"أم فاطمة السورية".. يد في معمل الطوب وأخرى تدير شؤون البيت

"أم فاطمة السورية".. يد في معمل الطوب وأخرى تدير شؤون البيت
الرابط المختصر

 

حتى أثناء كانت حبلى بابنتها الثانية التي أنجبتها قبل بضعة أشهر، لم تكن "أم فاطمة السورية" تضع المجرفة و" الكريك" من يديها إلا مع انقضاء نهار عملها الطويل مع زوجها في معمل الطوب الصغير في منطقة الظليل.

 

وبرغم معاناتها من مرض فقر الدم وتزايد الأعباء عليها عقب الولادة، إلا أن عائشة المحمد (28 عاما)، والتي تعرف بين الجيران باسم "أم فاطمة السورية"، لم تفكر قط في ترك وظيفتها في المعمل الذي تديره هي وزوجها منفردين.

 

ووظيفتها ببساطة هي "عامل"، مثل أي عامل آخر في معمل للطوب، بما تتضمنه من إعداد الجبلة (خليط الإسمنت والحصى والماء) وتلقيمها في مكبس الطوب، ثم حمل الطوبة الطرية تلو الأخرى ورصفها في ساحة المعمل حتى تجف تحت الشمس.

 

وبعد أن تطمئن إلى جفاف الطوب تبدأ مهمتها التالية في ترتيبه فوق بعضه على هيئة صفوف ليكون جاهزا للتحميل في القلابات وسيارات النقل الصغيرة.

 

وليست هناك ساعات محددة للعمل الذي يبدأ منذ انبلاج الفجر، فالأمر منوط بانجاز الكمية المتفق عليها مع صاحب المعمل، وهي 600 طوبة يوميا، والتي على أساسها يتقاضيان أجرا معلوما لم يشأ الزوجان الافصاح عن مقداره.

 

"العمل صعب"، كما تؤكد أم فاطمة، لكنها تتمسك به رغبة منها في مساعدة زوجها وزيادة دخل الأسرة، وأيضا خشية أن يأتي عامل آخر يقاسمهما وابنتيهما الغرفة الصغيرة الملحقة بالمعمل، والتي يتخذونها مسكنا.

 

وتضيف المرأة التي لجأت إلى الأردن مع زوجها من منطقة دير الزور شرق سورية "الحياة صعبة، وتضطرني إلى أن أعمل عمل الرجال، وحتى أثناء الحمل كنت أخلط أحد عشر كيس اسمنت يوميا في المعمل".

 

وبينما يخلد زوجها مطر محمد إلى الراحة بعد انقضاء يوم الكد المرهق في المعمل، إلا أن أم فاطمة لا تملك وقتا لذلك، حيث تكون مهامها في البيت قد بدأت، بما فيها من إعداد للطعام وغسل للملابس والأواني، ورعاية للطفلتين.

 

وبعد أكثر من 12 ساعة تمضيها بين المعمل والبيت، تلقي هذه المرأة رأسها على الوسادة وقد "هدها" التعب، وعينها على صباح يوم جديد مزدحم بالأعباء التي تؤكد أنها مستعدة لتحملها برحابة صدر في سبيل العيش بكرامة هي وزوجها وابنتيهما.

 

وبنبرة لا تخلو من تقدير وامتنان، يعلق مطر على المجهود والكفاح الذي تبديه زوجته قائلا "حياتنا صعبة، والظروف تستدعي تعاون الرجل والمرأة من أجل تأمين لقمة العيش".

 

جدير بالذكر أن قضاء الظليل يحتضن نحو 50 ألف لاجئ سوري يعيشون ويعملون ضمن القضاء، وذلك بحسب تقديرات جاءت على لسان رئيس البلدية سالم أبو محارب خلال تصريحات صحفية أدلى بها في شباط الماضي.