البيروقراطية تعرقل تجربة دمج طلبة الإعاقة الذهنية بمدرسة سمية بالزرقاء

البيروقراطية تعرقل تجربة دمج طلبة الإعاقة الذهنية بمدرسة سمية بالزرقاء
الرابط المختصر

قدمت مدرسة سمية الأساسية المختلطة في الزرقاء على مدى السنوات الست الماضية، نموذجا ناجحا لتجربة دمج طلبة الإعاقة الذهنية في مدارس الحكومة، وذلك بالرغم من بيروقراطية وزارة التربية التي طالما شكلت تحديا أمام استمرار وتطور هذه التجربة.

 

وتحتضن المدرسة الواقعة في منطقة حي جناعة غرفتين صفيتين ينتظم فيهما عشرة من طلبة الإعاقات الذهنية على اختلاف مستوياتها: البسيطة والمتوسطة والشديدة، والذين تشرف عليهم أربع معلمات مؤهلات في مجال التربية الخاصة.

 

ومع أن هؤلاء الطلبة منفصلون عن زملائهم العاديين ضمن الغرف الصفية، لكنهم يخالطونهم في أوقات الاستراحة كما يشاركونهم في الأنشطة اللامنهجية، وذلك تحقيقا لفلسفة الدمج التي تتبعها وزارة التربية.

 

تجربة مدرسة سمية في هذا المجال كانت بدأت بطالب واحد عند انطلاقها عام 2010، بدعم من "المؤسسة السويدية للإغاثة الفردية"، والتي رعت التجربة عبر سنواتها الثلاث الأولى، قبل أن تنتقل تلك المهمة إلى وزارة التربية.

 

وقالت مديرة المدرسة ناديا ملكاوي إن الصفين جرى افتتاحهما في إطار مشروع أطلقته المؤسسة السويدية بناء على دراسة مسحية للمنطقة الجغرافية المحيطة، والتي تضم جناعة ومخيم الزرقاء، وتخلو من أية مراكز حكومية للتربية الخاصة.

 

وأوضحت أن "الشكل الوصفي للمشروع هو أنه عبارة عن شعبيتين دراسيتين تتسع كل منهما لسبعة طلاب"، مضيفة أنه تواكب في بداياته مع "حملة ترويجية تضمنت توزيع نشرات في المدارس والمساجد والأحياء، من أجل جذب أهالي الأطفال المعاقين عقليا لتسجيلهم".

 

وحول شروط تسجيل وقبول الطالب، بينت ملكاوي أن "المدرسة تطلب من الأهل تقريرا طبيا لابنهم يوضح نوع الإعاقة ودرجتها، على أن يكون الطفل ضمن المرحلة العمرية بين 4 و12 عاما للذكور، ولغاية 14 عاما للإناث".

 

وقالت ملكاوي إن مسؤولية إدارة المشروع انتقلت إلى وزارة التربية عام 2013، حيث بدأ من حينها يعاني من البيروقراطية المسيطرة في الوزارة، والتي انعكست سلبا على مسيرته وافاق تطوره.

 

وشكت خصوصا من ان الوزارة إلى الآن لم تقم بتعيين مسؤول للإشراف بشكل مباشر على المشروع، والذي يعد وجوده أساسيا من أجل "توفير الوسائل التعليمية، والتشبيك (مع المؤسسات) لتأمين العلاج الطبيعي للأطفال الملتحقين بالصفوف".

 

ولفتت إلى أن "المؤسسة السويدية كانت في السابق ترسل معالجا وظيفيا للأطفال بواقع مرتين أسبوعيا".

 

وأكدت ملكاوي أن "عقم إجراءات التربية" حال دون تمكن المدرسة من التواصل مع وزارتي التنمية الاجتماعية والصحة من أجل الحصول منهما على خدمات ضرورية، ليس أقلها إيفاد مدربين للأطفال في مجالي النطق والعلاج الوظيفي.

 

ونوهت إلى أنها عمدت إلى إرسال كتب رسمية إلى مديرية التربية بهذا الخصوص، ودون أن تتلقى أية استجابة إلى الآن.

 

كما قالت إن كثيرا من المستلزمات الأساسية لا تأتي من المديرية بل تتبرع بها جهات رسمية وأهلية، مشيرة في السياق إلى أن مجلس التطوير التربوي "تبرع بمواد عينية للصفوف هذا العام، كما قدم المحافظ دعما شخصيا كان عبارة عن سجاد وأثاث كامل وألعاب للأطفال".

 

ورغم هذه المعيقات، أكدت ملكاوي أن المشروع حقق هدفه المتمثل في دمج طلبة الإعاقة الذهنية مع زملائهم العاديين، حيث أنهم ينتظمون معهم في الطابور الصباحي وحصص الرياضة والفن، وينضمون إليهم في تقديم فقرات الاحتفالات، ومنها العاب التليماتش.

 

وأضافت أن "طلبة المدرسة العاديين أصبحوا أيضا يرتبطون بصداقات مع زملائهم المعاقين ويساعدونهم في شراء طعامهم من المقصف أثناء الفرصة، ويشركونهم في نشاط الإفطارات الجماعية".

 

ولفتت ملكاوي كذلك إلى أن ذوي الطلبة المعاقين "باتوا يحضرون اجتماعات أولياء الأمور، بعدما كانوا يمتنعون عن ذلك فيما مضى يمتنعون رغم دعوات المدرسة المستمرة لهم والتأكيد عليهم للحضور".

 

من جانبها، تحدثت أريج الزاووي إحدى معلمات الطلبة ذوي الإعاقة في مدرسة سمية، عن العقبات التي واجهت المشروع في بداية انطلاقه، والتي كان أبرزها حالة الرفض لهم من قبل الطلبة العاديين.

 

وقالت إنهم "كانوا يتحاشون المرور أمام صفوف ذوي الإعاقة أو الاحتكاك بطلبتها، ولكن مع الوقت تغيرت النظرة وأصبحت إيجابية جدا".

 

وحول المنهج والأسلوب التربوي المتبع مع الطلبة ذوي الإعاقة، أوضحت الزواوي أن "الطالب يخضع في البداية لتقييم عن طريق تسجيل ملاحظات طوال الشهر الأول لوجوده بيننا، ثم نبدأ بتعزيز القدرات لديه، وتدريبه على مهارات جديدة، وهكذا يستمر التدريب والتعليم طوال العام الدراسي".

 

وأضافت أن "الخطة التدريبية تشتمل على مجالات متعددة مثل الحساب والموسيقى والرياضة والفن والعناية الذاتية. وكل مجال يتبعه أربعة أهداف طويلة الأمد يتم العمل عليها حتى نهاية العام، وشهريا يتم تناول أحد هذه الأهداف وتحليله إلى مهارات بسيطة يتدرب الطفل على اتقانها".

 

وتابعت الزواوي أن التدريب يستمر على هذا المنوال "حتى يستطيع الطفل في نهاية الشوط أن يحرز تقدما إدراكيا وتحسنا في مستوى العناية بالذات يلحظه الآخرون، كما يتم تدريب الأطفال على بعض الأعمال اليدوية الخفية كصناعة مكملات الزينة ."

 

لكنها قالت إن "عدم وجود منهاج محدد يمكن الاستدلال به للمضي في التدريب يجعل المعلم متستنزفا ولا يوجد لديه أحيانا ما يقدمه للطفل المعاق"، معتبرة أن من شأن وجود دليل تدريبي "مساعدة المعلم على وضع الخطط الفردية لهؤلاء الأطفال".

 

 

أضف تعليقك