واقع تعليم المعاقين: هل سيُحلّ على أرض الواقع؟

واقع تعليم المعاقين: هل سيُحلّ على أرض الواقع؟
الرابط المختصر

على الرغم من إعلان الانتهاء من الاستراتيجية الوطنية لذوي الإعاقات الخاصة، إلا أن هذه الفئة من مجتمعنا ما تزال تعاني من جملة من المشكلات التي لا تنتهي، وأهمها قضاياهم في مجال التعليم والدراسة.

 

فذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين يعانون من مشكلات تعليمية تكمن في كمية التعليم ونوعه، إضافة الى قلة وجود المدارس الخاصة وعدم توفر الصفوف العليا وبعد المدارس عنهم وغيرها من القضايا.

 

بعد المدارس وقلة الصفوف

 

محمد رشيد أبو صفية أب لولد لديه شلل دماغي، ولبنت معاقة سمعياً ونطقياً بنسبة عجز 70%، وقد أدخل ابنته فقط الى مدرسة التنمية الاجتماعية يقول "نعاني من مشاكل من بداية تسجيل أبنائنا في المدارس، في التقارير الطبية والتأمين الطبي الذي يستلتزم عناء ومواعيد طويلة والتي نأخذها من مركز تشخيص الإعاقات المبكرة".

 

لكن المعاناة الحقيقية أن الوزارة فصلت ابنته بعد أن أكملت الصف السابع، على الرغم من أن معدلها جيد بحسب أبو صفية، والذي أضاف "فصلوها لأنهم يأخذون من كل شعبة معدل 4 الى 5 طلاب، على الرغم من أن ابنتي تستطيع القراءة والكتابة، وتعتمد على نفسها وتقدر أن تذهب الى الدكان لوحدها".

 

وحولت فاطمة ابنة أبو صفية الى مراكز التدريب المهني الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن والدها وجد أنها غير مناسبة لها، وتمنى "لو أنهم يكملون لهم الصفوف الأعلى من السابع والثامن سيكون ذلك أفضل لهم".

 

وأبدت ابنته الكبرى التي أنهت دراستها الجامعية رغبتها بالتبرع بتدريس بعض الطلبة الذين فصلوا بعد الصف السابع، وخاطب والدها أشخاصاً في التنمية الاجتماعية في هذا الموضوع، إلا أن أحداً لم يرد عليه أو يوافق على هذا الطلب.

 

ضعف البرامج والتعليم..

 

وفي الوقت الذي يستطيع من خلاله أهالي هذه الفئة الوصول الى المدارس، يعانون في كثير من الأحيان من قلة الاهتمام وضعف البرامج التعليمية المقدمة لهم، حيث تتكرر المعاناة مع أبناء محمد صبحي الذي يقول: "وزارة التنمية الاجتماعية تقوم بعمل جيد، لكننا نطلب المزيد، فهم يقبلوهم من مرحلة الروضة، لكن هناك العديد من المشاكل التي نواجهها في مجال تعليمهم، وخاصة مشاكل المواصلات من والى المدارس، إضافة الى بعد هذه المدارس عنا، فنحن نسكن في عمان ومدرسة ابنتي في الرصيفة".

 

وبرأيه "أسلوب التعليم في مدارس التنمية الاجتماعية لم تتطور منذ زمن، والأسلوب التعليمي ما يزال كما هو، لكن ما يقدم جيد.. الحمدلله".

لكن تخوفه الآن بعد أن أكملت ابنتي الصف الثامن، من ان يخرجوها من المدرسة لأنه ليس هناك صفوف عليا لهم.

 

قلة الخدمات..

 

أما وفاء خطاب وهي كفيفة وتدرس في الجامعة الأردنية بتخصص اللغة الإنجليزية التطبيقية على نفقة مكتب الأمير رعد، تقول أنها أكملت مراحلها الدراسية بارتياح، إلا أنها تواجه في دراستها الجامعية وزميلاتها الكفيفات بعض الصعوبات التعليمية وتقول "تكمن الصعوبات في تسجيل المواد، وفي المحاضرات حيث أعاني من عدم قدرتي على المتابعة، لكن عمادة الجامعة تشغل طالبات لمرافقتنا في المحاضرات وهذا جيد، إلا أن المعاناة تضل قائمة معي أنا وزميلاتي وزملائي الكفيفين في عدم توفر خدمات كافية لنا في الجامعات".

 

استراتيجيتهم...

 

وقد أمر الملك عبدالله الثاني بتنفيذ بنود الاستراتيجية الوطنية لذوي الاحتياجات الخاصة التي كان أمر بإعدادها في الثامن عشر من تشرين الأول (نوفمبر) الماضي، وذلك بهدف مجابهة التحديات التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة، واستثمار قدرات هذه الفئة في دعم النمو الاقتصادي والاجتماعي وتأكيد الحقوق للمواطنين كافة. تهدف الى تحسين معيشة ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين وإدماجهم في المجتمع.

 

وأشار رئيس فريق العمل في لجنة الاستراتيجية محمد الصقور في لقاءه بـ(عمان نت ) بأن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين يزيد على 200 ألف معاق من كافة أنواع الإعاقات بمعنى أن 5.6% من الأسر الأردنية لديهم أطفال معاقين.

 

فيما تبلغ نسبة الأمية بينهم بحسب الصقور أكثر من 42% والبطالة بين القادرين والمؤهليم للعمل منهم تصل الى 40%، فيما 55% فقط منهم على مقاعد الدراسة، متأملاً أن تزيد هذه النسبة مع تنفيذ بنود الاستراتيجية.

