الذي أصدره المرصد الأربعاء، أن المناطق الصناعية المؤهلة، والتي  يعمل فيها (62191) عامل وعاملة، ليبلغ عدد الأردنيين منهم (16599) عاملاً وعاملة منهم (12427) من الإناث، في حين يبلغ عدد العمال الأجانب (45592) عاملاً وعاملة منهم (32428) من الإناث، المصانع إلى إعطاء العمال حقوقهم وتوفير بيئة عمل لائقة لهم، مؤكداً أن الانتهاكات تتزايد يوماً بعد يوم.

 

وتتمثل أبرز الانتهاكات التي يعاني منها العمال، وأغلبهم من المهاجرين، بحجز جواز السفر، يعاني الأغلبية العظمى من العمال المهاجرين العاملين في المدن الصناعية من إصرار أصحاب المصانع على حجز جواز السفر، رغم أن القانون يمنع ذلك.

 

ويؤكد عمال، تمت مقابلتهم في سياق إعداد هذا التقرير، أن أغلب المصانع تحتجز جوزات السفر بمجرد قدوم العامل من بلده، وتجبره على توقيع ورقة يؤكد فيها أنه سلم جوازه للإدارة بإرادته لحفظه من الضياع، وينصاع أغلب العمال لهذا الإجراء، خوفاً من أية إجراءات انتقامية، حيث يقومون بذلك تحت التهديد أو التخويف.

 

كما يعانون من تعرضهم لإهانات لفظية وجسدية وأحيانا جنسية، ومن طول ساعات العمل وعدم احتسابها بالشكل الصحيح، حيث يعملون لمدة ما بين 12- 16 ساعة عمل متواصلة، يأخذون خلالها استراحة غداء، واستراحة أخرى لمدة عشر دقائق، أو ربع ساعة على الأكثر، ولا يعطى العامل خيار العمل لساعات إضافية بل هو مجبر عليها، وكذلك الحال بالنسبة للعطلة الأسبوعية والإجازات والأعياد، وفي المقابل، وفي بعض الأحيان، لا يتم احتساب أجر الساعات الإضافية بشكل صحيح، حيث يتقاضى العامل أجرا أقل مما يجب أن يتقاضاه مقابل العمل الإضافي.

وبعض العمال يعانون من عدم استلام الأجر في موعده ومنعه لشهور أحيانا، حيث أكد بعض العمال أن أجورهم تتأخر أحيانا حتى العاشر من الشهر، وفي حالات أخرى أكد بعض العمال أن رواتبهم تأخرت لأكثر من ثلاثة أشهر، ولم يستلموها إلا بعد أن هددوا بالتوقف عن العمل.

 

أغلبية العمال أكدوا أنه لا يمضي شهر واحد دون الخصم من أجورهم، بحجج اعتبروها واهية، مثلا قد يخصم أجر يوم كامل بسبب التأخر لعشرة دقائق عن موعد بدء العمل، والبعض يخصم منه أياما إذا كان مريضا ولم يستطع القدوم للعمل، وإحدى العاملات قالت" بحال ذهبنا للحمام لا يسمح لنا الغياب أكثر من خمسة دقائق"، وأخرى قالت: "أحيانا يصل الخصم إلى أكثر من نصف الراتب".

 

ورغم التزام العمال بدفع مبلغ مالي شهري قدره دينار، يقتطع من رواتبهم لصالح نقابة العاملين في الغزل والنسيج من أجل توفير خدمات صحية لهم، حيث ترتبط أغلب المصانع باتفاقية مع النقابة لتوفير هذه الخدمة، إلا أن العمال يؤكدون أنهم لا يتلقون رعاية طبية ملائمة، حيث عادة ما يتم صرف البنادول لهم بغض النظر عن الحالة الصحية، ولا يوجد إلا طبيب عام في العيادات في المصانع، وعند تحويل العامل لطبيب مختص فإنه يتلقى العلاج على حسابه الخاص، وأيضا لا يتم التعاون مع العمال بإعطائهم إجازة مرضية عند الحاجة وبذلك عادة ما يتم خصم أجرة اليوم الذي يتغيبه العامل بسبب مرضه، ما يعد مخالفة لقانون العمل الذي يعطي العامل إجازة مرضية سنوية لمدة لا تزيد عن أسبوعين.

