ميدل إيست آي :صحفيون وناشطون أردنيون تحت رحمة قانون مطاط
نشر موقع ميدل إيست آي البريطاني تقريراً مطولاً عن حادقة مقاضاة رئيس الوزراء بشر الخصاونة لبائع القهوة والناشط كميل الزعبي.
تحول كشك لبيع القهوة في لواء الرمثا (100 كم شمال العاصمة عمان) الى مزار للناشطين والمتضامنين مع ابن صاحب الكشك الناشط الحراك الاردني العارض كميل الزعبي، بعد ألقت قوات الأمن القبض عليه في 24 أكتوبر الماضي على خلفية شكوى تقدم بها رئيس الحكومة بشر الخصاونة استنادا لقانون الجرائم الإلكترونية.
رئيس الحكومة الأردنية اشتكى على الناشط بعد أن نشر عبر صفحته على الفيس بوك أن زوجة الرئيس تتقاضى آلاف الدنانير من مؤسسات رسمية، الخصاونة اعتبر في إفادته أن “منشورات الزعبي مضرة له معنويا ونفسيا، كما أنها تتضمن أخبارا كاذبة”.
الزعبي بين مئات الناشطين السياسيين وصحفيين ومواطنين وجدوا أنفسهم في السجن أو أمام القضاء بعد عبروا او كتبوا في قضايا سياسية عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
حيث رصد التقرير السنوي للمركز الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة شبهة حكومية) عن العام 2020 “استمرار توقيف أفراد على خلفية التعبير عن آرائهم”.
معتبرا في تقريره الذي صدر الأسبوع الماضي أن “بعض هذه التوقيفات، تمت بسبب التعبير عن قضايا تتعلق بانعكاسات جائحة كورونا، واستمرار التوقيف استنادا لأحكام المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية التي سجلت رقما غير مسبوق بواقع 2.140 قضية في 2020 مقابل 982 في 2019”.
تنص المادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية لسنة 2015، على أنه “يعاقب كل من قام قصداً بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية، أو أي نظام معلومات، تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص، بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على ألفي دينار”.
الكاتب الأردني الساخر أحمد حسن الزعبي ناشر موقع سواليف، برصيده “(19) قضية تتعلق بالنشر، من بينها (14) قضية استنادا على قانون الجرائم الإلكترونية”، كما يقول لـ mee “.
“هناك تعسف في استخدام قانون الجرائم الإلكترونية لتكميم الأفواه، قبل قانون الجرائم الإلكترونية كنت اكتب وانتقد قضايا الفساد بكل سهولة، اليوم قبل كتابة اي بوست افكر هل يمكن أن يتم إدانتي في حال حولت الى القضاء، أغلب القضايا التي رفعت ضد من جهات حكومية او غير حكومية حصلت على عدم مسؤولية”.
يرى الزعبي أن ما نشره الناشط كميل يندرج تحت حرية التعبير التي كفلها الدستور الأردني ” الناشط كميل مارس حقه السؤال، في الأردن لدينا شواهد عديدة لأبناء مسؤولين وزوجاتهم وأقاربهم اصبحوا اثرياء بشكل فاحش من خلال استغلال المواقع الرسمية، ربما ما كتبه كميل لم يكن مدعما بالوثائق لكن لا يستدعي التعسف باستخدام السلطة والتوقيف المسبق قبل التحقيق ومداهمة مكان عمله من رجال الأمن كل هذا كون الخصم هو رئيس الحكومة”.
السلطات الأردنية أعلنت يونيو الماضي عن تسيير دوريات إلكترونية لمراقبة ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي وهي عبارة عن خبراء من رجال أمن من وحدة الجرائم الإلكترونية يقومون برصد ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، وملاحقة صاحب المحتوى في حال كان مخالفا للقانون.
يستخدم الأردنيون الفيس بوك بكثرة ويوجه من خلاله معارضون من خلال خاصية البث انتقادات واسعة للحكومة وتطال الملك احيانا بخصوص تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ولجأت السلطات لحجب خاصية البث في أحداث شغلت الرأي العام مثل: اعتصام معلمي الاردن، قضية الأميرة حمزة، وثائق بندورا، كما تحظر موقع كلب هاوس.
يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن 9.4 مليون مستخدم للإنترنت في المملكة حسب هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الاردنية يتركز تواجد الأردنيين على الفيسبوك ( 6.3 مليون حساب) في 2021 حسب موقع “internet world stats “.
المحامي المختص في قضايا الإعلام والمطبوعات والنشر والجرائم الإلكترونية خالد خليفات، يقول لـmee “مراجعة شاملة وإحلال قانون بدل قانون، لا بد من إضافة نصوص وتوضيح بعض الأفعال التي تشكل مخالفة قانونية”.
“يجب أن يكون هناك مراجعة مشتركة بين قانون الجرائم الإلكترونية وقانون الاتصالات لمعالجة الأفعال ليعرف كل من مستخدمي هذه الشبكة والإعلاميين ما الحدود القانونية لهم”.
