هل فرّط الأردن بـ"ورقة حماس" لصالح مصر؟

الرابط المختصر

انتقدت ورقة موقف صادرة عن معهد السياسة والمجتمع للدراسات والأبحاث في العاصمة عمان الاثنين ما أسمته بقاء الدور الأردني خارج سياق الحسابات المباشرة في الأحداث الأخيرة في غزة.

 

وبحسب الورقة الصادرة عن ورشة عمل نخبة من السياسيين والخبراء الأردنيين أن "هناك مشكلة كبيرة في الغموض الاستراتيجي في ترسيم حدود الأمن القومي الأردني، فإذا كانت مصر تعتبر غزة امتداداً للأمن القومي المصري، وتضع كل خلافاتها مع حركة حماس على الرف، وتعتبر نفسها طرفاً مهماً في تحديد الوساطة والهدنة وتقرير الأمور".

 

 

 

وشددت على أنه "من باب أولى أن يكون الأردن واضحاً فيما يتعلق بالضفة الغربية والقدس والقضية الفلسطينية التي لا تمثل امتداداً للأمن القومي الأردني، بل هي جزء منه".

 

وأشارت إلى أن المسألة تمس الأوضاع الداخلية والأمن الوطني والحدود والمصالح المشتركة والوصاية على المقدسات، لذلك ليس أمراً منطقياً أن يكون الدور الأردني خارج سياق الحسابات المباشرة في هذه الأحداث.

 

وتأتي الورقة في ظل دعوات نيابية أردنية للحكومة الأردنية لإعادة العلاقة مع حركة حماس التي شهدت انقطاعا على خلفية الصدام بين السلطات الأردنية والحركة الإسلامية خلال السنوات الماضية.

 

 

 

 

وكان النائب عن كتلة الإصلاح ينال فريحات دعا خلال جلسة نيابية لبحث الأوضاع في فلسطين والجرائم المرتكبة في القدس وغزة إلى إعادة العلاقات مع حركة المقاومة الإسلامية حماس.

 

وحسب ورقة الموقف "لم يكن للأردن دور مباشر في الوساطة، وذهب تقدير الإدارة الأمريكية باتجاه خيار مصر التي اتخذت موقفًا مسبقًا بارتباط غزة المباشر بالأمن الوطني المصري، كذلك كان هناك خيار تونس ليس بصفتها ممثلا لمجلس الأمن، أيضا لصفتها المؤثرة في الإسلام السياسي، وكانت أيضًا دولة قطر من ضمن الخيارات، بالتالي لابد من إعادة تقييم وترسيم وتحديد الدور الإقليمي الأردني ضمن حراك الجيوبوليتيك الجديد في المنطقة وعلى ضوء ما حدث في الأراضي المحتلة".

 

الكاتب المتخصص في الحركات الإسلامية، والوزير الأسبق محمد أبو رمان، يرى في حديث لـ"عربي21"، أن "الأردن أخذ في عين الاعتبار الأبعاد الداخلية في العلاقة مع حماس على حساب الأبعاد الإقليمية على عكس ما قامت به مصر، بمعنى أن العلاقة مع الإخوان المسلمين في الأردن طغت على أهمية حماس كلاعب في الإقليم".

 

 

 

 

ويعتقد أن "عدم الفصل في المواقف أفقد الأردن أهمية الدور الذي كان يمكن أن يقوم به مقارنة بالحالة المصرية، فالنظام المصري نكل بالإخوان المسلمين واعتقلهم إلا أنه فصل ملف حماس في غزة".

 

انتقادات للحكومة الأردنية

 

وانتقد كتاب أردنيون غياب المملكة عن مشهد وقف إطلاق النار في غزة، وقال الكاتب نضال منصور في مقال له في صحيفة الغد اليومية: "أعلن وقف إطلاق النار بعد 11 يوما على العدوان، والأردن لم يكن طرفا مباشرا في المفاوضات والوساطات لإنجازه، فهذه المهمة كانت بيد الوسيط المصري الذي عزز موقعه الإقليمي، واستعاد قوته ومكانته، وتشاركه فيها دولة قطر المستضيف والأقرب لقيادات حماس، وبشكل أو بآخر اتصالات وتدخلات بعيدة عن الأضواء لتركيا وإيران بحكم أيضا علاقاتهما المتميزة مع حماس".

 

مضيفا: "أضاع الأردن فرصة لتنويع خياراته الدبلوماسية في التعامل مع الأزمة أثناء العدوان الإسرائيلي، وكذلك كانت لحظة فارقة للتناغم مع المطالب الشعبية، وخطوة مهمة لإعطاء قوة وشرعية للبرلمان، بدلا من تهميشه، وحرقه وتجاهله، ومناسبة للانفتاح على عواصم مثل طهران وأنقرة، وتمتين العلاقات مع الدوحة، وفتح الأبواب مجددا لحركة حماس بعد أن أصبحت السلطة الفلسطينية خارج الحسابات، والتأثير، والفعل السياسي".

