الأردن يعرض ترسانته في متحف جديد للدبابات

الأردن يعرض ترسانته في متحف جديد للدبابات
الرابط المختصر

يقدّم متحف الدّبابات الملكي الجديد في الأردن لمحة عن التاريخ العسكري العاصف للبلاد والمنطقة، فتُعرَض فيه دبابات نازيّة استُعمِلت في شمال أفريقيا ودبابات أردنيّة طُلِيت لتبدو كالدبابات السوريّة المستعملة في حرب تشرين التي دارت في هضبة الجولان في العام 1973. يعدّ هذا المتحف الأوّل من نوعه في العالم العربي، وهو يقع قرب عمان ويمتدّ على مساحة 20,000 متر مربّع. وقد بني المتحف على شكل مستودع، وتُعرَض فيه 110 دبابات ومركبات مدرّعة.

 

كان المتحف وليدة مرسوم ملكي أصدره الملك عبدالله الثاني في العام 2007، علمًا أنّ عبدالله هو القائد الأعلى للقوّات المسلّحة الأردنيّة – الجيش العربي، وهو اشتهر بشغفه للدبابات منذ صغره، وكان راغبًا في إنشاء متحف فريد من نوعه يستعرض تاريخ الدبابات.

 

 

تُقسَم صالة العرض في المتحف إلى تسعة أقسام يأخذ كلّ منها الزوار في جولة على النّزاعات العالميّة والإقليميّة، من الحرب العالميّة الأولى إلى الحروب بين إسرائيل وجيرانها العرب في هضبة الجولان، والأردن والقدس. تتدلّى من السقف مروحيّة كوبرا هجوميّة وتحتها دبابة من طراز "ستيوارت"، وكلتاهما كانتا ملكًا للملك بعد تخرّجه من أكاديميّة ساندهيرست العسكريّة الملكيّة المرموقة في المملكة المتّحدة. وتجدر الإشارة إلى أنّ عبدالله شغل عدّة مناصب في القوّات المسلّحة الأردنيّة.

 

 

تمكن زيارة المتحف لقاء رسم دخول يقارب الثلاثة دولارات، ويضمّ هذا المكان الحديث والمتطوّر تكنولوجيا تعمل باللّمس، وجولة سمعيّة بالإضافة إلى جولات مصحوبة بمرشدين. وسيتمكّن الزوار قريبًا من الركوب في دبابة والقيام بجولة في الخارج، لكنّها ستكون أكثر راحة ورحابة مقارنة بتلك الضيقة التي كان يضطرّ الجنود لتحمّلها.

 

 

إنّ العميد المتقاعد حمدان سميران، أمين المتحف ومهندسه المعماري المثقّف، بدأ تعاونه مع القوّات المسلّحة الأردنيّة في العام 2007. وقال للمونيتور، "نملك عددًا كبيرًا جدًا من الدبابات القديمة في الأردن. تضعها الوحدات العسكريّة في العادة على بوابات معسكراتها كقطعة ديكور [حتّى تتلف] لذا بدأنا بجمعها وترميمها".

 

تتجلّى خلفيّة سميران العسكريّة بوضوح في معرض المتحف المؤلّف من طابقين. ويحكي المتحف قصّة متسلسلة زمنيًا من خلال عرض الدبابة الأقدم في أوّل المعرض. جرى الاحتفاظ أيضًا برقم وحدة الجيش على كلّ دبّابة، وكذلك بلونها الأصلي وطلائها، وجرى ترميم الأقسام الدّاخليّة.

 

 

في الأعوام التي كان يجري فيها التحضير لافتتاح المتحف يوم 29 كانون الثاني/يناير، تعاون سميران مع متاحف الدبابات حول العالم للتفاوض بشأن صفقات تبادل الدبابات. وقد وُهِب عدد كبير من الدبابات للمتحف، ومن بين الواهبين جمهوريّة ألبانيا، وبروناي، واسبانيا، وسويسرا، وجنوب أفريقيا وسوريا. وما زال سميران يرغب في إضافة الدبابات اليابانيّة، والإيطاليّة والفرنسيّة القديمة، مع الإشارة إلى أنّ الألمان دمّروا عددًا كبيرًا من هذه الأخيرة في الحرب العالميّة الثانية.

 

 

يضمّ المتحف تماثيل من الشّمع لجنود يرتدون الكوفيات وقد صُوّروا إلى جانب جدار القدس الاسمنتي. تصطفّ أشجار البرتقال الاصطناعيّة على طول وادي الأردن حيث خُصِّص قسم بأكمله لمعركة كرامة التي قاوم فيها الزعيم الفلسطيني السابق ياسر عرفات وحركة فتح القوّات الإسرائيليّة. ويمكن أن نسمع في الخلفيّة الأغاني العسكريّة التقليديّة التي تعود إلى خمسينيّات القرن الماضي.