أما السكنات، فأغلبها يبعد ما لا يقل عن (2) كيلو عن مكان المصنع، ويؤكد العمال أن أغلب السكنات، إن لم تكن جميعها، لا ترقى لتكون مكانا يعيش فيه البشر، حيث أنها مكتظة جدا، بحيث ينام في الغرفة الواحدة التي لا تتعدى مساحتها 2 في 3 متر، من ستة إلى ثمانية عمال أو عاملات، فضلا عن عدم توفير ماء شرب نظيف، وأيضا كميات طعام قليلة ذات نوعية سيئة، والحمامات سيئة جدا، ولا يتم إجراء أي نوع من أعمال الصيانة للسكنات، وأيضا بعض المصانع تلجأ إلى منع العاملات من مغادرة السكنات بعد انتهاء دوامهن الرسمي في المصنع، الأمر الذي قد يعد احتجازا لحريتهن.

 

نتيجة هذه الظروف القاسية التي تعيشها قطاعات واسعة من العمال في هذه المناطق، واستمرار انتهاك حقوقهم، وبالرغم من الجهود الرسمية والدولية لتحسين شروط العمل فيه، وتوقيع اتفاقيات عمل جماعية بين النقابة العامة للعاملين في صناعة الغزل والنسيج والعديد من الشركات والجمعية الأردنية لمصدري الألبسة والمنسوجات، لجأ المئات منهم إلى تنفيذ عشرات الاحتجاجات مطالبين بتحسين شروط عملهم، وسكنهم، ووقف الانتهاكات التي يتعرضون لها.

 

واستنادا إلى تقارير صادرة عن النقابة العامة للعاملين في صناعة الغزل والنسيج، شهدت  المدن الصناعية خمسة إضرابات خلال السبعة أشهر الماضية من عام 2016، شارك فيها (1377) عاملا وعاملة، ليكون مجموع الأيام التي توقف فيها العمال عن العمل في هذه الإضرابات (44) يوما.

 

وتؤكد تقارير النقابة إلى تلقيها، خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام (21) شكوى جماعية تخص (3080) عاملا وعاملة، تراوحت شكواهم ما بين حجز جوازات السفر، تأخير في استلام الرواتب أو الامتناع عن دفعها، بالإضافة إلى الاختلاف على آلية احتساب العمل الإضافي، وغيرها من الشكاوى.

 

وفي عام 2015 شهد القطاع (17) إضرابا، شارك فيها (9154) عاملا وعاملة، ووصل مجموع أيام التوقف عن العمل (73) يوما، في حين تسلمت النقابة (30) شكوى جماعية تخص (1186) عاملا وعاملة.

 

أما عام 2014 فشهد (13) إضرابا شارك فيها (7367) عاملا وعاملة، ليصل عدد أيام التوقف عن العمل (32) يوما، وتسلمت النقابة خلال عام 2014 (57) قضية جماعية تخص (2949) عاملا وعاملة، وفي العام الذي قبله وصل عدد الاضرابات إلى (19) إضرابا شارك فيه (10151) عاملا وعاملة وبعدد أيام توقف عن العمل وصلت إلى (64) يوما، في حين تسلمت النقابة (63) شكوى جماعية تخص (2359) عاملا وعاملة.

 

وقال التقرير: رغم أن المصانع، من المفترض أن تخضع لآليات دقيقة قبل انضمامها إلى هذه القائمة الذهبية التابعة لوزارة العمل، إلا أن رصداً أولياً أجراه القائمون على إعداد هذا التقرير، أن بعض المصانع التي تتصدر أسمائها القائمة الذهبية وعلى مدى عدة سنوات، يتعرض عمالها وعاملاتها لعدة انتهاكات، وبعض هذه المصانع خاض عمالها  وعاملاتها إضرابا عن العمل العام قبل الماضي، ومع ذلك بقي اسمها ضمن القائمة الذهبية.

 

فكرة القائمة الذهبية تقوم على مبدأ متابعة التزام الشركات بتطبيق أحكام قانون العمل الأردني مثل الالتزام بالأجور وساعات العمل، والعمل الإضافي وتوفير شروط وظروف العمل اللائق.

 

ويتم منح أي شركة تستوفي كافة الشروط المنصوص عليها في تعليمات القائمة الذهبية، امتيازات مثل الإعفاء من الكفالة البنكية المنصوص عليها في تعليمات قانون العمل في حال رغب صاحب العمل استقدام واستخدام عمالة مهاجرة، والحصول على شهادة تمكنهم من تقديمها لبعض المستوردين الذين يطلبونها في الخارج كشرط لتوقيع اتفاقيات لتزويدهم بطلبيات إنتاج.