البطالة: أرقام صادمة أبعد من الاقتصاد

البطالة: أرقام صادمة أبعد من الاقتصاد
الرابط المختصر

أخذت الأرقام التي أعلنتها دائرة الإحصاءات العامة، والتي أظهرت ارتفاع معدلات البطالة خلال الربع الأول من العام الحالي لتصل إلى أكثر من 18%، مساحة واسعة بين أعمدة الرأي والمقالات في الصحف اليومية.

 

الكاتبة جمانة غنيمات، تصف هذا الرقم  بالمرعب، ويجعل المرء يضع يده على قلبه، لأن مضامين النسبة الجديدة تؤكد أن مزيدا من شبابنا مهمَلون وعلى الهامش، وعاجزون عن الحصول على فرصة عمل.

 

فـ"في التفاصيل، وتبعا للأرقام الرسمية الواردة في التقرير، ارتفع معدل البطالة للربع الأول من العام الحالي بمقدار 3.6 نقطة مئوية عن الربع الأول من العام 2016، وبمقدار 2.4 نقطة عن الربع الرابع من العام 2016.

وبلغ معدل البطالة للذكور 13.9 % خلال الربع الأول من العام الحالي مقابل 33.0 % للإناث لنفس الفترة. ويتضح أن معدل البطالة ارتفع للذكور بمقدار 1.2 نقطة مئوية، وارتفع للإناث بمقدار 9.3 نقطة مئوية عن الربع الأول من العام 2016".

 

وتضيف غنيمات "المصير واضح، والنتائج لن تكون مفاجئة إلا لمن غيّب العقل والمنطق، فهؤلاء الشباب لهم مصائر محددة أولها الإحباط والاكتئاب وغياب الإحساس بالتقدير، وهذا الوضع يفتح الباب للأفكار المتطرفة لاختراق شبابنا سواء بالانزلاق نحو العنف والجريمة، أو نحو الفكر المتطرف، أو المخدرات، وربما الانتحار، إلا من رحم ربي".

 

وتستعرض الكاتبة ثلاثة تفسيرات لتلك الأرقام، أولها أن المنهجية المطبقة تاريخيا كانت تخفي الحجم الحقيقي للمشكلة، والثاني، يرتكز على مؤشرات واضحة أهمها قدرة الاقتصاد على توليد فرص العمل والتي تراجعت نتيجة تدني معدلات النمو وتراجع حجم الاستثمارات، أما القراءة الثالثة، فتشي بضعف معالجة تشوهات سوق العمل وزيادة التنافس بين الأردنيين مع غيرهم من العمالة الوافدة.

 

والأرقام، بحسب غنيمات، "خطيرة ومخيفة وتخفيضها لحدود آمنة تنسجم مع أمن واستقرار المجتمع يحتاج إلى إعلان حالة الطوارئ من قبل حكومة د. هاني الملقي خشية على مستقبل شبابنا، رغم أننا لم نسمع تعقيبا واحدا عليها من المسؤولين، ربما خجلا".

 

كما يعتبر الكاتب خالد الزبيدي، أن رقام البطالة شكلت صدمة كبيرة، "فالمعروف ان البطالة والفقر تفتح أبواب الشياطين، وأن الأولوية الاقتصادية الاجتماعية أمام الحكومة يفترض أن تستهدف تخفيف البطالة على المدى القصير، وعلى المدى البعيد الدخول في برامج ممتدة للتغلب على البطالة التي تعتبر أزمة المزمنة".

 

ويؤكد الزبيدي على أن أرقام البطالة الأخيرة يجب أن لا تمر مرور الكرام كما يقال، وعلى القطاع العام أولا والقطاع الخاص ثانيا أن يضعا برامج تنفيذية لتشغيل ما يمكن تشغيله من المتعطلين عن العمل وداخلي السوق لأول مرة، وهذا يحتاج إلى فكر اقتصادي تنموي بعيدا كل البعد عن حسابات الجباية ورفع الضرائب.

 

ويوضح الكاتب بأن الضرائب الثقيلة تطحن النمو، وتورث البطالة والفقر، وتضعف تنافسية الإنتاج المحلي، وتؤدي إلى ضمور الإيرادات المحلية.

 

أما الكاتب إبراهيم بدران، فيلفت إلى أن أرقام البطالة الأخيرة تعني "أن لدينا حوالي 300 ألف عاطل أردني عن العمل في حين لدينا 1.2 مليون عامل وافد لم تحدد نسبة البطالة بينهم بعد.. أما العاطلون عن العمل من الشباب فيتجاوز عددهم 250 ألف شاب وشابة.

 

ويطرح بدران مجموعة من "المتناقضات" الغريبة والمؤلمة تتجذر يوماً بعد يوم وتكشف: أولها غياب الرؤية الوطنية المستقرة للموضوع الاقتصادي، وثانيها عدم الاكتراث الجاد العملي بموضوع البطالة وخطورته على الأمن المجتمعي، وثالثها غياب التواصل والتشارك بين أطراف المعادلة وهم الحكومة والقطاع الخاص ومنظومة التعليم، ورابعها الانفصام المتعمق بين دوائر الدولة المختلفة لتتوصل إلى قرارات متوافقة مع متطلبات الاقتصاد من جهة ،والأمن المجتمعي من جهة ثانية.

 

فـ"لا بد أن تدرك الدولة، ودون إضاعة للوقت والجهد أنه في غياب تصنيع القطاعات الاقتصادية وإنشاء المشاريع الجديدة التي تولد فرص عمل إضافية لا طريق أبدا لحل مشكلة البطالة. وستتفاقم سنة بعد سنة في ظل فتح باب الاستيراد على مصراعيه،  وفي الظروف الدولية الراهنة، وهيمنة الشركات الدولية العابرة للحدود، ومجاورة الأردن لعدد من البلدان  التي تتوفر فيها فوائض ضخمة من الأموال".

 

ويخلص الكاتب إلى أن "استمرار الحالة على ما هي عليه يحمل أخطاراً اقتصادية واجتماعية وسياسية بل وأمنية خطيرة.. ولا بد من حل هذه الحزمة من المتناقضات التي مضى عليها سنوات دون أن تجد الفرصة لمعالجتها من أجل مستقبل أكثر ازدهاراً، ومجتمع أكثر استقراراً ومهارة وأمنا".