الإتجار بالبشر جريمة مكتُملة الأركان آن تطبيق قانونها بالمحاكم

الإتجار بالبشر جريمة مكتُملة الأركان آن تطبيق قانونها بالمحاكم

 

بدأت دار إيواء حديثة التأسيس باستقبال ضحايا الإتجار بالبشر في الرابع عشر من أيلول؛ أولى نزلائه 4 عاملات آسيويات ثُبت أنهن ضحايا الجريمة في الأردن، وفق تصريحات صحفية للناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية فواز الرطروط.

 

هذه الدار تُشرف عليها وزارة التنمية الاجتماعية، أتت بعد سنوات من مطالبات حقوقية بضرورة افتتاحه لاستكمال استحقاق التزام الأردن ووفاءه ببنود الاتفاقية الدولية والبرتوكول الاختياري الملحق بها.

 

الدار التي لم تعلن رسميا بعد، تقتصر على ضحايا الجريمة العابرة للوطنية المعروفة اسماً بــ"الاتجار بالبشر" لضحايا أكثرهم من نساء وأطفال وعمال مهاجرون، حيث يتم تحويلهم إليها حتى يتم الفصل بقضاياهم، وفق ما ينص عليه نظام دور إيواء المجني عليهم والمتضررين من جرائم الاتجار بالبشر رقم 30 لسنة 2012.

 

رغم صدور قانون منع الاتجار بالبشر في العام 2009 بعد انضمام الأردن إلى اتفاقية “باليرمو” لمكافحة الجريمة عبر الوطنية إلا أن تطبيقهُ وفعاليتهُ بين المحامين ما يزال في خطواته الأولى.

 

ميزة القانون هو دفعه لتجريم صور الاتجار بالبشر المحظورة التي ينبغي ملاحقة مرتكبيها وحماية ضحاياها بموجب ذلك القانونوالبرتوكول الاختياري المتعلق بمنع وقمع ومعاقبة جريمة الاتجار بالبشر الذي انضم إليه الأردن في ذات العام.

 

يشدد القانون العقوبة على من يثبت ارتكابهُ لجرائم الاتجار بالبشر لتصل الى الاشغال الشاقة المؤقتة.

 

يساوي القانون في العقوبة بين الفعل التام والشروع، وبين مرتكب الفعل والمحرض والشريك والمتدخل، فضلا أنه لا يعتد برضى المجني عليهم او المتضررين من جرائم الاتجار بالبشر لغايات تخفيض أي من العقوبات المنصوص عليها.

 

شمولية القانون 

مساعد النائب العام القاضي رامي صلاح، يرى أن القانون كان شاملاً للحماية والوقاية والملاحقة التي يتطلبها اي تشريع ومنسجماً مع بروتوكول قمع ومنع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النســـاء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المعروف باسم بروتوكول باليرمو لعام 2000.

 

هذا القانون لا يُعد الأول بالنسبة للأردن في تجريم الاتجار بالبشر،فقد صدر قبلهُقانون ابطال الرق عام 1929، وكما صادق الأردن على البروتوكول الإختياري المكمل لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية للعام 2009.

llll

لكن إقرار القوانين شيء والتطبيق شيء آخر، هذا على الأقل ما تراه مديرة مركز تمكين للمساعدة القانونية ليندا كلش من تعليق مناسب على قانونتعتبره"منقول حرفيا" عن البروتوكول الاختياري الذي يُوضع كإرشادٍ للمشرعين، فضلا أنه لا يُسعف المدعي العام في التكييف خاصة في تعريف مفهوم الاتجار بالبشر الذي وصفته "فضفاضاً جداً".

آلية التفتيش المتبعة لدى وزارة العمل

عن آلية التفتيش المتبعة لدى وزارة العمل، تحتاج إلى مراجعة بوصف قصورها يزيد من احتمالية وقوع مثل هذه الجريمة، وتقترح كلش "زيادة أعداد المفتشين" كأحد الحلول سهلة التطبيق.

يوجد حاليا لدى فرق تفتيش الوزراة 150 مفتشاً يغطون جميع القطاعات من عمالة مهاجرة ومنزلية،"هذا العدد غير كاف لكشف حالات الانتهاك، كما وأن نوعية التفتيش له دور كبير في كشف مثل هكذا جريمة"، تقول كلش.

موائمة التشريعات حيال مكافحة الاتجار

أسست نقابة المحامين لأول مرةشعبة للإتجار بالبشر من خلال لجنة الحريات في حزيران الماضي تهدف الى رصد قضايا الاتجار بالبشر واجراء دراسة لقانون منع الاتجار بالبشر لعام 2009 والتشريعات ذات العلاقة فضلاً عن عقد دورات تدريببة متخصصة للمحامين لمساعدتهم في كيفية التعامل والترافع بقضايا الاتجار بالبشر وتعريفهم بقانون منع الاتجار بالبشر.

