26 ألف طفل أردني في مرمى منظمة "الحق في اللعب"

26 ألف طفل أردني في مرمى منظمة "الحق في اللعب"
الرابط المختصر

يتجمهر العشرات من الأطفال يوميا في ساعات الصباح الأولى حتى المغيب في حديقة دوار المأمونية بمنطقة جبل الحسين، لعبا بكرة قدم رثة، وسلة مهملات محكمة الربط في إحدى جذوع الشجرات داخل الحديقة للعب كرة السلة.

بما هو متوفر لديهم، يقوم الأطفال بتنفيذ جملة ألعاب رياضية مفضلة لديهم، سلة مهملات مربوطة على إحدى جذوع الأشجار، في هذه الحديقة داخل الدوار، والتي تفتقد لمساحة واسعة ليلعبوا كرة القدم، وهم في أعمار متراوحة بين 12-14 عاما. فضلا عن ذلك، يجابه الأطفال منع أهاليهم من اللعب بسبب الأوساخ التي تعلق في ملابسهم، ليضحى الطفل أسيرا لمجتمع لا يريده بالمحصلة ممارسة حقه في اللعب.

أرقام حيوية متزايدة

يصل عدد المدارس في المملكة إلى 5705 مدرسة، حتى آخر إحصائية صدرت عن وزارة التربية والتعليم في أواخر العام الماضي 2009. فيما يبلغ عدد المعلمين 82620 معلما ومعلمة، وعدد الطلبة يتراوح بين المليون وستمائة ألف طالب وطالبة.

بينما تدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ما مجموعه 172 مدرسة توفر التعليم الأساسي من الصفوف الأول وحتى العاشر لحوالي 124 ألف طالب وطالبة.

 

في العاصمة عمان، هناك سبع وعشرين منطقة، تضم 123 حديقة ومتنزه متاحة أمام العامة، قامت أمانة عمان الكبرى بإنشائها على مدى سنوات، تضم ملاعب كرة القدم، وعشب طبيعي ورمل صويلح، وفق معايير دولية وألعاب.

عدد  المتنزهات الكبير، لم يشفع للأطفال من ممارسة اللعب بالطريقة التي يرونها مناسبة لهم، فيلجئون إلى الشوارع الفرعية وأزقة المخيمات وحدائق الدواوير ليلعبوا بحرية.

الحق في اللعب

على أن اللعب هو حق للأطفال، تنطلق منظمة "الحق في اللعب" المتخذة من عمان فرعا لها، لتحُسن من ظروف لعب الأطفال وتعزيز مقدراتهم داخل مجتمعاتهم، من خلال ترجمة برامج رياضية، وجعلها فرُصا هادفة إلى تعزيز نموهم وصحتهم الجسدية والنفسية.

تقوم "الحق في اللعب" بتوفير التدريب والأدوات للعاملين مع الأطفال واليافعين في المناطق الأكثر حرمانا في العالم. في الأردن "نستهدف مناطق جيوب الفقر والتي نتوقع أن يكون الأطفال الفئة الضعيفة لا تحصل على ظروف لعب أفضل"، تقول منسقة البرامج والإعلام لدى فرع الأردن حنين الرشدان.

في عام 2006 تم إطلاق مشروع الحق في اللعب داخل المملكة مستهدفا الأشخاص الأقل حظا من فتيات وذوي الإعاقات واللاجئين في أربع محافظات وهي عمان إربد الزرقاء والعقبة.

تخُضع المنظمة الأطفال لدورات تأهيل عن طريق برامج رياضية يتوفر فيها فرص حصولهم على مقومات سليمة من اللعب المحفز علة التفكير وتنمية المقدرات الروح الجماعية.

تتجاوز المنظمة فئة الأطفال وتذهب إلى الفتيات من خلال توفير حصة رياضية لهم خارج أسوار المدارس متخطين بذلك تقاليد مجتمعاتهم المحلية التي لا تسمح لهن من ممارسة الرياضة، وهو ما حصل فعلا في لواء ذيبان وتحديدا في قرية مليح، حيث تذهب فتيات لممارسة كرة القدم وغيرها من الأنشطة الرياضية ضمن مركز شابات مليح النموذجي التابع للمجلس الأعلى للشباب.

توضح رئيسة المركز تغريد الجرامين أن بداية عمل المنظمة الدولية في مركزهم جابهه تحد قناعات الأهالي في إرسال أبناءهم الأطفال أولا ثم الفتيات. لكن وبعد مشاهدتهم ما تقوم به برامج المنظمة الخمس من تطبيقات عملية أصبح لديهم حافزا على العمل، "ندرك أن الموضوع لا يزال في بداياته لكنه سيجد طريقه إلى الانتشار بين الأسر في مليح وحدها والمناطق المجاورة لها"، تقول الجرامين.

 

هذه المنظمة غير الحكومية تستخدم برامج رياضية صمُمت خصيصا لتسهم في تحسين الصحة، وبناء المهارات الحياتية والتحفيز على السلام المجتمعي لدى الأطفال والمجتمعات في المناطق الأكثر حرمانا في العالم، وفق منشور صادر عنها.

تطبق برامج المنظمة حاليا في 24 دولة في العالم، وتستخدم أدوات اللعب والرياضة كأدوات لتعليم أربعة قيم أساسية: اللعب النزيه والاحترام والعمل ضمن الفريق، ودمج الأطفال من ذوي الإعاقات المختلفة، وكذلك الفتيات.