 

 

قال ماهر الطراونة، المدير العام للمتحف، إنّ الأزياء العسكريّة هي أصدق وصف للتاريخ. وقال للمونيتور إنّ "الجنود العرب لم يرتدوا الخوذات آنذاك لأنّ ذلك كان ينمّ عن جبن برأيهم".

 

 

ولفت الطراونة إلى أنّ أحد أهمّ أقسام المتحف هي قاعة مركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير (كادبي) التي تُعرَض فيها معدّات عسكريّة حديثة، وأسلحة متطوّرة ونماذج أوليّة بما فيها ناقلة الجنود "الجواد" المستعملة للأمن الداخلي. أنشئ كادبي في العام 1999 بموجب مرسوم ملكي، والغرض منه تقديم الخدمات العلميّة والتقنيّة للقوّات المسلّحة الأردنيّة. وقريبًا سيصبح جهاز محاكاة النزاعات متاحًا أمام الأطفال حتّى يتمكّن الزائرون الصّغار من محاكاة المعارك. وقال الطراونة إنّ درب النصر في اللّعبة يتمثّل "بضمّ الأراضي مع تجنّب الحرب المباشرة".

 

 

شرح اللواء المتقاعد والمحلّل الاستراتيجي مأمون أبو نوار أهميّة المتحف الوطنيّة، فقال إنّ "الدبابات موجودة في الجيش الأردني منذ وقت طويل، وكلّ شخص خدم في الجيش كرّس حياته لبلده. وإنّ الدبابات في المتحف بمثابة تقدير لهذه الخدمة".

 

 

أتى افتتاح المتحف قبل بضعة أسابيع من زيارة وزير الخارجيّة الأميركي ريكس تيلرسون إلى الأردن في 14 شباط/فبراير، والتوقيع المفاجئ على مذكّرة تفاهم لمدّة خمس سنوات مع الولايات المتّحدة تقضي بتقديم 350 مليون دولار من المساعدة العسكريّة للأردن.

 

 

وأضاف أبو نوار بقوله إنّ "الجانبين بحاجة أحدهما إلى الآخر. فموقع الأردن الجيوسياسي مثالي لـ[عمليّات] مكافحة الإرهاب ولمساعدة الولايات المتّحدة على احتواء النفوذ الإيراني في المنطقة. قدّمت الولايات المتّحدة مساعدة للأردن في بناء الجدار الأمني على طول الحدود السّوريّة والعراقيّة، وأنا أعتقد أنّ الأردن بحاجة اليوم إلى مزيد من الدّعم، كالطائرات بدون طيار والقنابل الذكيّة".

 

 

عندما تحرّى المونيتور عن مصدر تمويل المتحف، أجاب أحد المسؤولين في مجلس الأمناء بأنّ "عدّة شركات ووكالات أردنيّة تغطّيه".

 

 

وبحسب بحث أجراه بنيامين شويتز، الذي يدرس المحاولات الأميركيّة والأوروبيّة لتعزيز الدّيمقراطيّة في الأردن، وكذلك التعاون العسكري الأميركي الأردني، تعتمد موازنة الأردن العسكريّة بشكل كبير على المساعدة الخارجيّة. وقال للمونيتور عبر سكايب، "نظرًا إلى تزايد أهميّة الشّركات الخاصّة في القطاع الأمني بالأردن، يمكنني أن أتخيّل مشاركة شركات خاصّة دوليّة في تمويل المتحف، أو تمويله من خلال هبات صناعة السّلاح. وإنّ مركز الملك عبد الله الثاني لتدريب العمليات الخاصّة في الأردن تديره على سبيل المثال شركة "فيا غلوبال" الأميركيّة الخاصّة، ويتلقّى أيضًا تبرّعات هامّة من صناعة الأسلحة الدوليّة".

 

 

الجدير بالذكر أنّ الجزء الأكبر من الدبابات المعروضة في المتحف مصنوع في الولايات المتّحدة أو المملكة المتّحدة، ما يسلّط الضوء على العلاقات التاريخيّة بين المملكة الهاشميّة وهاتين الدولتين.

 

 

قال للمونيتور أحد الزوار البارزين الذي طلب عدم الكشف عن هويّته، إنّ المتحف يرمز إلى السّلام أيضًا لأنّ الدّبابات معروضة في الدّاخل وليس في الخارج حيث تدور الحروب.

 

 

وفي حين يوثٌّق المتحف على المستوى المادّي تاريخ الدبابات في العالم الحديث، هو يمثّل في الوقت عينه اهتمام العالم الغربي بدور الأردن المحوري كحجر أساس للأمن في محيطه المضطرب.

أضف تعليقك