الإنسان بين التنجيم والفلك ودورة الأجرام السماوية

الإنسان بين التنجيم والفلك ودورة الأجرام السماوية

 

يرجع اهتمام الإنسان بعلم الفلك وحركة الأجرام السماوية، إلى حوالي ستة آلاف سنة، وطوال هذه الفترة وقف الإنسان في كثير من محطات بحثه عاجزا عن تفسير العديد من الظواهر التي يواجهها في هذا العالم، الأمر الذي دفعه للغوص في أعماق هذه العوالم.

 

وكلما اقتربنا من هذا العلم؛ دراسة واطلاعا، لاحقتنا الأقاويل التي تكون أقرب إلى الخيال، كالجدل الدائر حول التأثير الناتج من دورة الفلك في الفضاء على حياة الإنسان، حتى ذهبت بعض الآراء إلى درجة إمكانية التنبؤ بما هو حاصل في المستقل المجهول، وبالتالي القدرة على تجنب سيء القدر، واغتنام الخير الضائع في ثنايا البعيد المنتظر، عبر ما يسمى بـ"التنجيم".

 

قد لا نستطيع إكمال الحديث بإنصاف في هذا الباب، دون التفريق بين علم الفلك من ناحية، والتنجيم من ناحية أخرى .. ذلك أن العلماء في هذا الميدان، يحرصون على التعريف الصائب الذي يضع كلا الجانبين في سياقه الصحيح .. فما هو علم الفلك، وما هو التنجيم؟؟

 

علم الفلك، كما يعرفه العلماء، أحد أقدم العلوم، فقد بدأ في الأزمنة القديمة بملاحظات حول حركة الأجرام السماوية في دورات منتظمة، وخلال التاريخ، أفادت دراسة هذه الدورات في أغراض تطبيقية مثل ضبط الزمن، وتحديد بدايات الفصول، ودقة الملاحة في لجّة البحار.

 

أما التنجيم، فيقول أستاذ الفيزياء والفلك في كلية العلوم الدكتور محمد باسل الطائي، إنه علم أحكام النجوم، أو كما كان العرب يطلقون عليه "علم الأحكام"، وهو عبارة عن مجموعة من المسلمات الاعتقادية، كالقول: إن كوكب المريخ هو كوكب الخير، والمشتري كوكب الحظ، وزحل كوكب النحس.. وهكذا.

 

وبعد هذا التفريق بين المفهومين، هل يمكن أن يعتقد العامة، بإمكانية تأثير أحد الطرفين، علم الفلك أو التنجيم، على مسار الحياة بالنسبة للإنسان؟؟

 

محمد دراوشة، طالب الصحافة في جامعة اليرموك، يهاجم بشدة هذه الادعاءات، واصفا إياها بعملية تخدير للعقل الإنساني، مشيرا إلى أن الركون إلى الخرافة، والتعلق بالخيال الذي يسعى البعض إلى تصديقه، هو محاولة لمجانبة الواقع.

 

فيما لا تمانع زميلته الطالبة لمى سعيد، من الاستماع أحيانا إلى مثل هذه التنبؤات، ما دامت تستند إلى حقائق علمية "شبه مؤكدة".

 

أما طالب اللغة الإنجليزية في الجامعة الأردنية الطالب محمد خالد، فكان هجومه هادئا على من وصفهم بمن يتمترسون خلف العقل في تفسير أي ظاهرة في هذه الدنيا، مؤكدا في الوقت نفسه أن العقل يقف في كثير من الأحيان عاجزا عن تحليل العديد من الحالات، نظرا لمحدوديته وقصور قدرته.

 

 

المنجمون والعلماء.. و"سرقة أسرار المهنة"

 

من جانبه، يؤكد المنجم الفلكي ميلاد أبو عاشور، أن علم التنجيم يقوم في الأساس، على قراءة دقيقة للأوضاع النسبية للأجرام السماوية والتفاصيل التي يمكن أن تتوافر من حركة النجوم والكواكب، ومن ثمّ، استخلاص معلومات عن الشخصية الإنسانية، والشؤون الاجتماعية، وغيرها من الأمور الدنيوية.

 

ويشير أبو عاشور، في حديث لـ"عمان نت"، إلى أن علماء الفلك والفيزياء يدركون تماما ما يدركه المنجمون، من أسرار تتوافر حول مستقبل ومصير الإنسان من خلال استخلاصها من حركة

 

الكواكب والنجوم، إلا أنهم يحجمون عن بيانها للناس بصورة واضحة، بسبب خوفهم من "سرقة أسرار المهنة".

 

 

فماذا يقول العلم؟؟ 

 

فيما يؤكد استاذ الفيزياء والفلك الطائي، أن هذه الاعتقادات غير صحيحة على الإطلاق، فالكواكب أجرام فلكية موجودة، وكذلك الأبراج، وهي عبارة عن كوكبات نجمية تتوزع في قبة السماء، ولا تأثير لها، من الناحية العلمية، على حياة الانسان، أو مستقبله ومصيره

 

ويرجع الطائي تصديق طائفة كبيرة من الناس، لهذه الاعتقادات، إلى وقوع بعض التوافقات بين وظيفة الكواكب والشمس والقمر من جهة، وأحوال الناس من جهة اخرى، الأمر الذي يجعل البعض يصدق بحتمية وقوع مثل هذه الأمور.

 

ويوضح أن هذه التوافقات تم استقراؤها منذ زمن بعيد، الأمر الذي أدى إلى ظهور علم التنجيم، ولا يمكننا القطع بهذه التوافقات تماما، فهي قد تصيب مرة وتخطئ مرات أخرى، يقول الطائي.

 

ورغم عدم تأثير الفلك على حياة الناس، بحسب الطائي، إلا أن الكرة الأرضية، معرضة لتأثير حركة الكواكب والنجوم، وهي تاثيرات ذات طابع فيزيائي، ومثال ذلك؛ ظاهرة المد والجزر، التي تنتج بفعل الجاذبية الأرضية ودوران القمر حولها.

 

ويبقى حلم الإنسان بمعرفة مستقبله ومصيره، إن أصاب التنجيم أو الفلك، مرهونا بجهده من خلال عمله على هذه البسيطة، ليكتشف في نهاية المطاف، كجلجامش، أن خلوده يتمثل بما يصنعه على الأرض.

 

أضف تعليقك