حول قانون منع الاتجار بالبشر، يرى رئيس لجنة الحريات وحقوق الانسان في نقابة المحامين، وليد العدوان أنه لابد من اجراء مراجعة للقانون الذي اخذ كما هو عن البروتوكل الاختياريلمنع وقمع الاتجار بالبشروتضمينه نصوصا تتعلق بحماية الضحايا والتعويض المباشر وضمان حصولهم على الخدمات الطبية والاجتماعية والتأهيلية والقانونية.

 

يقول العدوان أن القانون يجب أن يشمل ضحايا حقوق الانسان بشكل عام من إيقاع العقوبة الرادعة وتعويض الضحايا عن الاضرار المادية والمعنوية وإعادة التأهيل نفسيا وطبيا واجتماعيا وقانونيا وكل ما يدخل في جبر الضرر للضحايا.

 

يضع نظام الاستقدام رسوما عالية للاستقدام العمال ما يصنع من صاحب العمل مستثمراً يؤدي الى استغلال العامل والتحكم به وارتكابه لجرائم فيما بعد، على حد قول كلش، بذلك كحجز جواز السفر او تهديده او حجزه وعدم السماح له بالخروج.

 

النص على فترة التجربة بين الطرفين واسترداد جزء من الرسوم المدفوعة مقابل المدة الزمنية التي عملتها العاملة وتعزيز الثقة بين صاحب العمل والعامل من المسائل المهمة التي يجب العمل عليها.

ee

يرى العدوان أن العنف الذي يدور في منطقة الإقليم وتدفق اللاجئين جعلهم عرضة لارتكاب جرائم الاتجار بالبشربحقهم من عمل جبري وزواج القاصرات، وانتشار التسول.

فلا يكفي سن قانون لمنع الاتجار بالبشر بل يجب مراجعة كافة القوانين والتشريعات المحلية وتعديلها لتتوائم ومكافحة الاتجار بالبشر فلا بد من الملاحقة الجنائية والحماية والوقاية لارتباطهم ببعض،تقول كلش.

الترجمة وأثرها في ضمانات المحاكمة العادلة

إيجاد مترجمين حسب اللهجات وأكفياء، من أهم ضمانات المحاكمة العادلة؛فنوعية الترجمة واختلاف اللهجات من اهم المشاكل والمعيقات التي تواجه ضحايا الاتجار بالبشر،على حد قول كلش التي يوثق مركزها عدة انتهاكات ترتكب بحق العمالة المهاجرة جزءً منها توقيعهم على شهادات في المراكز الأمنية باللغة العربية التي لا يتقنونها.

تنتشــر المراكز الأمنية في مختلف مناطق المملكة، فقــد يلجأ العمال المهاجرون إليها عند تعرضهم لإساءات من قبل أصحـاب العمل، لكن في حـالة العمال المهاجرين من الجنسـيات غير العربـية، يقـف اختلاف اللغة حـاجزا أمام تلقــي الشــكوى والتعامل معها، فلا يتوافر مترجمون في مديرية الأمن العام.

 

أغلب المترجمين من جنسيات مختلفة ولغتهم العربية ليست الأم مما يؤثر على نقل الرسالة والترجمة الصحيحة بين القاضي والضحية.

 

كان مركز تمكين قد اقترح حلا لحل الاشكالية عبر إيجاد وسيط بلغة ثالثة بأن تكون الترجمة من اللغة المحلية الى اللغة الانجليزية ثم الى اللغة العربية، "إلا أن اقتراحنا قوبل بالرفض من قبل المحكمة"، تقول كلش.

 

توفر الترجمة في المراكز الامنية من لحظة استقبال ضحايا الاتجار بالبشر بالضرورة سيسُهم في تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة لهم، وتعلق كلش بناء على تقاريرهم الرصدية بأن أقوال الضحية تؤخذ دون وجود امضاء مترجم، "نجد تشابه التقارير الصادرة مما يدل على وجود نموذج لجميع الحالات مما يضعنا امام تساؤل حول كيفية التحقيق".

k

في دراسة "من يقرع الجرس" الصادرة عن مركز تمكين عام 2012 أفادت عينة بين العاملات الأجنبيات، بنسبة ۹٢٫٨٦٪من أفراد العينة من غير الناطقـين بـاللغة العربـية أنهن "لم يحـصلوا على دورات في اللغة العربـية قبل مجيئهم إلى الأردن، كما أن أي منهم لم يحصل على دورة باللغة عربية فور وصوله أراضي المملكة" بالتالي لا يوجد معرفة دونية باللغة العربية في حال اوقفن في المراكز الأمنية.

ترى نقابة المحامين أن من المنطقي مراجعة كافة القوانين والأنظمة والتعليمات ومواءمتها مع الاتفاقيات الدولية، وتطالب باصدار نظام ينظم العاملين بالزراعة، وتجريم العمل الجبري حيث مازال التعامل مع قضايا العمل الجبري كقضايا ومخالفات عمالية يقول العدوان.

*هذا التقرير هو جزءٌ ثان لتقرير عرض واقع ضحايا الاتجار بالبشر في الأردن

*التقرير بدعم من منظمة "صحفيون من أجل حقوق الإنسان" الكندية

أضف تعليقك