43 عاما على "الهزيمة" أو "النكسة"!

43 عاما على "الهزيمة" أو "النكسة"!
الرابط المختصر

في ساعات الفجر الأولى من الخامس من حزيران عام 1967، قامت إسرائيل بشن هجومها على ثلاث جبهات عربية، الأردن وسوريا ومصر، وكانت نتيجة الهجوم، وخلال ستة أيام، استيلاء إسرائيل، الدولة التي لم يمض على إنشائها أكثر من 19 عاما، على كل من الضفة الغربية، التي كانت جزءا من الأراضي الأردنية حينها، وهضبة الجولان السورية، وشبه جزيرة سيناء من الأراضي المصرية، وتهجير الآلاف من الفلسطينيين من أراضيهم، وخاصة باتجاه الأردن، فيما عرف تاريخيا باسم "النكسة"، بعدما سميت حرب عام 48 بـ"النكبة".

اندلعت الحرب في الخامس من حزيران عام 1967، وقد قامت القوة الجوية الإسرائيلية في بداية العمليات بضرب المطارات والقواعد الجوية العربية وتحطيم طائراتها، ولكن حالة التوتر سبقت ذلك تدريجيًا منذ نهاية 1966، ففي 15 أيار من العام نفسه، جاوزت قوات برية كبيرة من الجيش المصري قناة السويس ورابطت في شبه جزيرة سيناء لإظهار حالة الاستعداد بعد معلومات سوفييتية عن نية إسرائيل مهاجمة الأراضي السورية، مما دفع الحكومة الإسرائيلية في حينه إلى إعلان حالة التأهب في صفوف الجيش.

وفي غمرة القصف الإسرائيلي، حاولت الوحدات العربية بالاستمرار في تحركها لإعادة التنظيم لما كان يدعى "القيادة العربية المشتركة"، وشنت هجوما بالدروع باستخدام أسلوب الحرب الخاطفة، ورغم محاولة بعض الوحدات للرد على الضربة الأولى الإسرائيلية، إلا أن مجلس الأمن الدولي سارع بإصدار قرار وقف إطلاق النار، مما فسح المجال للقوات الإسرائيلية بـ"استثمار الانتصار"، بحسب المصطلح العسكري.

 أسباب الهزيمة:

يرجع الكثير من المحللين أسباب الهزيمة العربية أمام الهجوم الإسرائيلي إلى عدة أسباب:

1- غياب الخطط العسكرية الحربية على مستوى القيادة العربية الموحدة بسبب غياب إرادة القتال لدى القيادات العربية.

2- الاستعداد الإسرائيلي التام للحرب

3- استخدام إسرائيل لعنصر المفاجأة في ضرب القوات العربية، حيث لم يتوقع العرب هجوماُ عند الفجر لكن إسرائيل نفذت الهجوم في هذا الوقت؛ مما أفقد العرب توازنهم وسبب خسائر فادحة في صفوف القوات العربية.

4- تفوق القوات الإسرائيلية المسلحة بأفضل الأسلحة الغربية الحديثة وخاصة سلاح الطيران الإسرائيلي الذي سيطرت به إسرائيل على ميادين القتال في جبهات مختلفة.

5- مساندة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية لإسرائيل عسكرياً واقتصادياً.

6- نقص التدريب الجيد والأسلحة المتطورة في صفوف الجيوش العربية.

 خسائر الطرفين:

قدمت الأردن 6094 ما بين شهيد ومفقود، كما قصفت القوات الإسرائيلية عدة مطارات أردنية منها مطار المفرق وعمان ودمرت 22 طائرة مقاتلة و5 طائرات نقل وطائرتي هليكوبتر من سلاح الجو الأردني.

فيما كانت حصة مصر الأكبر في الخسائر، حيث تلقت الضربة الجوية الأضخم، والتي دمرت 25 مطارا حربيا وما لا يقل عن 85% من الطائرات المصرية، وهو ما قدرته البيانات الإسرائيلية بـ 209 طائرات من أصل 340 طائرة، وهي جاثمة على الأرض، وذلك خلال ما يقارب 492 غارة جوية إسرائيلية.

كما سقط من بين المصريين 13600 ما بين شهيد وأسير عاد منهم 3799 أسيرا بينهم 481 ضابطا و38 مدنيا والباقى جنود.

أما على الجبهة السورية فقد سقط 445 شهيد 1898 جريح، كما تم قصف المطارات السورية وعلى رأسها مطار دمشق، ودمرت 32 طائرة مقاتلة من نوع ميغ.

ولم تتوقف الخسائر عند هذا الحد وإنما أجبرت تلك الهزيمة التي مني بها العرب ما بين 300 و400 ألف عربي بالضفة الغربية وقطاع غزة والمدن الواقعة على طول قناة السويس (بورسعيد والإسماعيلة والسويس) على الهجرة من ديارهم، وخلقت مشكلة لاجئين فلسطينيين جديدة تضاف إلى مشكلة اللاجئين الذين أجبروا على ترك ديارهم ومنازلهم عام 1948، كما أجبرت قرابة 100 ألف من أهالي الجولان على النزوح من ديارهم إلى داخل سوريا.

أما في الجانب الإسرائيلي فقد ما يقارب 872 قتيلا، وقدرت خسائر إسرائيل بـ26 طائرة مقاتلة.

ولكن إسرائيل التي كانت مساحتها المعترف بها دوليا قبل الحرب (13 ألف كم2)، بلغت بعد الحرب إلى 42 ألف كم2

 

الضفة الغربية والقدس

كانت الضفة الغربية جزءا من الأردن منذ مؤتمر أريحا عام 1949، بما كان يعرف بـ"وحدة الضفتين"، ولغاية اتخاذ قرار فك الارتباط عام 1988، الذي قضى بفك ارتباط الضفة الغربية إداريا وقانونيا مع المملكة.

وقد احتلت إسرائيل نتيجة للحرب الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية (5878 كلم2) وبذلك قلصت حدودها مع الأردن من 650 كلم إلى 480 كلم (من بينها 83.5 كلم طول البحر الميت).

وشرعت إسرئيل على الفور في نهب الكثير من ثروات الضفة لا سيما المائية منها، والقيام وبطريقة منهجية بعمليات تهويد للقدس الشرقية.

واستطاعت باستيلائها على الضفة الغربية، ضم القدس القدس الشرقية إلى القدس الغربية، في تموز من نفس العام، وإعلانها بقرار من الكنيست عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل في تموز من عام 1980.

واستمرت إسرائيل، وما زالت بالعمل منذ ذلك التاريخ وبالتدريج على تنفيذ سياسة تهويدية للمدينة المقدسة وطرد للسكان العرب وهدم للمنازل والأحياء العربية، ومصادرة للأراضي حتى بلغ مجموع ما صادرته من تلك الأرض ما يقارب نصف المساحة التي كانت عليها القدس الشرقية قبل الـ"نكسة".

حرب الأيام الستة، أو "هزيمة الـ67"، سماها البعض "نكسة"، وأصر البعض الآخر على تسميتها "هزيمة"، ولكنها وإن اختلفت المسميات، تعد المنعطف التاريخي الحاسم في طبيعة الصراع العربي الإسرائلي، فعلى أساس نتائجها ارتسمت الخطوط "الخضراء" و"الزرقاء"، كما سارت عليها خطوات من تبقى من أطراف النزاع، فالقرارات والاتفاقات بين تلك الأطراف تقوم فيما تقوم عليه، على أرضية انسحاب الجانب الإسرائيلي إلى حدود ما قبل الرابع من حزيران، أي مثل يوم أمس ولكن.. قبل 43 عاما من الآن.