الحكومة تعد بمراجعة قانون الجرائم الإلكترونية
الحكومة الأردنية وعدت انها “ستعيد النظر في قانون الجرائم الإلكترونية” جاء ذلك خلال زيارة قام بها وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول لنقابة الصحفيين الخميس 28 أكتوبر.
وقال الوزير أمام الصحفيين “هنالك تصوّر حكومي أوّلي لإعادة النظر في التشريعات النّاظمة لقطاع الصّحافة والإعلام والبيئة الإعلاميّة بالتعاون والتنسيق مع نقابة الصحفيين، بما في ذلك قانون الجرائم الإلكترونية” لا.
الأمر لا يقتصر على قانون الجرائم الإلكترونية، التشريعات الأردنية، تزخر بعبارات مطاطة مثل “تقويض نظام الحكم، وإطالة اللسان، وتغيير بنية المجتمع، وإثارة نعرات إقليمية”، قادت العشرات من الناشطين السياسيين والمعلمين إلى محكمة أمن الدولة، بعدما عبروا عن آرائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو نفذوا اعتصامات احتجاجية سلمية.
وكان الملك عبدالله الثاني قد وجه الحكومة في بداية أكتوبر لدراسة جميع القضايا المتعلقة بإطالة اللسان (انتقاد الملك) خلافا لأحكام المادة 195 من قانون العقوبات، والتي صدر بها أحكام قطعية، والسير بإجراءات منح عفو خاص للمحكوم عليهم في هذه القضايا.
الصحفي الأردني نضال سلامة، ينتظر البت في عدد من القضايا التي رفعت بحقه من قبل الحكومة وبعض المسؤولين، أبرز هذه القضايا على خلفية تغريدة على تويتر في 2020 طالب فيها وزير الداخلية برفع العصا عن المعلمين الأردنيين بعد فض اعتصامهم بالقوة.
يقول لـ”mee”، “تم استخدام القانون وسيلة لقمع الحريات، وسيف مسلط على النقد الموثق، وهي حرب على الإعلاميين والناشطين يجب على الصحفيين الوقوف جسما واحدا والمطالبة بإلغاء هذا القانون، هذا القانون يقف عائقا امام عن كشف الفساد، واجهت السجن شهر وخمسة ايام في قضية دعمتها بالأدلة والوثائق وخرجت بعد عفو عام اجرته الحكومة، هذا يخالف ما يطالب له الملك بأن يكون الجميع شركاء في محاربة الفساد”.
كورونا تزيد من التضييق على حرية الإعلام
وارتفع التضييق على وسائل الإعلام في الأردن خلال جائحة كورونا بعد تفعيل الحكومة لقانون الدفاع لمواجهة الجائحة، إذ ارتفعت عدد الجرائم الالكترونية في عام 2020 حسب إحصائيات مديرية الأمن العام.
مساعد مدير الأمن العام لأمن الأقاليم العميد أيمن العوايشة، يقول”الأردن من الدول السباقة في التعامل مع الجرائم الإلكترونية، وتوجد 9225 قضية إلكترونية في 2021 مقابل 8483 قضية في 2019.
وحسب تصريحات العوايشة التي جاءت لتلفزيون المملكة الرسمي الاثنين الماضي “تأخذ قضايا الجرائم الإلكترونية طابع التهديد والابتزاز والتشهير والسب والشتم وتشكل 43% من عدد القضايا، وكذلك الاحتيال الإلكتروني ونسبته تقارب 13-14%، عدا عن سرقة البيانات الإلكترونية واختراق المواقع أو انتحال الشخصية.
مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور، يقول لـmee ان “أمر الدفاع رقم (8) الذي غلظ العقوبات على من يتهم بترويج الشائعات شكل ضغطاً غير مسبوق على وسائل الإعلام، ودفعها للتريث قبل نشرها أي معلومة، خاصة فيما يناقض معلومات أجهزة الدولة حول الحالة الوبائية ومعدل الإصابات على سبيل المثال”.
المركز أصدر تقريرا في منتصف 2012 تحت عنوان “إعلام مقيد” قال فيه “بعد سنوات من التدخل المباشر، فإن وسائل الإعلام أعادت التموضع، وأصبحت إدارات التحرير (رئيس التحرير، مدير التحرير، ومحرري الديسك) يقومون بالرقابة القبلية، وتنقيح المحتوى، وحذف أو تعديل ما يرونه مخالفا لتوجهات الدولة والحكومة.”
في هذه الأثناء ، لا يزال كميل في السجن ، ويسعد ابنه بسام( 15عاما) العملاء بتزويدهم بالقهوة الساخنة على حساب تعليمه.يعرف المؤيدون أنه لا يمكنهم فعل الكثير للمساعدة ، لكنهم على الأقل يشترون القهوة كرمز لدعم والده المسجون.