التاكسي... أفضل السيّء في عمّان
قدرة المواطن أنس على دفع أجرة التاكسي ليست هي السبب وراء عزوفه عن استخدام وسائط النقل العام في العاصمة عمان.
عند خروجه من منزله الكائن في منطقة المنارة، لا يجد أنس سبيلا سوى استقلال تاكسي مهما كانت أجرته، حتى لا يتأخر عن عمله، وهو كغيره من المواطنين الذين يستخدمون التاكسي "مضطرين" وجل طموحهم اقتناء سيارتهم الخاصة التي ستغنيهم عن "تلف الأعصاب" الذي تسببه لهم تاكسيات وحافلات وسرفيسات عمان.
فئة أخرى تستخدم وسائل النقل الجماعي المتوفرة أمامهم، لانخفاض تكلفتها عليهم، إلا أنهم ومنهم المواطن خير الدين، الذي اعتاد على ركوب ما توفر من حافلات النقل العام التي تمر من أقرب شارع رئيسي لبيته، يفضلون ركوب التاكسي لتوافره وسهولة استخدامه مقارنة بالحافلات والسرفيسات التي ينقصها الالتزام بمواعيد التحميل والتنزيل والانتظار.
التاكسي وتردي النقل
عضو حملة معاً نصل المهندس حازم الزريقات يشير بداية إلى خطأ اعتبار التاكسي وسيلة نقل عام كما هو الحال في الأردن، مضيفا أن الأرقام التي أظهرها المخطط الشمولي تدل على وجود تشوه أو خلل في توزيع أسطول النقل العام، حيث أنه يفضل عادة في المدن التي تشهد كثافة سير استخدام الحافلات الكبيرة نظرا لكفاءتها واستيعابها لعدد كبير من الركاب خلال مسافة محددة وإسهامها في تخفيف أزمة المرور.
الدراسة التي أجرتها منصة تقدم ضمن حملة معا نصل، قالت إن عدد السيارات يزداد في عمان بنسبة تتراوح بين 10 و 15% سنوياً، وهو المدلل الأهم على تردي شبكة النقل العام، بحسب الزريقات .
ووفقاً لدراسة المخطط الشمولي للنقل التي أجرتها أمانة عمان عام 2008، فإن نسبة الرحلات اليومية التي تستخدم النقل بشكل عام تبلغ 14%، في وقت من المفترض فيه أن تتراوح النسبة بين 25% و 30%.
وأظهرت نتائج المسوحات البيانية التي أجرتها الأمانة أن تكلفة النقل على الأسر المتوسطة والمتدنية الدخل تبدأ من 25% وتصل إلى 30% من الدخل، وتعتبر هذه النسبة مرتفعة جدا مقارنة بدول العالم المتقدمة والنشيطة اقتصاديا، حيث لا تزيد كلفة النقل على الأسرة عن 10% من دخلها
ويحتل الطلب على التاكسي في العاصمة عمان النسبة الأكبر والمقدرة بـ 9%، فيما يستخدم 8% السرفيس، و5% يستخدمون حافلات النقل العام.
خبير النقل ابراهيم عاصي يعتبر زيادة الطلب على التاكسي أمرا طبيعيا، وذلك لتفوق سيارات التاكسي بالعدد على بقية وسائط النقل، مشيرا إلى أن الأسلم يكون بتفوق أعداد الحافلات الكبيرة والمتوسطة وبعدهما السرفيس على عدد سيارات التاكسي.
وسائل نقل جاذبة
ويؤكد عاصي على ضرورة توافر مميزات في حافلات النقل العام، حتى تستطيع جذب المواطنين لاستخدامها دون الرجوع إلى سياراتهم الخاصة أو خدمة التاكسي قدر الإمكان، كإلتزامها بمواعيد محددة لانطلاقها ووقوفها، ونظافتها، وتوافر مواقف لها وأماكن انتظار.
ووفقا للزريقات، فإن الحلول التي يجب العمل عليها لا بد وأن تكون استراتيجية، وقادرة على استيعاب أكبر عدد ممكن من الركاب، وخدمة الشريانات الرئيسة في العاصمة، مشيرا إلى ضرورة توافر أنظمة نقل سريعة وذات مستوى عال كالقطارات وباصات التردد السريع، في سبيل ضمان منظومة نقل رئيسية شاملة.
ويرى الزريقات أن استكمال هذه الشبكة الرئيسية يكون بإيجاد شبكة مغذية، كالباصات الصغيرة والسرفيس، تخدم الشبكة الأكبر، ثم الانتقال لتوفير خارطة طريق توضح مسارات الباصات والحافلات وغيرها.
بحسب الوريكات، فإن عدد الرحلات اليومية التي تستخدم التاكسي تبلغ 500-600 ألف رحلة، منوها إلى حاجة المدينة لإجراء دراسة جديدة للوقوف على واقع النقل فيها، وما يحتاجه فعلا، الأمر الذي دعا الأمانة لأن تقوم بتحضير طرح عطاء لعمل دراسة حول النقل من قبل إحدى الشركات المتخصصة في هذا المجال.
ويؤكد الوريكات أن الدراسة التي ستصدر نتائجها العام القادم ستأخذ بعين الاعتبار كافة المشاريع التي سيتم طرح وسائط نقل من خلالها كمشروع الباص السريع وغيره، وبناء عليها سيتخذ قرارات بزيادة عدد السيارات أو الباصات أو التاكسي.
إلا أن الوريكات يؤكد على أن المدينة بحاجة لمزيد من الحافلات، وعليه فإنه سيتم طرح 150 حافلة جديدة خلال 3 سنوات المقبلة.
وبحسب تصريحات سابقة للأمانة فإنها تسعى إلى رفع نسبة الرحلات اليومية التي تستخدم وسائط النقل من 13% إلى 40%، من خلال تشغيل خدمة باصات التردد السريع الـ BRT وربطها لاحقاً بخط مترو الأنفاق.
ويوجد في عمان 5 شركات منظمة تشغل أسطول النقل في عمان، إضافة إلى 300 حافلة نقل كبيرة و200 حافلة كوستر، و3200 سيارة سرفيس تعمل حالياً على الخطوط الرئيسية، ونحو 10700 سيارة تاكسي.
إستمع الآن