 

 

 

 

وكان الأردن احتضن قادة المكتب السياسي لحركة حماس حتى عام 1999، عندما أغلقت المملكة مكاتبها في عمان وأبعدت قادتها إلى الخارج، لتعتقل المملكة عام 2008 خلية قالت إنها تابعة للحركة بتهمة تجنيد عناصر داخل الأردن، ثم دخلت المملكة لاحقا في حلف إقليمي يصنف حركة "حماس" وحركات إسلام سياسي على أنها منظمة "إرهابية" إلا أن المملكة لم تذهب إلى ما ذهبت له تلك الدول من العداء مع حماس.

 

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قال خلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيره المصري سامح شكري، إن الأردن كان على اتصال مع حماس خلال الأسابيع الماضية.

 

وبين أن الأردن يتعامل مع الشعب الفلسطيني، كشعب شقيق، ويقارب الأمور من منطلق موقفه الثابت بأنه يعترف بدولة فلسطين، ويتعامل مع القيادة الفلسطينية، وكافة الأشقاء في فلسطين في إطار العلاقات الطبيعية بين الدول ووفق هذه العلاقات.

 

وحسب الصفدي أن "التواصل مستمر مع الجميع، والهدف الأساس هو خدمة فلسطين وإسناد الفلسطينيين".

 

الكاتب والمحلل السياسي، سميح المعايطة، أكد لـ"عربي21"، أن "الأردن ومصر طرفان مهمان في أي عملية تفاوض قادمة، والأردن بذل كل الجهد وكان وزير الخارجية أول مسؤول عربي يذهب إلى الولايات المتحدة مع بدايات العدوان والتقى بالإدارة الأمريكية، إلا أن وقف إطلاق النار كان أمامه عقبتان هما نتنياهو الذي لا يريد وقف إطلاق النار كي لا يعطي فرصة لحماس للانتصار، أيضا المصريون أصبحت علاقتهم قوية بحماس لضرورة المصلحة المصرية".

 

وتابع: "الأردن كان على اتصال قوي بالمصريين سياسيا وأمنيا، وعندما تحرك الأمريكان ذهبت الأمور إلى وقف إطلاق نار متزامن، الأردن بذل كل ما عليه لكن إطلاق النار واللعبة كانت بين نتنياهو والإدارة الأمريكية، ولعبة خصوصية العلاقات أيضا لها دور فلو كانت الأمور بالضفة الغربية لكان الدور الأردني مختلفا".

 

ما المطلوب الآن؟

 

"المطلوب أن لا يكون الأردن غائبا عن المشهد" كما يقول أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، مراد العضايلة.

 

وبين في حديث لـ"عربي21"، "الأردن يدرك اليوم أنه لا يمكن التعامل مع ملفات القضية الفلسطينية دون النظر لما يصدر عن حركة حماس من قرارات، ويفترض أن يكون الأردن الأقرب لحركة حماس كون قيادة الحركة منذ التأسيس نشأت في الحضن الأردني، حتى بعد إخراجها من الأردن تعاملت باحترام وتقدير للموقف الأردني".

 

 

 

 

وأضاف: "الأردن منذ 8 سنوات أعاد العلاقات الإنسانية مع حماس من خلال السماح لقياداتها السياسية بزيارة الأردن وسط تنسيق أمني وإرسال مستشفى ميداني إلى قطاع غزة، لكن هذا غير كاف لحركة أصبح لها قرار وتأثير في الإقليم، فلتنظر الأردن إلى القاهرة التي تربطها علاقة موت وسجون مع جماعة الإخوان المسلمين على أنها قررت فتح خط مع حماس من أجل أمنها القومي".

 

ودعا إلى إنتاج العلاقة مع حماس بما يتناسب مع المصالح الأردنية، كي لا يبقى الأردن غائبا عن المشهد.

 

هذا واعتبرت ورقة الموقف نقلا عن خبراء أنه "من الواضح أنّ هنالك خلطاً كارثياً يحدث بين اعتبارات الأمن الوطني والمصالح الحيوية الأردنية في الضفة الغربية والقدس والقضية الفلسطينية عموماً من جهة، ومسألة الخشية من الوطن البديل من جهة ثانية، إذا كانت سياسة الملك عبد الله الثاني منذ البداية قامت على تبنِّ واضحٍ لمقاربة استراتيجية عنوانها الأردن هي الأردن وفلسطين هي فلسطين، وأنهى جدلاً تاريخياً معروفاً في هذا السياق، إلا أن ذلك لا يعني أن المصالح الأردنية ليست ممتدة ومشتبكة مع الحالة الفلسطينية، وأنّنا أمنياً وسياسياً ومجتمعياً وثقافياً متأثرون لمدى بعيد ومهم بما يحدث غربي النهر."