التأهيل المبكر لذوي الإعاقة استثمار نتائج ذات طابع مستدام

 

تشير نتائج بعض الدراسات إلى أن السنوات الأولى من العمر هي الأكثر حيوية في عمر الطفل، لأنها تتميز بالتطور السريع وخاصة تطور الدماغ وبالتالي توفّر القاعدة الأساسية للنمو المستقبلي وتزيد من فرص البقاء على قيد الحياة، والتعلم، والتمكين والمشاركة. هذا أكدته أخصائية التربية الخاصة في مجال التدخل المبكر الدكتورة سهى طبّال. 

حيث تقلل برامج التدخل المبكر من احتمالات ظهور إعاقات ثانوية عند الطفل، فيما تُيسر برامج التدخل المبكر دمج الطفل في بيئات التعلُّم المبكر جنباً إلى جنب مع أمثاله".



 وتؤكد نتائج العديد من الدراسات الطولية بأن برامج تنمية الطفولة المبكرة يمتدُ أثرها حتى سن البلوغ، إذ أنه يؤثر على نوعية الحياة لأسرهم وأطفالها.



تعتبر زيادة مستوى وعي الأسر بمؤشرات الكشف المبكر عن التأخر في حال الشك بوجود مشكلة من نوع ما هي إحدى الوسائل الفعالة للتأثير على الطفل وتزويده بالمهارات التي تساعده على التكيف في حياته اليومية .

بالإضافة إلى تقبل مشكلة الطفل وتيسير الارتباط العاطفي به وذلك بتزويد الأسر بالمهارات اللازمة للتعامل مع طفلهم وتلبية احتياجاته وبالتالي المحافظة على توازنهم و قيامهم بأدوارهم المتوقعة منهم.

0





وتشير الطبّال أنه لابد من وجود العديد من التحديات التي تقف أمام التأهيل المناسب ومنها "قلة انتشار البرامج وتوزيعها جغرافياً، بالإضافة إلى ضعف أنظمة الإحالة إلى برامج التدخل المبكر مما يُؤخّر الوصول إلى الطفل، ذلك أن الوصول المبكر يضمن التدخل في أصغر سن ممكنة ويضمن نتائج أفضل يمتد أثرها على المدى البعيد".



وهنالك  توجهات حديثة في التدخل المبكر تتبع النهج المستند إلى الروتين اليومي والخطط المستندة للأسر، وتجلت أهمية ذلك خلال إغلاقات كورونا، حيث تمكنت الأسر من متابعة أبنائها لأنها اعتادت على تطبيق الخطط الأسرية قبل الإغلاقات، كما أن النهج المستند للأسرة يضمن متابعة الأسرة لتطور طفلها خلال الإجازات والعطل.



وأوضحت الطبّال بأن هنالك  قوانين وتشريعات قائمة في الأردن وتعد من أوائل الدول التي صادقت على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة فور إطلاقها، ولكن هناك فجوة بين القوانين والتطبيق فهناك حاجة ماسة لرفع الوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وأن تنعكس الحقوق على الممارسات والتطبيق.



 مجد الهنداوي ذات الواحدة والعشرين سنة من ذوي الإعاقة" متلازمة داون" أنموذج حي ومطبّق على التأهيل الجيد والمثمر حيث تمّ تأهيلها منذ الصغر في مراكز مخصصة لذوي الإعاقة لتصبح

المتحدثة باسم أطفال متلازمة داون بالإضافة لكونها أول فتاة حاصلة على الحزام الأسود في رياضة الكاراتيه في الأردن.

0





وتقول الهنداوي إن عائلتي كان أول من اكتشف موهبتي منذ الصغر وفي مقدمتهم الكاراتيه إلى جانب رياضة السباحة واليوغا والزومبا والتنس، بالإضافة إلى دورات التصوير والأعمال اليدوية في الإكسسوارات.



وتضيف والدة مجد" إن التأهيل الجيد والمناسب يبدأ بالسن المبكر لمجابهة أقرانهم وإشعارهم بعدم التفرقة بينهم وبين باقي الأطفال، وتم تأهيل مجد عن طريق برنامج وضع لها، والتأهيل الجيد بوضع الأطفال في الأماكن المناسبة لدعم وتطوير قدراتهم "



وأوضحت أيضاً" لقد بذلت جهدي في كل خطوة من المراحل العمرية لمجد لإكسابها الثقة بنفسها من خلال إلقاء كلمة صباحية في مدرستها والمبادرة في مشاركة زميلاتها الطعام والضيافة"



الجهود العظيمة التي قدمتها والدة مجد جعلت من ابنتها ملهمة ومثال يُحتذى به ممن في عمرها، الهنداوي الآن قادرة على الدفاع عن نفسها وتصحيح مصطلح متلازمة داون بشكل دائم حيث تقول" ما حدا يحكيلنا منغوليين نحن متلازمة داون متلازمة المحبة"



تطمح الهنداوي إلى أخذ شهادة التوجيهي والتخصص في مجال الإعلام، ورغم الصعوبات التي تواجهها إلى أن شغف التعلم والثقة التي اكتسبتها منذ الصغر كان الدافع الدائم لمواصلة ما تطمح له.

تقول "لقد خضعت لخمسة عشر عملية قلب مفتوح وأعاني من الحساسية أيضاً ورغم ذلك أنا أتحدى المرض في كل مرة"



وتضيف الهنداوي" يجب على الشخص عدم إضاعة وقته في الجلوس على الهواتف لفترة طويلة والإستفادة في ممارسة الهوايات والرياضات المفضلة".



وفي سياق متصل الشاب مصعب محمود ذا الرابعة والعشرين سنة من ذوي الإعاقة "متلازمة داون" أنموذج آخر للتأهيل الجيد منذ الصغر، توجه مصعب للتدريب المهني ليفتتح مشروعه الخاص في صناعة الإكسسوارات ويطمح إلى ما هو أكثر في تطوير مهاراته وشغفه في حب التعلم.



يقول مصعب " لقد واجهت العديد من المصاعب في حياتي كشخص من ذوي الإعاقة واعتبرت هذا الشيء تحدي لي لأقف في وجه هذه المشاكل"



ويوضح" بدأت أشعر بأنني إنسان قادر على الإنتاج والعمل وأصبحت ثقتي بنفسي الداعم الأساسي لي في كل شيء"



الطموح الذي يتطلع له مصعب جعل منه شخص مثابر ومواصل للعمل بدعم من عائلته التي تشجعه في كل خطوة في حياته.

تقول والدة مصعب " نحن كأهل لشاب من ذوي الإعاقة يجب أن نؤمن بقدراتهم وندعمهم منذ الصغر وسترون أشخاص قادرين على العطاء في المجتمعات".



تعتبر الرعاية والتدريب والتأهيل لذوي الإعاقة منذ الطفولة من أهم الأشياء التي يجب أن يحصلوا عليها وذلك بهدف دمجهم في المجتمع والعمل على تمكين القادرين منهم للوصول إلى أقصى مرحلة من الاعتماد على النفس من أجل أن يكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع.

ه

 

9

 

أضف تعليقك