الاقتصاد بين الدعاية والغياب في برامج القوائم الانتخابية
تفاوتت القوائم الانتخابية في اهتمامها للشأن الاقتصادي، لتبدو البرامج "الدعائية الشعاراتية" هي الغالب بعيدا عن أي "عمق أو رؤية أو آليات واضحة للطروحات الاقتصادية”.
وبحسب ورقة "تقدير الموقف" الصادرة عن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية فإن العديد من البرامج الانتخابية للقوائم كانت "شعارات دعائية" لا تتضمن مواقف او سياسات أو مضامين محددة من بعض القضايا الاقتصادية، فضلا عن غياب الآليات لتظهر بصورة "مطالب دون تقديم تصورات أو سياسات محددة لتحقيقها".
ورقة المركز شملت في مسحها 32 قائمة إنتخابية فقط من أصل 61 قائمة لم يستطع فريق البحث من الوصول إلى برامجها بواقع 52٪ من مجمل القوائم الانتخابية.
ورصدت الورقة برامجا انتخابية "عامة" للقوائم الانتخابية "دون الخوض في تفاصيلها"، فيما أظهر البعض الآخر من برامج القوائم "عمقا في تناوله المشاكل اقتصادية"، وظهر ذلك جليا لدى القوائم الانتخابية المنبثقة عن أحزاب سياسية أو تتكون من أو تقودها شخصيات سياسية ذات خبرة في العمل السياسي والحزبي، في حين أظهرت القوائم الانتخابية المكونة من شخصيات حديثة العهد بالعمل السياسي والعام ضعفا في تناول الموضوعات الاقتصادية"، وفق الورقة.
غير أن الصورة ليست قاتمة أو عمومية كما رصدتها ورقة مركز الفينيق إذ وثقت وجود قوائم انتخابية قدمت مقترحات وسياسات اقتصادية محددة، فبعضها اشار الى ضرورة دعم القطاع الزراعي من خلال تشجيع المؤسسات التعاونية في التصدير، وبعضها طالب بإصدار قانون ينظم العمل النقابي بما يتوافق مع حرية التنظيم النقابي.
وفي ضوء ورقة المركز، فلا يتوقع رئيسه أحمد عوض أي تغييرا في السياسات الاقتصادية التي تم الاتفاق عليها بموجب اتفاقية الحكومة مع صندوق النقد الدولي، خاصة وأن القوائم على وجه الخصوص وفي برامجها "لا تشي بأي تغيير مأمول أو بديلة عن السياسات العتمدة حاليا”.
لكن عوض يتوقع أن يكون هناك "تغيير طفيف في بعض القضايا مثل خصخصة بعض مؤسسات الدولة ومراجعة بعض المؤسسات”.
وفي القراءة الموضوعية، يرى عوض أنه ينبغي على البرامج أن تحمل "سياسات بديلة "على سبيل المثال "تطالب قوائم بحل مشكلة الفقر والبطالة، الأساس أن تحمل مقترحات تطبيقية للحد من مشكلة الفقر والبطالة هكذا تكون البرامج الحقيقية".
"ليس المطلوب فريق اقتصادي للحكومات بقدر وجود سياسيين يمتلكون الرؤية الاقتصادية البديلة" يقول عوض الذي دعا القوائم الانتخابية إلى استهداف حكومة برلمانية مقبلة تتشكل بعد مجلس النواب 17.
وفق "ورقة التقدير" فإن غياب الاقتصاد لصالح السياسة قد يكون لتجربة القوائم الجديدة على الأردن من حيث أن "الجميع ينتظر نتائج هذه التجربة السياسية غير المسبوقة في الأردن، فقد رغب بعض السياسيين والنشطاء وبعض الراغبين بلعب دور سياسي في المرحلة القادمة في خوض هذه التجربة من خلال برامج انتخابية يغلب عليها طابع البيانات السياسية السريعة والشعارات التي يفتقد العديد منها لأي مضمون، وبعضها الآخر جاء على شكل مطالب دون تقديم سياسات لتحقيقها، وبالتالي قليلة هي السياسات الاقتصادية التي تقدمت بها بعض القوائم الانتخابية كبديل للسياسات القائمة التي أوصلت الأردن الى ما هو عليه الآن”.
الخبير الاقتصادي، الدكتور مازن مرجي يلحظ غيابا شبه كامل للطروحات الاقتصادية في برامج الكتل الانتخابية، "حالهم كحال الحكومات المتعاقبة التي لم تكن تضع ارقاما مستهدفة للقطاعات وجدول زمني واطار عمل كيف ستعمل ومن أين ستبدأ”.
ومسؤولية غياب البرامج الاقتصادية يعود لعدة اسباب واحدة منها الكثير من المرشحين داخل تلك القوائم كانوا مسؤولين سابقين في حكومات سابقة حيث لم يحققوا أي انجاز بل أنهم جزء من المشكلة، ومن هنا لا يتوقع مرجي أي حل أو أمل في حال وصولهم لمجلس النواب الجديد.
"أي برنامج اقتصادي تتبناه الحكومة البرلمانية يجب أن يتبنى مبدأ المناعة الذاتية للأمزجة المتعددة المبنية على الاراء الشخصية، يقول المرجي. ويتفق عوض مع مرجي ويقول "البرامج لانتخابية للمرشحين منذ العام 1989 احتوت على مطالب آنية فقط إذ أن جميع المرشحين يحملون مطالب اقتصادية فيما بقيت السياسات الاقتصادية دون أي تغيير.
ورقة مركز الفينيق تستلخص في مسحها أن "هنالك تفاوتا وتباينا في طريقة تناول القوائم الانتخابية للشأن الاقتصادي الأردني، والتي تعود الى العديد من الأسباب اهمها الخبرات التي يحملها أعضاء ورؤساء هذه القوائم ورؤيتهم للشأن الاقتصادي، الى جانب الفارق الملموس بين برامج وبيانات القوائم الانتخابية المنبثقة عن أحزاب سياسية والتي تشكلت لغايات خوض الانتخابات فقط”.
إستمع الآن