أزواج في الزرقاء يستسهلون الطلاق.. ولـ”أتفه” الأسباب

أزواج في الزرقاء يستسهلون الطلاق.. ولـ”أتفه” الأسباب
الرابط المختصر

عاد إلى البيت، فلما وجدها أعدت طعاما غير الذي طلبه، ألقى عليها "يمين الطلاق"، وأخرى لم يسمح لها زوجها بمصاحبة جارتها إلى السوق، فسعت إلى طلاقها منه، وثالثة طلبت تطليقها لأن الزوج يمنعها من زيارة أهلها في يوم محدد.

 

ربما تكون أسباب الطلاق في كل من هذه الحالات، والتي سجلتها أروقة محكمة الزرقاء الشرعية، بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وبحيث تكون قد سبقتها تراكمات من الخلافات الزوجية، لكنها تظل بحد ذاتها أسبابا “تافهة” وتنم عن استسهال للطلاق، كما يؤكد القاضي الشرعي زكي الأحمد.

 

ولا يخفي القاضي الأحمد، وهو رئيس محكمة توثيقات الزرقاء الشرعية، امتعاضه من هذا الاستخفاف بالطلاق على عظم شأنه في الإسلام، مذكرا بأن الله سبحانه سمى الزواج “ميثاقا غليظا”، وشرع حلولا للخلافات التي قد تقع في إطاره، وآخرها الطلاق.

 

وقال “حين أباح الله عز وجل الزواج (فذلك) لغايات كثيرة، فهو مودة وسكن ورحمة وتفاهم وانسجام ومحبة بين الزوجين”، مضيفا أن “حُسن معاشرة الزوجة مطلوب، وأن يتقي الإنسان الله عز وجل دائما في زوجته، وكذلك أن تتقي الزوجة الله عز وجل في زوجها”.

 

حقوق وواجبات

 

والحياة الزوجية، وكما يضيف القاضي الأحمد، “مسألة حقوق وواجبات، وكل طرف يجب أن يعرف حقوقه وواجباته وأن يعذر الآخر في ما بدر منه من نقص أو خطأ، وألا يكون عند الزوج أو الزوجة مجهر ينظر فيه للأشياء الصغيرة ويكبّرها، فهناك بعض الأمور التي تُحَل ببساطة”.

 

ويؤكد أنه “إذا عذر كل إنسان الآخر تحل المسائل، لكن في كثير من الاحيان يكون الحوار مفقودا بين الزوجين، وبحيث أن (مفاهيم) عزة النفس والكرامة والرجولة.. وللأسف بعض العادات والتقاليد التي ليست من ديننا، تمنع الزوج احيانا من ان يحل المشكلة مع زوجته بالحوار”.

 

وفي المقابل، وجه القاضي الاحمد نصيحة الى الزوجة قائلا “يجب ان تعذري زوجك فهو قد يواجه مشاكل في عمله، لا تضغطي عليه ولا تحققي معه ولا تجعلي الحياة بينكما عبارة عن أمور أكل وشرب وبيت ومصروف، بل هناك امور أسمى، المشاعر الانسانية، الانسجام والمودة”.

 

ويضيف “لا تنظري للسلبيات بل انظري للإيجابيات، فكل انسان فيه سلبيات وايجابيات، والتركيز على السلبيات وحدها يقتل الحياة الزوجية”.

 

ويحذر الأحمد من إقحام أحد من أهل الزوجين في مشكلاتهما، معللا ذلك بان “المشكلة الزوجية اذا خرجت من باب البيت كبرت وأصبحت صعبة الحل، لان من يتدخل فيها لا يملك دائما الوعي والحل، بل العكس احيانا، حيث يزيد المشكلة تعقيدا اذا ما كان ممن تأخذهم العزة بالإثم”.

 

كما حث أهل الزوجة على عدم التعجل في اللجوء الى المحاكم “لان المشكلة لو كانت صغيرة فستكبر، ولو كان الجرح بسيطا سيتعمق”.

 

ودعا الآباء خصوصا اذا جاءت ابنة احدهم اليه مغضبة، الى التحاور مع زوجها باعتباره ابنا “فلا عيب في ذلك ولا هو حرام أن تصاحب زوج ابنتك، حتى لو كان مخطئا، تقرب منه بالكلام الطيب والنصيحة الحسنة، وبذلك تحل الكثير من المشكلات، أما الإصرار على أخذ حق ابنتك فهذا ما يعمق الخلاف، ويهدم اسرة فيها أولاد سيدفعون ثمن مشكلات لا ذنب لهم فيها”.

 

التراضي قبل التقاضي

 

وفي ما يتعلق بدور القضاء الشرعي، يبين القاضي الأحمد أنه لا يبت في قضايا الطلاق فورا، بل يسبق ذلك تطبيق للشعار الذي حددته دائرة قاضي القضاة، والذي ينص على أن “التراضي قبل التقاضي والوفاق قبل الشقاق” .

 

ويقول إن هذا النهج يهدف الى “الحد من حالات الطلاق، لأن الطلاق لا يؤثر على الزوجين فقط، بل يؤثر على المجتمع ككل”.

 

ويوضح الأحمد أنه حين تقدم معاملة الطلاق إلى القاضي فإنه “يحاول الإصلاح، حيث يجلس مع الزوجين ليعرف سبب المشكلة، والتي بمعرفتها يسهل العلاج، وهو ينجح في حلها في كثير من الأحيان، وبحيث لا يعود الطرفان بعدها إلى المحكمة للتقاضي بل قد يعودان ليشكراها”.

 

إلا أنه يشير إلى حالات طلاق وصفها بأنها “تمس المشاعر الإنسانية” ولا يكون السبب فيها خلافات زوجية “كالتي يكون مردها عدم الإنجاب، وبحيث يكون الزوجان قد أمضيا معا عشرين عاما في مودة ورحمة، لكنهما ونتيجة الرغبة في الأولاد، يتوصلان إلى نتيجة يضحي خلالها أحد الطرفين في سبيل إسعاد الطرف الآخر”.

 

ويذكر أن عدد حالات الطلاق في الزرقاء شهدت ارتفاعا طفيفا خلال الربع الأول من العام الحالي، قياسا بنفس الفترة من العام الماضي، بحسب أرقام دائرة قاضي القضاة.

 

وتظهر الأرقام 545 واقعة طلاق خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي، في مقابل 523 واقعة للفترة نفسها من العام الماضي، فيما انخفض عدد حالات الزواج الى1475 مقابل 1760 حالة مسجلة ضمن فترتي المقارنة.

 

ويشير القاضي الأحمد في هذا السياق إلى أن المحاكم الشرعية في الزرقاء باتت تشهد في السنوات الأخيرة كثافة متنامية في أعداد المراجعين، بفعل عوامل منها الزيادة السكانية الناجمة عن اللاجئين السوريين وقبلهم العراقيين.

 

ويضيف بأن الموظف في المحكمة كان يتعامل سابقا مع ما معدله 10 معاملات يوميا، فيما أصبح يتعامل مع ما بين 15- 20 معاملة، من زواج وطلاق وغيرها، مبينا أن هذا الضغط حدا بدائرة قاضي القضاة إلى تمديد ساعات دوام المحاكم حتى الخامسة والنصف يوميا من اجل التمكن من انجاز المعاملات.

 

للاطلاع على تقارير: هنا الزرقاء

أضف تعليقك