الأردنيون والذكرى السبعون للاستقلال
احتفى الأردنيون في الخامس والعشرين من أيار، كما في كل عام، بعيد الاستقلال، وانتقال إمارة شرق الأردن إلى النظام الملكي، بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى المئوية للثورة العربية الكبرى.
الكاتب جمال العلوي، يشير إلى ما ورد في خطاب الملك عبد الله الثاني بهذه المناسبة، والذي أكد خلاله على مضامين جديدة هي الأساس، لبناء الأوطان تقوم، على العدالة الاجتماعية والمشاركة والسير قدما نحو التغيير، وبناء الدولة المدنية التي تقوم على روح المواطنة.
ويوضح العلوي بأن العدالة الاجتماعية، هي المعنى الحقيقي للاستقلال، وهي المعنى الحقيقي للمواطنة، وهي التي تصون الوحدة الوطنية وتعززها وتحفظ الأوطان، وتعيد إنتاج البلاد وفق منهجية جديدة، وهي الرديف الحقيقي لحماية الوطن في كل الظروف والتحديات مهما كانت التحولات التي تشهدها المنطقة.
فـ"لم يعد مقبولا ، أن تستغل المواقع الحكومية لتمرير منافع مناطقية وحسابات جغرافية على حساب الوطن وأبناء الوطن، لأن هذا النهج يخلق البيئة الحاضنة للتطرف والتوتر وتنامي الحقد الدفين في الصدور"، وهو ما يتطلب العمل على صياغة ميثاق وطني جديد يلتزم به الجميع وفق مقاربات صحيحة تقرأ الحاضر والماضي والمستقبل.
فيما يرى الكاتب رحيل غرايبة، في عيد الاستقلال "محطة سنوية مهمة يقف الأردنيون عندها وقفة مراجعة وتقويم، يقدرون من خلالها إنجازات أجيال الرواد من الشعب الأردني على جميع الأصعدة وفي كل المجالات السياسية والاقتصادية والتربوية والتعليمية والعسكرية الكبيرة والواضحة.
ويؤكد غرايبة على أهمية المزج بين مسار تعزيز الثقة وإشاعة الأمل من خلال تعظيم الإنجازات وتقديرها ورؤيتها بحجمها الحقيقي من جهة، وبين مسار البحث عن الخلل بعلمية وتجرد من جهة أخرى، ولكن بمنهج النقد البناء.
و"في عيد الاستقلال السبعين، نحتفل بالتعاهد على حماية وطننا وصيانة مقدرات شعبنا، والمحافظة على هذا الاستقرار النسبي الملحوظ، وأن نتعاهد جميعاً على حفظ هذا البلد من الانزلاق نحو مربع الفوضى والفتنة، وهذا يحتاج إلى جهود متميزة في تعزيز الوحدة الوطنية وتمتين النسيج المجتمعي"، يقول غرايبة.
فـ"على الصعيد الاقتصادي يجب أن نسير نحو بناء الاقتصاد الإنتاجي الحقيقي، والتخلص من عبء الدين العام، وتجاوز الاعتماد على المنح الخارجية ومغادرة المنهج الريعي الذي طال أمده، وعلى الصعيد التربوي ينبغي إعادة الدور الريادي للمعلم الذي يشكل ركيزة النهضة التعليمية الأساسية".
وينتهي الكاتب إلى القول "ليس أمامنا خيار سوى المضي بالأردن نحو معالم الدولة الديمقراطية الحديثة، التي توازي الدول الديمقراطية المتقدمة في كيفية تشكيل الحكومات على أسس برلمانية انتخابية وأحزاب برامجية، وتجاوز كل أشكال التعصب الديني والمذهبي والطائفي والجهوي والعشائري في طريقة الفرز والاختيار السياسي".
أما الكاتب طارق مصاروة، فيذكر بتاريخ الأردن ونظامه السياسي في الفترة ما بين عامي 1921- 1946، داعيا المؤرخين إلى إعادة دراسة تاريخ الإمارة.
ويضيف مصاروة بأن "الأردن بصيغته الهاشمية الوحدوية كان مستقلاً منذ 25/ 5/ 1923، فقد أوقف امتداد وعد بلفور عند النهر، وبدأ الشهيد المؤسس مشروعه الوحدوي.. مشروع سوريا الكبرى، وإعادة مملكة فيصل إلى صورتها التحررية".
ويلفت الكاتب عمر عياصرة أن مناسبة الاستقلال "تأتي اليوم في ظل ظروف مختلفة عن تلك التي كانت قبل سبعين عاما، فالإقليم يعيش مرحلة هدم وبناء لا ندري إلى اللحظة اتجاهاته"، كما أن "أردن الداخل يعيش أيضا محاولات تفكيك وإعادة بناء لشكل الدستوري السياسي".
"فهويتنا الجامعة، يجب أن تكون حذرة من محاولات الهضم والقضم التي يطالب بها البعض تحت عنوان توسيع الجغرافيا والديموغرافيا"، يكتب العياصرة مؤكدا أن الحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية الصلبة سيكون طريقا لمنع تمرير تقسيم سوريا، كما أنها ستفوت على إسرائيل فرصة حل القضية على حساب الأردن.
من جانبه، يلفت الكاتب محمد أبو رمان، إلى وجود تيارين في البلاد، أحدهما يشكك في كل شيء؛ في الثورة العربية الكبرى والاستقلال والإنجازات التي حققتها الدولة، مقابل تيار جارف يعتز بما حافظ عليه الأردن وما حققه خلال العقود الماضية.
ويضيف أبو رمان بأن "إحدى القضايا المهمة التي من السهولة التقاطها اليوم، هي غياب الرواية الأردنية المسبوكة الموضوعية العقلانية لحكاية الاستقلال ويومه، ما يمكن أن يرسخ في الذاكرة الوطنية عميقاً؛ في مناهج التربية والتعليم والجامعات والفن والثقافة والأدب".
و"هذه الرواية، والرواية هنا ليس بالمعنى الأدبي، بل ما هو أشمل، سياسياً وأدبياً وإعلامياً وثقافياً، هي الأكثر قدرة على العبور والرسوخ في العقل والوجدان، إذا كانت تستند على فلسفة واعية ذكية، وعلى حقائق تاريخية وموضوعية وواقعية في الطرح المطلوب".
ويتساءل الكاتب "ماذا حدث في يوم الاستقلال؟ كيف تحقق الاعتراف البريطاني بالأردن كمملكة؟ ما هي النضالات السياسية والوطنية التي حدثت حتى اجترح الأردن موقعه الجغرافي-السياسي، وسط مطالب إسرائيلية بإلحاقه بفلسطين، وقبول مسؤولين بريطانيين بتلك المطالب؟
"كيف نهض الأردن وانتقل منذ الثورة العربية الكبرى إلى إمارة، ثم دولة، وكيف انبنى هذا الوطن وسط مناخ تشكيكي عام دولي وإقليمي بإمكانية التواصل والاستمرار؟ كيف كان يوم الاستقلال؟"