أصدرت منظمة العمل الدولية تحليلاً قانونياً لبيان مدى توافق التشريعات الأردنية مع اتفاقية 190 بشأن العنف والتحرش في عالم العمل بهدف تأسيس إطار تشريعي يُفضي إلى خلق عالم عمل خالٍ من هاتين الظاهرتين لتمكين النساء والرجال، بغض النظر عن الخلفيات والمسؤوليات، والأوضاع الوظيفية.
وتعتبر اتفاقية رقم 190، والتي لم يصادق عليها الأردن، هي الاتفاقية الأولى من نوعها التي تعالج موضوع العنف والتحرش وتراعي قضايا الجنسين وعرَّفت مفهوم العنف والتحرش على أنه مجموعة من السلوكيات و الأفعال غير المقبولة و التي قد تؤدي إلى أضرار نفسية أو جسدية أو جنسية أو اقتصادية وبذلك اعتمدت معيار الضرر وهذه السلوكيات قد تكون من تنمر إلى اعتداء جنسي أو جنسي والمبدأ الذي تتبناه الاتفاقية أنه يجب معالجة الموضوع بالتشريعات من منظورين الأول المساواة وعدم التمييز والمنظور الآخر هو منظور الصحة والسلامة المهنية وبقانون العقوبات التي تشكل جرائم أكثر خطورة فهي لست محصورة على التحرش الجنسي.
غير معالج بالدرجة الكافية بقانون العمل
وأوضحت المستشارة القانونية والمختصة في النوع الاجتماعي من منظمة العمل الدولية الأستاذة نورا الساكت، أبرز نتائج التحليل، إذ قالت إنَّ هذا الموضوع غير معالج بالدرجة الكافية بقانون العمل وبعض من أشكاله فقط يعالجها قانون العقوبات، وتوضح أن قانون العقوبات غطى العديد من الأفعال التي قد تقع ضمن إطار مفهوم العنف والتحرش مثل المداعبة المنافية للحياء، الفعل المنافي للحياء العلني، هتك عرض ، الاغتصاب، وغطى أيضاً أشياء مثل: الإيذاء، والضرب وحتى التحقير نوع من أنواع التحرش الذي قد يؤدي إلى أضرار نفسية فمن هذه الناحية عالج القانون العديد من الأفعال ولكن استخدم معايير غير موضوعية مثل فعل منافي للحياء، ما هو الحياء؟ فعل غير أخلاقي من يحدد الفعل هل هو أخلاقي أو لا؟ فلم يستخدم معايير موضوعية مثل: أن يكون الفعل ذو طابعٍ جنسي.
وفي بيان لموقف الأردن قالت الساكت أيضاً إن الأردن تغَيَّبَ عن التصويت في المؤتمر الدولي الذي تم فيه التباحث لأول مشروع لهذه الاتفاقية في سنة 2018، لكن على المستوى المحلي فاللجنة الوطنية لشؤون المرأة والاتحاد لنقابات العمال الأردنية ومؤسسات المجتمع المحلي عملوا على استراتيجية وطنية لمواجهة العنف والتحرش في بيئة العمل وبنود هذه الاستراتيجية مستمدة من اتفاقية 190 وتحدد خطة طريق واضحة لكيفية الوصول لمنظومة تدعم خَلق عالم خالٍ من العنف والتحرش وكل ذلك بالتماشي مع الاتفاقية.
ماذا يضمن قانون العمل؟
وتُضيف الساكت أنَّ من ناحية قانون العمل فلمِ يُغَطِ القانون العديد من الأفعال مثل: التنمر، والحلول المتاحة للعامل هي فقط ترك عمله، أما في حال تعرض لأنواع معينة مثل الضرب والتحقير أو الاعتداء الجنسي هو الذي تُعاقِبُ عليه التشريعات والأنسب أن يكون هناك حلول عديدة متاحة أمام العامل لمواجهة إشكالية العنف والتحرش وهم على رأس عملهم.
أبرز وأهم التوصيات المستخلصة من هذه الاستراتيجية
تشير الساكت إلى أربعة محاور وهي: الأول دعم خلق منظومة اجتماعية واعية بالعمل على الوعي المجتمعي، الثاني خلق بيئة عمل آمنة تتضمن تعديلات تشريعية واضحة، وتبنّي سياسات داخلية من أصحاب العمل وإجراءات أخرى والثالث تقول فيه خلق منظومة إنفاذ واستجابة حقيقية تراعي قضايا الجنسين وتكون هذه الإجراءات أمنة تحمي من الانتقام ،وتحمي من السرية وتستجيب لقضايا الجنسين وتفتيش مُراعي للنوع الاجتماعي و الرابع والأهم تجميع البيانات بشقين هما إجراء دراسات من جهات مختصة على مدى انتشار هاتين الظاهرتين وأثرهم على أصحاب العمل من ناحية مادية، والشق الآخر عمل سجل وطني يتم فيه توحيد آلية جمع البيانات لكل الجهات التي تستقبل الشكاوي.