أمهات الأطفال ذوي الإعاقة.. بين التكيف والعزلة

أمهات الأطفال ذوي الإعاقة.. بين التكيف والعزلة
الرابط المختصر

’’ عيد الأم عندي يوم زي أي يوم عادي ما بنعمل فيه اشي’’ هكذا عبرت أم عمرعند سؤالها عن احتفالها مع أسرتها وأبنائها في عيد الأم.. فأم عمر سيدة أربعينية  وأم لأربعة أبناء أكبرهم فتاة بعمر التاسعة والعشرين مصابة بشلل دماغي منذ ولادتها..

 

حياة أم عمر تختلف عن حياة  أي أم أخرى من حيث الاهتمام بابنتها المصابة بالشلل الدماغي وأبنائها الآخرين وبيتها.. بالإضافة إلى زوجها المصاب بإعاقة سمعية.. حيث تذكر أنه لا معيل لها ماديا أو معنويا في العناية بابنتها المريضة ..

 

وحول اكتشافها  لمرض ابنتها تقول أم عمر لعمان نت.. أنها وبعد عملية الولادة لاحظت بعض الأمور غير الطبيعية  لطفلتها, كعدم الحركة والخمول والنمو البطيء ونحول الجسم, مما دفعها لمراجعة الأطباء والمستشفيات والمراكز الطبية  المختلفة، لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة لتشخيص حالة الرضيعة، والتي تبين في نهاية الأمر وبعد رحلة طويلة من معاناة وتعب الأم وصغيرتها أنها تعاني من ضمور في الدماغ ، أدى إلى إصابتها بشلل دماغي بسبب نقص الأوكسجين أثناء عملية الولادة بحسب أقوال الأطباء..

 

وتستمر أم عمر بوصف حياتها كأم .. بأنها لا تعيش حياة طبيعية كغيرها من الأمهات  فهي لا تستطيع ممارسة حياتها الاجتماعية فالزيارات والمناسبات الاجتماعية ملغاة من حياتها بشكل كامل لعدم قدرتها على  ترك ابنتها المريضة لوحدها أو أخذها معها لأي مكان بسبب حالة الفتاة الصحية فهي في حالة عصبية دائمة وتحتاج إلى الرعاية والعناية القصوى حسب قول الأم..

 

وتضيف ’’ لما بدي أجلي أو أغسل أو أطبخ لازم تكون معي وماتغيب عن عيني’’..  فقبل أسبوعين تسببت الإبنة بحريق صغير في المنزل عند اضطرار الأم بأن تغيب عنها لمدة خمس دقائق..

 

ومن جهة أخرى تروي لنا هبة أم عيد قصتها مع طفليها ومحاولاتها لدمجهما مع مجتمعهم بشكل طبيعي، فعيد ذو الأربعة عشر عاما مصاب بالتوحد البسيط مع إعاقة عقلية, وحمزة ذو الثلاثة عشر عاما ,المصاب  بالتوحد الشديد مع إعاقة عقلية أيضا.

 

مجهود هبة وواجبها كأم مضاعف بوجود طفلين يحتاجان لرعايتها الدائمة والخاصة خصوصا بعد رفض المدارس قبول أبنائها ودمجهم  مع أقرانهم بحجة تشتيت انتباه الطلاب الآخرين, فكانت رحلتها الثانية هي البحث عن مراكز متخصصة لحالة الطفلين ,وبعد طرق أبواب عدة ورفض متكرر لهما تم قبول عيد ورفض حمزة ..

 

وتضيف هبة بعد رحلة بحث استمرت مايقارب الأربع سنوات تم قبول حمزة بأحد المراكز منذ سنتين إلى الآن وحالته في تحسن طفيف..

 

مايحزن هبة كأم نظرات الشفقة والاستهزاء من  بعض الأشخاص لها ولأطفالها عند خروجهم للأماكن العامة أو الحدائق وأماكن الترفيه, فتقول ’’ من حق أبنائي اللعب وممارسة حياتهم بشكل طبيعي كأقرانهم ’’ وتنهي هبة حديثها قائلة ’’مابستحي من ولادي وعندي اياهم بالدنيا كلها ’’

 

مشاعرهبة بأمومتها لا تضاهى، واحتفالها بعيد الأم مضاعف، فتقول ’’عيد الأم عندي بعيدين , بنحتفل بعيد الأم وعيد ميلاد إبني عيد ’’ فتجتمع العائلة الصغيرة مع عائلتي الأم والأب احتفالا بهاتين المناسبتين ..

 

وعن دور الجمعيات في تقديم المساعدة للأمهات عن طريق برامج مساندة وموجهة  تعين الأمهات على تربية أبنائهن من ذوي الإعاقة استضفنا آسيا ياغي رئيسة جمعية أنا إنسان لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي أوضحت بأن الجمعية  تتبع منهجين في توعية الأمهات ,أولا عن طريق توضيح الطرق والوسائل التي تساعدهن في التعامل مع الإبن ذو الإعاقة من جهة.. ومن جهة أخرى توعيتهن حول كيفية الكشف المبكر عن الإعاقة, كملاحظة بعض التغيرات الجسدية على سبيل المثال أو عدم استجابة الطفل للمؤثرات المحيطة به..

 

وبالإضافة لما سبق تعمل الجمعية على تقديم المشورة النفسية والإرشادية للأمهات لتخطي بعض المراحل الحرجة التي يمر بها الطفل لمساعدتهن في التعامل مع أبنائهن , فعلى سبيل المثال لا الحصر,توجيه النصح والإرشاد في كيفية التعامل مع الأبناء المعاقين في عمر المراهقة .. ولاتقتصر عملية النصح والإرشاد للأمهات فقط بل تشمل أيضا الأطفال ذوي الإعاقة..

 

ومن أكثر الصعوبات التي تواجه هؤلاء الأمهات  من وجهة نظر آسيا قبول الأم والأهل بشكل عام للطفل المعاق والتعاطي معه وبالأخص في غياب الوعي والثقافة لدى بعض الأمهات أو الأهل..

 

وبحسب قولها فإن رعاية الطفل المعاق مسؤولية  ليست على الأم وحدها بل على الأهل ككل وعليهم التأقلم والتكيف مع حالة أبنائهم وتقديم الدعم اللازم لهم للنجاح في حياتهم وعدم عزلهم عن محيطهم..

 

وتضيف ياغي بأنها ترفض ما يسمى بالتحدي فالشخص المصاب بأي إعاقة غير مطالب بالتحدي بل عليه التكيف مع الإعاقة هو وعائلته..

 

الأمومة..لا تقتصر على كونها روح تنبثق من رحم جسد.. بل هي  نبع حنان متدفق بمشاعر لا تنضب.. فؤاد يخفق بلحن ملائكي يدنو رفقا من فراشات تملأ الدنيا فرحها وحلاوتها وبراءتها.

 

 

أضف تعليقك