هل يحقق قانون حماية البيانات الشخصية التوازن بين الحرية الرقمية وحماية الخصوصية؟

الرابط المختصر

يتعرض العديد من الأشخاص من إشكاليات عدم الحفاظ على خصوصيتهم وسرية بياناتهم الشخصية أثناء التعامل مع  شركات تستخدمها في تقديم الإعلانات والدعايات لمنتجات معينة، مما تثير هذه الممارسات قلق البعض بسبب اختراق خصوصيتهم واستغلال بياناتهم دون موافقتهم.

لتنظيم هذه العملية وحماية  حقوق المواطنين وضمان سلامة بيانتهم الشخصية، أقرت لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، مؤخرا مشروع قانون حماية البيانات الشخصية لسنة 2022، والذي يهدف إلى معالجة هذه الاختلالات، وتنظيم عملية جمع ونقل البيانات الشخصية، وتحديد الحدود التي يجب أن تحترم عند التعامل مع هذه البيانات.

وتضمن مشروع القانون الجديد موافقة صريحة من الأفراد قبل نقل بياناتهم الشخصية وتحديد مواقع جغرافية محددة للحماية، تهدف هذه الخطوات  إلى تعزيز الحقوق والحريات الدستورية وترسيخ مكانة المملكة في مجال تنظم البيئة الرقمية.

ويعد مشروع القانون أيضا خطوة نحو تحقيق التوازن بين حقوق الأفراد في حماية بياناتهم الشخصية وحرية معالجة واحتفاظ البيانات في الفضاء الالكتروني، مع تزايد انتشار مفاهيم البيانات الضخمة والذكاء الصناعي، فإن هذا الإطار القانوني يسعى إلى منع أي اعتداء على خصوصية المواطنين والمقيمين وفقا للأحكام الدستورية والقوانين ذات الصلة.

 

حماية الخصوصية في العصر الرقمي

 

المدير التنفيذي للجمعية الأردنية للمصدر المفتوح (JOSA)، عيسى محاسنة يرى أن أهمية القانون يأتي لتحقيق مصلحتين أساسيتين للمملكة، وهما حق حماية خصوصية المواطنين والافراد، وضمان بياناتهم الشخصية لن تتعرض للعبث أو  الاستغلال من قبل الشركات الجهات سواء كانت حكومية أو خاصة، بالاضافة الى أنه يمهد الطريق لتحقيق التحول الرقمي وتعزيز دور الأردن في الاقتصاد الرقمي الحديث.

ويشير محاسنة إلى أن هذا القانون يعد جزء من التحول الرقمي الذي يشهده العالم، وياتي مع قانون الاتصالات والمعاملات الالكترونية لتمكين عملية التحول الرقمي وتعزيز الاقتصاد الرقمي عموما في المملكة.

كما يتمحور القانون حول فكرة أساسية تتمثل في أنه لا يمكن لأي جهة أو شركة معالجة بيانات الأفراد إلا بعد الحصول على موافقة صاحب البيانات، ويضع القانون مجموعة من الحقوق لصاحب البيانات، منها حق معرفة كيفية معالجة واستخدام البيانات، ويسمح للأفراد بوقف معالجة بياناتهم في حال انتهاك ذلك، بحسب محاسنة.

 

 

Radio Al-Balad 92.5 راديو البلد · عيسى محاسنة يوضح أهمية مشروع قانون حماية البيانات الشخصية على حقوق المواطنين وخصوصيتهم

وتنص المادة  الرابعة  من القانون على حق كل شخص طبيعي في حماية بياناته، وأنه لا يجوز معالجتها إلا بعد الحصول على الموافقة المسبقة أو في الأحوال المصرح بها قانونا.

وتشير الفقرة "ب" من ذات المادة الى الحقوق التي يتمتع بها الشخص المعني، منها الحق في العلم والاطلاع والوصول إلى البيانات الموجودة لدى المسؤول والحصول عليها، بالاضافة الى حق  سحب الموافقة المسبقة و تصحيح أو تعديل أو محو أو إخفاء أو إضافة أو تحديث البيانات، كما يمتلك الشخص المعني الحق في تخصيص المعالجة في نطاق محدد، والاعتراض على المعالجة والتشخيص إذا كانا غير ضروريين لتحقيق الأغراض التي جمعت البيانات من أجلها، أو كانتا زائدين على متطلباتها أو تمييزية أو مجحفة أو مخالفة للقانون.

 

قانون يشجع الاستثمار

 

ويقول رئيس اللجنة النائب عمر النبر، أن "البيانات الشخصية" من القوانين المهمة التي تعنى بتنظيم البيئة الرقمية، ويحافظ على حقوق المواطنين والمقيمين وخصوصيتهم المقررة بموجب أحكام الدستور والقوانين ذات العلاقة، مشيرا إلى ضرورة إيجاد إطار قانوني يوازن بين آليات حقوق الأفراد في حماية بياناتهم الشخصية وبين السماح بمعالجتها والاحتفاظ بها في ظل الفضاء الإلكتروني والذكاء الصناعي.

من ناحيته، يشير وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة إلى أهمية القانون وحساسيته، والذي يرتبط ارتباطا كليا بمستقبل البيانات والمعلومات وحق المواطن في الحفاظ على بياناته الشخصية وحمايتها من كل القطاعات.

من جانبه يؤكد منتدى الاستراتيجيات الأردني أن هذا القانون يشكل مشروع حماية البيانات الشخصية خطوة مهمة تجاه الحفاظ على خصوصيات وحريات الأردنيين، كما ويعكس مواكبة التطور والتقدم التكنولوجي في العصر الرقمي، والذي أصبحت فيه الهوية الرقمية موازية ومقابلة للهوية الشخصية.

 ومن جهة أخرى، يعتبر المنتدى أن ضمان سلامة وأمن البيانات الشخصية، ووضع الأطر والاسس المتعلقة بتنظيم معالجة هذه البيانات ونقلها، يصب بدوره في مصلحة تشجيع الاستثمار،  حيث يضمن سرية البيانات ويساهم في استقطاب الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا، والتي تتمحور نشاطاتها حول جمع ومعالجة البيانات لتقديم خدمات الكترونية مستقلة أو مكملة أو مساندة لخدمات أخرى.