آراء في عودة حماد للداخلية والتغييرات الأمنية
تركت استقالت وزير الداخلية حسين المجالي، وإحالة قياداتي مديرية الأمن العام وقوات الدرك للتقاعد، وتعيين سلامة حماد لاستلام حقيبة الداخلية، مساحة لتحليلات كتاب الرأي في أعمدة الصحف اليومية لقراءة الأسباب والدوافع، التي سرعان ما كان للشارع الأردني قراءاته المتباينة فيها.
الكاتب ماجد توبة، يشير إلى موجة التحليلات والتنبؤات العديدة، والمتضاربة أحيانا، حول الأداء المرتقب لوزارة الداخلية والمنظومة الأمنية، في المرحلة المقبلة، خاصة بعد الانتقاد غير المسبوق الذي وجه من أعلى المستويات للمرحلة السابقة، والتي شهدت "تقصيرا وغيابا للتنسيق" بين أطراف المنظومة الأمنية.
ويرجع توبة ذلك التضارب في التوقعات، إلى شخصية الوزير ذاته، وخبرته السابقة بتسلم "الداخلية" منتصف التسعينيات على مدى حكومتين، إضافة إلى الاختلاف في قراءة الرسائل التي رافقت استقالة "أو إقالة" المجالي، ومديري "الأمن العام" و"الدرك".
ويشير توبة إلى ما تميز به عهد حماد كوزير للداخلية بمنتصف تسعينيات القرن الماضي، من تشدد أمني، وانتقادات حقوقية، لأداء وزارة الداخلية والمنظومة الأمنية والحكومة بصورة عامة، في غير ملف داخلي، سواء في ملفات الصحافة أو الحياة النيابية والسياسية والحزبية.
"فيما يرى البعض الآخر أن ما شهده ملف هيبة الدولة، والتجرؤ بالاعتداء على القانون في غير منطقة وقضية، كما في قضايا مطلوبي معان والاعتداء على مصادر المياه والكهرباء وأكثر من حرم جامعي، هي أمور تحتاج لمرحلة جديدة، يتم فيها فرض هيبة القانون والنظام العام، وعدم التراخي فيه، وبما يترافق مع حسم أي صراعات بينية أو عدم تنسيق داخل المنظومة الأمنية، الموكل إليها تطبيق القانون"، بحسب توبة.
ويرى الكاتب محمد أبو رمان أن "المعيار الذي طغى على حسابات مراكز القرار في اختيار حمّاد وزيراً للداخلية، هو البحث عن "رجل قوي"؛ لديه قدرة على إدارة المؤسسات الأمنية التي تقع تحت مظلّة الوزارة، كما يمتلك خبرة في التعامل مع المجتمع المحلي والشؤون الاجتماعية".
ويوضح أبو رمان بأن "الرسالة الأوّلية التي ترتبت على تعيين حماد، ملتبسة للرأي العام؛ تجاه ملف "الإصلاح السياسي"، بخاصة أنّه جاء وزيراً مع حكومة عبدالسلام المجالي (1993)، التي شهدت، في حينه، الانتكاسة عن المسار الديمقراطي وإقرار الصوت الواحد، وتراجع حالة الحريات العامة في البلاد، والتمهيد لمعاهدة السلام".
إلا أن وزير الداخلية الجديد "القديم" يمتلك تاريخاً كبيراً في الوزارة، وإحاطة بمفاصل عملها المختلفة، إذ شغل موقع أمين عام الوزارة في انتخابات العام 1989، ولديه إلمام بالقضايا العشائرية.
أما الناطق باسم الحكومة السابق الكاتب سميح المعايطة، فيؤكد على ضرورة عدم التعميم الذي يلحق الظلم بأجهزتنا الأمنية "رغم الفرح والنظرة الإيجابية لقرارات التغيير الأمنية الأخيرة".
ويوضح المعايطة بأن الملك أراد من خلال قرارات التغيير أن يعالج خللا معينا، وأن يرسل رسالة فيها من الحزم والردع عن أي خلل مهما كان مؤقتا أو محدودا، بما لا يمس صوره الأجهزة الأمنية الأردنية.
ويشير الكاتب إلى الفارق ما بين "إدارة لملف" وبين "مسار لمؤسسات"، موضحا بأن الإرادة الملكية تهدف لعدم تسرب أي ترهل أو تجاوز للأسس قي أداء أي موسسة.
فيما يوسع الكاتب رحيل غرايبة، النظر إلى "حجم التغير الكبير الذي طرأ على المعادلة الإدارية التي تحكم وتضبط سير التجمعات البشرية في العصر الحاضر، والذي ترافق مع التغير الهائل الذي طرأ على الفضاء الإعلامي الواسع وسرعة انتشار الخبر.
ويضيف غرايبة بأن "الأمن الحقيقي لا يتحقق إلّا عبر منظومة من المسارات المتكاملة على صعيد التعليم والصحة والغذاء والدواء والاقتصاد والاجتماع والتشريع والقضاء، التي تتكامل في عملية بناء الإنسان واستقرار الحياة وتدبير المعايش وسلامة العلاقات الاجتماعية، بحيث يصبح رجل الأمن وجهاز الأمن أحد إفرازات هذه المنظومة المتكاملة والشاملة.
ويؤكد على أن مؤشر التغيير الجوهري الذي يجب ملاحظته بدقة وعناية بالغة يتعلق بضرورة رفع منسوب دور المجتمعات في إدارة نفسها، ورفع مستوى المشاركة الشعبية في تحمل المسؤولية، الأمر الذي لا يتم إلا عبر ترجمة فورية إلى تشريعات وقوانين وأنظمة وتعليمات وقرارات، والشروع في التطبيق وإنجاز المشاريع وخوض التجارب العملية، التي تسير بالمجتمع كله نحو آفاق المشاركة الفاعلة في إدارة المجتمع.
وتتساءل رئيسة تحرير صحيفة الغد جمانة غنيمات عن سبب العودة إلى شخصيات تخرجت من "مصنع النخب الأردني قبل عقود طويلة"، كلما تأزم موقف، واحتاجت الدولة إلى مسؤول "جديد" ذي اسم ثقيل.
وترى غنيمات أن اتكاء الدولة على الجيل القديم من المسؤولين لأداء الأدوار الصعبة، يشكل إقرارا طوعيا بأن الدولة عجزت عن خلق كفاءات جديدة، وقيادات قادرة على إدارة أمرنا.
وتشير إلى أن "العطب الحالي هو نتيجة عودة الدولة خطوات عن طريق الديمقراطية، وأخذها البلد باتجاه قانون "الصوت الواحد" الانتخابي.
وتخلص غنيمات إلى إمكانية لجوء الدولة إلى نخب العقود الماضية، إلا أن "هذا الأمر غير ممكن إلى ما لانهاية" حيث لا بد من التحضر للمستقبل، وليدرك شباب اليوم أنهم قادة الغد.. فـ"مصلحة الأردن تقتضي من بعض من يمسهم الكلام، التخلي عن بعض أنانيتهم، لإفساح المجال للشباب".