حنين الرشدان، ترد على من يعتبر أن ثمة حقوق للأطفال تشكل أولوية عن اللعب، بالقول:"اللعب تنمية مهارات ودعم لمقدرات، وتأهيل نفسي وصحي لهم، متخطين بذلك ما قد يقع فيه الأطفال من إشكاليات في مستقبلهم".

اتفاقية حقوق الطفل

المادة 31 من اتفاقية حقوق الطفل العالمية، والتي صادق عليها الأردن، تنص على اعتراف الدول الأطراف بحق الطفل في الراحة ووقت الفراغ ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنه والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية وفي الفنون.

كذلك تعزز الدول الأطراف، في المادة 32 من الاتفاقية، حق الطفل في المشاركة الكاملة في الحياة الثقافية والفنية وتشجع على توفر فرص ملائمة ومتساوية للنشاط الثقافي والفني والإستجمامي وأنشطة أوقات فراغ.

المنظمة الدولية ومن حيث ما تكفله الاتفاقية الدولية تنطلق في عملها. وفي تحديات المنظمة، كشفت الرشدان عن تقلص عدد المدربين الذين خضعوا لدورات المنظمة، من 920 مدربا ومدربة إلى ما ينوف عن 700 وذلك لسبب "تنقل مدرسين من مدارس إلى مدارس لم تصلها المنظمة بعد، ما يفقد الأطفال الطلبة فرصة الاستمرار في اللعب ضمن المعايير المعتمدة".

غير أنها تتحدث عن إمكانية تطبيق برامجهم في الحدائق العامة، مستندة على 26 ألف طفل مستفيد بشكل دائم حول المملكة من برامجهم، بل وتتوقع في المرحلة القادمة العمل مع مجموعات ومتطوعين في الحدائق العامة.

لكن الحدائق العامة تواجه "التخريب في الشباك والمعدات الأخرى"، على ما يقوله مدير دائرة الحدائق العامة والمتنزهات في الأمانة، نيبال قطان. ويقول أن وجود الحرس لا يحول دون هذا التخريب.

يضرب القطان العديد من الأمثلة على حدائق أقامتها الأمانة مؤخرا وواجهت خرابا في ممتلكاتها؛ منها حديقة "حديقتكم" في النصر، التي كلفت الأمانة مبلغ 100 ألف دينار، وبحسب قوله "تعرضت لاعتداءات وكأنها حديقة قديمة رغم حداثتها" حيث أقيمت على مساحة 5 دونمات. كما يسوق القطان العديد من الأمثلة أيضا على حدائق لاقت الخراب، منها حديقة المقابلين 5 دونمات، والحديقة اليابانية التي كلفت الأمانة 100 ألف دينار.

حتى اللحظة لا مبادرات شخصية لمدرسين متطوعين للعمل في مجتمعاتهم المحلية، وتقول منسقة الإعلام في المنظمة صراحة أن "التطوع" لا يزال محدودا في الأردن، متمنية في المرحلة المقبلة أن يتجاوزا هذا الحال، مستندة على نتائج المنظمة على أرض الواقع من تفاعل 26 ألف طفل أردني معهم في مختلف أنحاء المملكة.

آيات الجرامين، مدرسة ومتطوعة مع المنظمة الدولية في قرية مليح، دافعها في تدريب الأطفال على اللعب هو "التطوع" ورغم صعوبات تواجهها في المجيء إلى مركز شابات مليح النموذجي بسبب قلة المواصلات لكنها تصر على ذلك إيمانا منها بأهمية البرنامج، وتقول: "بدأت ألمس تأثير الروح الجماعية لـ22 طفلا وفتاة في الألعاب المطبقة لهم، وهذا كفيل لاستمراري في العمل معهم تطوعا".

برامج المنظمة

تنفذ المنظمة الدولية خمس أنواع من البرامج: الأول "لعبة الكرة الحمراء للأطفال" (العمر 6-14) وتتلخص بوجود كرات خمس ملونة تعكس المجالات الخمسة للتنمية الشاملة للأطفال: الحمراء للعقل، السوداء للجسم، الصفراء للروح، الزرقاء للسلام، الخضراء للصحة. يحتوي البرنامج على 150 لعبة ونشاط.

البرنامج الثاني مدرب لمدرب للأعمار 12-16 عاما، ويساعد الأطفال على اكتساب المهارات الحياتية الأساسية كالاحترام والعمل الجماعي واللعب النزيه والاتصال والتواصل، من خلال الألعاب الرياضية الجماعية مثل كرة السلة والقدم والطائرة.

والبرنامج الثالث هو القدرة أولا ويستهدف أصحاب الإعاقات المختلفة، للأعمار 7-18 عاما، ويعمل على إتاحة الفرصة لهذه الفئة للمشاركة في الألعاب مع الأطفال الآخرين. البرنامج الرابع، المتخصص بالتربية الرياضية لمرحلة الروضة للأعمال من 3 حتى 6 سنوات، ويركز على تعليم الأطفال على المهارات الحركية الأساسية والتوازن ومهارات الحياة اليومية كما تركز على بناء الثقة والمهارة البدنية والتعاون.

البرنامج الخامس والأخير "القادة" للأعمار من 13-20 عاما، ويطور البرنامج الشباب القادة على المهارات القيادية والمواقف الإيجابية للشباب من خلال اللعب والرياضة ويهدف البرنامج لإشراك الشباب في الأنشطة الهادفة وتطوير حس الفعالية والفخر بالإضافة إلى استخدام الرياضة كأداة لتطوير وتحسين المجتمع.