هل يهدد الحق السياسي للأردنيين من أصل فلسطيني هوية الدولة؟
الحذر بات سمة غالبة على مقالات عدد من الكتاب عند تطرقهم إلى سيناريوهات تعديل قانون الانتخاب خصوصاً بالجزء المتعلق بإعادة تقسيم الداوئر الانتخابية وتوزيع مقاعد مجلس النواب؛
وبعبارة أدق، كل التعديلات التي من شأنها رفع تمثيل الأردنيين من أصول فلسطينية داخل مؤسسة البرلمان.
ولكن العدد الأوفر من كتاب المقالات والمراقبين دفعوا باتجاه التحذير وإبداء التخوفات من التوطين ومن التعرض لخسائر سياسية؛ منها ما هو في مواجهة إسرائيل أو في "مواجهات داخلية"، في حال رفع قانون الانتخاب المعدل تمثيل الأردنيين من أصول فلسطينية في مجلس النواب من خلال تقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد بشكل عادل تبعاً للكثافة السكانية فيها.
التمسك بهوية الدولة الأردنية والحفاظ على "حقوق الشعب الفلسطيني"، كانت من "وصايا" عدد من المراقبين الذين يتخوفون من أن يذهب الإصلاح السياسي في هذا الاتجاه.
فتطفوا على السطح من جديد ازدواجية الحديث عن الأردنيين من أصول فلسطينية واعتبارهم مواطنين أردنيين يتمتعون بكافة الحقوق المدنية والسياسية على الورق والحفاظ في ذات الوقت على تمثيلهم المحدود في كافة مؤسسات الدولة.
والبعض يذهب باتجاه مغاير تماماً ليشير إلى إزدواجية الانتماء بين اعتبار الأردنيين من أصول فلسطينية مواطنين وبين الحفاظ على حقوقهم كشعب فلسطيني.
الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي لا يرى أي تناقض بين المواطنة "وحق العودة"، وهذا ما نص عليه مؤتمر أريحا من وحدة الضفتين وامتلاك الفلسطينين للجنسية الأردنية وكافة الحقوق المدنية والسياسية دون الانتقاص من حق العودة. "وبالتالي ما يجري من حديث في هذه الآونة هو انقضاض على مؤتمر أريحا من قبل الذين تغنوا به سابقاً".
وفي قراءة لما يحدث على الساحة من تخوفات، يفسره الرنتاوي بالهجوم الاستباقي "من قبل جنرالات سياسيين وإعلامين لقطع الطريق أمام أي تعديلات جوهرية محتملة على قانون الانتخابات".
ويشير الرنتاوي إلى إنخفاض معدلات الإقبال على الانتخابات وتحديدا في الدوائر التي تشهد كثافة سكانية للأردنيين من أصول فلسطينية، بينما ترتفع في دوائر أخرى، "لدى هؤلاء الناس إحساس بأنهم ليسوا مواطنين، من حيث الحقوق والواجبات بالتالي فإن صوتهم لا يحدث فرقا في الانتخابات وهذا نابع من نسبة التمثيل وأنظمة الكوتا المعتمدة والقبول في الجامعات وفي التعيينات في القطاع العام".
من جهته، يحذر الكاتب والمحلل السياسي سميح المعايطة من أن يفتح تعديل قانون الانتخاب الباب أمام خسائر سياسية كبرى.؛ فالتخوف يأتي من تقديم هدية مجانية لإسرائيل عبر قانون سياسي بامتياز هو قانون الانتخاب، "وهذا التخوف لا يمنع من تطوير قانون الانتخاب من نواحي عديدة منها التمثيل النسبي أو والقوائم".
وأضاف المعايطة ان تقديم حق سياسي للأردنيين من أصل فلسطيني من "العيار الثقيل"، هو بمثابة خدمة حقيقية "لإسرائيل".
المصالح الضيقة "والإقليمية" دوافع هذه التخوفات، برأي الرنتاوي الذي بين أن الجدل يدور حول مواطنين أردنيين "مضت على مواطنتهم حوالي الـ60 عاماً وهي أكثر من ثلثين عمر الدولة الأردنية وأربعة ملوك صادقوا على مواطنتهم وبالتالي هم أسهموا في تشكيل الهوية الأردنية بشكل من الأشكال".
حمادة فراعنة، نائب سابق في مجلس النواب، قدم خطابا في دورة النواب مطلع عام 1997 تناول فيه "حقوق الأردنيين من أصول الفلسطينية" طالب فيه إشراك الأردنيين في مؤسسات الدولة "من باب انهم شركاء في الأمن الوطني والاجتماعي والاقتصادي" سُجل في تلك الجلسة انسحاب كل من النواب احمد عويدي العبادي وخليل عطية وبرجس الحديد معتبرين ان الخطاب "فيه من العنصرية والتجني الكثير وشأن خطابه إثارة البلبلة داخل المجتمع" لكن حمادة يقول: "انه آن الأوان لأن تحل المسألة بشكل تدريجي متأني".
وزاد فراعنة بأن التخوف من تعديل قانون الانتخاب يدلل على عدم ثقة "المرعوبين" بالقيادة السياسية الأردنية "وكأن هذه القيادة تعمل ضد مصالح الوطن العليا".
Top of Form
والتأكيدات ـ التي بدأت تظهر بشكل مفاجئ ـ من خلال الحديث عن توزيع المقاعد ونظام توزيع الدوائر، تتجه بعدم الذهاب إلى حد يدفع فيه ثمنا من هوية الدولة الأردنية ومن حقوق الشعب الفلسطيني لمصلحة الاحتلال الصهيوني، وتحديداً فيما يتعلق بهوية الدولة الاردنية وافكار الوطن البديل والتوطين الكامل والنهائي.
للكاتبة رنا الصباغ قراءة مختلفة في هذا الصدد، مفادها أنه في حال عدم القيام بتعديلات جوهرية على قانون الانتخاب، بحيث يستمر الثقل التمثيلي لمناطق نائية ذات غالبية شرق أردنية او للتيارات المحافظة والقوى العشائرية على حساب المدن المكتظة والمختلطة. "فمن المرجح أن يستنسخ مجلس نيابي جديد بمواصفات الطبعة القديمة ذاتها، أو ربما أسوأ؟"، متسائلة فيما إذا كان الحراك الملكي سيدشن مرحلة مختلفة لتكريس بناء دولة عصرية قائمة على أسس المواطنة والمساواة في الحقوق المدنية، من خلال صوغ قانون انتخابي جديد "يؤثر جذرياً في تقسيم الدوائر الانتخابية على أسس أكثر عدالة تضمن المساواة النسبية بين تلك الدوائر وتمنع نقل الأصوات بين الدوائر وتضمن سرية التصويت".
الجدل في هذا الصدد ليس جديداً، فلطالما اعتبر البعض أن تطبيق قانون "الصوت الواحد" رغم المعارضة الواسعة عليه، إنما يهدف إلى احتواء الصوت الاسلامي وتحييد أصوات الأردنيين من أصل فلسطيني، مدللين على ذلك في كيفية توزيع الدوائر، وهو التوزيع الذي يأتي على حساب المناطق التي تضم غالبية من أصل فلسطيني وهي بالتحديد، عمان والزرقاء، التي يبلغ عدد السكان فيهما أكثر من نصف عدد السكان في الأردن.











































