أثر الانتماء الديني على حقوق الأردنيين: دراسة برسم التفاعل
بتاريخ السادس والعشرين من أيلول الماضي، أطلقت "شبكة الاعلام المجتمعي" الدراسة الأولى من نوعها حول حالة "أثر الانتماء الديني لممارسة الحقوق المدنية والإنسانية"، متقصية مناطق الانتهاك الواقعة على أردنيين ينتمون إلى معتقدات دينية غير معترف بها رسميا.
عينة الدراسة استهدفت البهائيين والإنجيليين والدروز، من جوانب أثر انتمائهم على حقوقهم في القوانين المختلفة، ورصد لجوانب الانتهاك الواقعة على الأسر والأفراد والنساء، لتفرد الشبكة برنامجا اذاعيا اتخذ من كل انتهاك استعرضته الدراسة حلقة من حلقاته الإذاعية.
الدراسة أظهرت عدة انتهاكات بحق تلك الفئة من المواطنين، من بينها التمييز المجتمعي والتدخلات الأمنية واستدعاء أشخاص إلى دائرة المخابرات العامة. عن آثار عدم الاعتراف، أظهرت الدراسة، أن أستمرار ترك خانة الديانة فارغة بالنسبة للبهائيين فيما تدرج لدى المسلمين والمسيحيين، زادت من وجود عوائق وقيود متعلقة بتغيير الديانة واستحالة ممارسة شعائر بعض المعتقدات علانية فضلا عن تأثرهم من تطبيق قانون الإرث الإسلامي عليهم.
فيما حملت أبرز توصيات الدراسة، "سن تشريعات أو نصوص تشريعية لتجريم التمييز بسائر صوره بما في ذلك التمييز القائم على أساس التعصب الديني والمعتقد، كذلك إزالة سائر النصوص التشريعية والممارسات المنطوية على تمييز على أساس الدين”.
رد رسمي برسمية أكثر
على المستوى الرسمي، تلقت “شبكة الإعلام المجتمعي” رسالة من رئيس الوزراء عبدالله النسور بتاريخ السادس والعشرين من كانون أول العام 2012 بعد تقديم الدراسة إلى رئيس الوزراء وتفيد رسالته "أعلمكم بأن حقوق الجميع محفوظة كمواطنين أردنيين دون أي تمييز وفقا للدستور وليس نتيجة ندوة أو حلقات نقاشية".
مساعد أمين عام وزارة الأوقاف لشؤون الدعوة مدير الوعظ والإرشاد، عبد الرحمن إبداح، يرى ما تم تنفيذه من حلقات نقاشية متزامنة مع إطلاق الدراسة “بالخطوة الإيجابية“ وقال: “لم نشهد في مجتمعنا أي قضية لها أصول طائفية أو دينية، هذا غير موجود لدينا، لو نظرت إلى منطقة العبدلي لوجدت مسجد مقابل كنسية”.
يدعو إبداح إلى الحوار واحترام المعتقدات الأخرى على قاعدة التواصل وعدم الإساءة، قائلا أن ثمة مؤتمرات ومحاضرات يكون الهدف منها تعميق التفاهم. “غير أن التأثير يبقى نسبي ويحتاج إلى مران بفعل الزمن”، كما يرمي إليه إبداح في حديثه “لوطن ومعتقد”.
ما تضمنته الدراسة من حلقات نقاشية، “عززت من سماحة الإسلام ورحابته للديانات المختلفة”، وفق إبداح.
كشف الانتهاك.. قيمة مضافة
على الصعيد الحقوقي، يعتبر الناشط الحقوقي طالب السقاف الدراسة بـ"محاولة أولى للكشف عن طبيعة المشكلات المتعلقة بعدم اعتراف النظام القانوني للدولة ببعض المعتقدات". معتبرا كشف الدراسة عن الانتهاك بحق تلك الفئة من المواطنين "قيمة إضافية" من حيث كونه مستوى آخر من مستويات الضبط الاجتماعي.
من الجدير ذكره إلى أن تحالف "إنسان" الذي يعد تقريرا شاملا حول أوضاع حقوق الإنسان في الأردن، يستند في بند حرية المعتقد على ما أوردته الدراسة من انتهاكات وتوصيات ليضيفها لتقريره الذي سوف يتقدم به إلى اللجنة الأممية المتبوعة بمجلس حقوق لاستعراض الدول والمنظمات الحقوقية تقريرها الدورية الشاملة حول حالة حقوق الإنسان خلال العام الجاري 2013.
يقول السقاف لـ“وطن ومعتقد” أن اهتمام المنظمات الدولية بحرية المعتقد في في الدول لا يأتي إلا من باب “التغطية الروتينية”، ويوضح: "يتم الرصد من باب الوفاء بهذا الحق ليس أكثر".
"كيف يطلب من الأردن الاعتراف بالمعتقدات الاخرى في وقت أن جوهر الدين والمعتقد تتنافى مع فكرة الاعتراف القانوني، كونها قائمة على قناعة منتسبيها"، يقول السقاف الذي يرى أن الالتزام الاصلي يكمن في أن لا تضع الدولة العراقيل او قيود على هذا الحق".
التوقيت غير المؤثر
في الجانب الإعلامي، قامت شبكة الإعلام ببث سلسلة تقارير إذاعية في برنامج "وطن ومعتقد" مستعرضا البرنامج في كل حلقة من حلقاته الأربعة عشر حقا من الحقوق التي أوردتها الدراسة.
المراقب الإعلامي محمد عمر، لم يلمس أي تأثير قد أحدثته الدراسة في الوقت الراهن، قائلا "التوقيت الذي صدرت فيه الدراسة لا يخدمها فضلا عن أن الدراسات بشكل عام في الأردن لا تحُدث أي تأثير".
ويتابع عمر حديثه ل"وطن ومعتقد" أن الظرف السياسي الذي يشهده الأردن حاليا لا يخدم الدراسة، "الحراك الذي نشهده، وارتفاع الأسعار والإصلاح السياسي، كلها هيمنة على الساحة".
"حتى أن الخلافات بين الإخوان المسلمين والحكومة في الأردن، هي سياسية بامتياز وليست دينية”، يقول محمد عمر.
نتائج برسم التفاعل
تبقى نتائج الدراسة برسم التفاعل على المستوى الحكومي، من حيث ضرورة “استحداث مرجعية جديدة تعني بإدارة الأوقاف والشؤون الدينية الخاصة بسائر الجماعات غير المسلمة وفتح حوار وطني معها، وتضمين مناهج التعليم بأهم أحكام القانونين الدولي والأردني في مجال الحريات الدينية والمساواة”.
مزيد من تقارير وطن ومعتقد هنـا