 

وأكد أن الكلفة التقديرية لتنفيذ الإستراتيجية من برامج وخطط عمل تصل الى نحو 45 مليون دينار فضلاً عن 12 مليون دينار لإنشاء أبنية متعددة تشمل المرحلة الأولى للإستراتيجية.

 

وفي التعليم..

 

وفيما يخص محور التعليم في الاستراتيجية قال الصقور "هدفت الإستراتيجية في محور التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي إلى تحسين البيئة التعليمية ونظمها لتمكين الأشخاص المعوقين من الالتحاق بفرص التعليم دون تمييز ضمن مؤسسات التربية والتعليم في صفوفها النظامية". مشيراً الى أنه قد أوردت الإستراتيجية 25 برنامجاً ومشروع عمل في مجال التعليم.

 

وسيُنشأ بموجب الإستراتيجية (المجلس الأعلى لشؤون المعوقين والصندوق الوطني) لدعم الأشخاص المعوقين وبنودها وأهدافها وموازنتها، فضلاً عن انعكاساتها الايجابية على واقع ذوي الاحتياجات الخاصة والتحديات التي تواجهها هذه الفئة.

 

وتطبق الاستراتيجية على مرحلتين الأولى تنفذ خلال العامين من 2007 حتى 2009 في حين تطبق المرحلة الثانية من العام 2010 إلى العام 2015. وقد حوت بحسب الصقور 87 مقترحاً ترجمت الى ثمانين مشروعاً تمثيلياً تمويلياً و7 أنشطة إجرائية.

 

وتخدم وزارات التنمية الاجتماعية والصحة والتربية والتعليم والقطاعات التطوعية والدولية والأهلية والخاصة ما مجموعه 25717 شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة بصورة منتظمة ومباشرة.

 

تنفيذها على أرض الواقع..

 

ووفقاً لدراسات أجرتها اللجنة المكلفة لوضع الإستراتيجية فإن ذوي الاحتياجات الخاصة يفتقر ذوو الاحتياجات الخاصة إلى فلسفة ورؤية أكثر وضوحاً من شأنها تفعيل برامج وخدمات رعاية وتعليم وتأهيل وتشغيل للأشخاص المعاقين ودمجهم في المجتمع، حيث يعانون أيضاً من عدم كفاية إمكانات وزارة التنمية الاجتماعية للنهوض بالواجب الذي يقتضي التعامل مع حجم التحديات التي تواجه الأشخاص المعوقين في المجتمع.

وتسعى الاستراتيجية إلى خفض معدل حدوث الإعاقات، وتحسين مستوى و نوعية حياة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتحقيق الإنصاف والمساواة فضلا عن تكافؤ الفرص أكثر من ذي قبل لهذه الفئة ليصبحوا أكثر تمكناً من حيث الاستقلالية والاعتماد على الذات فضلا عن زيادة تمكينهم في المشاركة والانخراط في حياة المجتمع، وفق الصقور الذي قال إنها تحقق مزيدا من الدمج لذوي الاحتياجات الخاصة في مجالات الحياة المختلفة من تعليمية ومهنية وتشغيلية واجتماعية.

وتتوقع الإستراتيجية أن تصل نسب الانجاز والتحقق على أرض الواقع في نهاية تطبيقها إلى تحقيق تخفيض في معدلات حدوث الإعاقات بحدود 5% خلال المرحلة الأولى ما بين عامي 2007 و2009 لترتفع هذه النسبة إلى 15% مع نهاية الإستراتيجية عام 2015 وأن تصل نسبة الحماية الاجتماعية لذوي الاحتياجات الخاصة عام 2009 إلى 100%، فضلاً عن عدم زيادة نسبة البطالة بين ذوي الاحتياجات الخاصة عام 2009 عن 25% (حاليا 40%)، لتتساوى بذلك مع نسبة البطالة بين الأصحاء مع نهاية عام 2015، حسب الصقور.

 

وتتوقع كذلك ارتفاعا في معدلات الجهد التطوعي والخيري ومشاركة مؤسسات المجتمع المدني في مهام هذا القطاع بما يعادل 20% مع نهاية المرحلة الأولى في 2009 لترتفع إلى 50% مع نهاية عام 2015، فضلا عن ارتفاع معدل المشاركة الاقتصادية بين الأشخاص المعوقين ممن أعمارهم 15 سنة فأكثر إلى 23% عام 2009 لترتفع إلى 30% عام 2015، على ما أشار.

 

ويحقق تنفيذ الاستراتيجية إجراء تعديلات بيئية جوهرية على الأبنية والمرافق العامة القائمة، بحيث يشمل هذا التعديل ما نسبته 10% من الأبنية القائمة عام لترتفع إلى 20% عام 2015 فضلا عن ارتفاع نسبة التحاق الأشخاص المعوقين بالتعليم الأساسي من 57 % حاليا إلى 65 % عام 2009 وإلى 80% عام 2015 وارتفاع نسبة الكوادر المؤهلة والمدربة العاملة مع الأشخاص المعوقين بمختلف فئاتهم من النسبة الحالية 12% إلى 30% عام 2009 وإلى 60% عام 2015، وفق ما أكد الصقور.

 

وتتضمن الاستراتيجية عشرة محاور تتناول قضايا الخدمات المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة والرعاية الصحية والتعليمية فضلا عن تعديل التشريعات الخاصة بهذه الفئة والتمكين الأسري والاقتصادي والاعتماد على الذات وتكافؤ الفرص وإنشاء المجلس الأعلى لشؤون المعوقين والصندوق الوطني لدعم الأشخاص المعوقين.

أضف تعليقك