ميدل إيست آي:هل يضع اتفاق التطبيع الإماراتي-الاسرائيلي الوصاية الاردنية على المحك؟
تلتزم السلطات الاردنية الصمت حول نشره مركز "القدس الدنيوية" الاسرائيلي من اتفاق التطبيع الإماراتي الاسرائيلي من بنود تتعلق بالمدينة المقدسة، وقال تقرير المركز أن الاتفاق سينتهي الى تغيير غير مسبوق في واقع المدينة والمقدسات وحقوق المسلمين في الحرم القدسي الشريف.
هذه البنود تمس قلب الوصاية الهاشمية على المقدسات، يحاول المسؤولون الأردنيون تجنب الخوض في هذا الحديث، مسؤول أردني رمه مسؤول عن ملف القدس فض ذكر اس يقول لـ mee" "هذا موضع حساس لدينا الاف الاردنيين يعملون في الامارات، اذا كان هناك موقف اردني يجب أن يصدر من الخارجية الأردنية".
الخارجية الأردنية هي الاخرى اكثر حذرا بالتصريحات، ورفضت الحديث لـmee، خصوصا بعد هزة في العلاقات مع الإمارات على خلفية تغريدة للأمير علي بن الحسين الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني والتي انتقد بها اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، وبعد سجن رسام الكاريكاتير عماد حجاج الذي افرج عنه لاحقا بسبب رسمه انتقد بها ابن زايد في صحيفة العربي الجديد.
الا ان الخارجية علقت عبر نصة "اسأل الحكومة" بمراسل mee بالقول "المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف، بباحاته البالغة 144 دونما، هو مسجد خالص للمسلمين، لهم وحدهم حق الصلاة والعبادة فيه"، وذلك تعليقا على تقرير قال إن الإمارات وافقت بعد تطبيع علاقتها مع الاحتلال على تغيير الوضع القائم في الأقصى.
وأكدت الخارجية "دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية هي السلطة الوطنية صاحبة الصلاحية الحصرية بالإشراف على المسجد وتنظيم الدخول إليه".
وقالت إن "القانون الدولي يؤكد أنه لا يجوز للسلطات القائمة بالاحتلال تغيير الوضع القائم في أن حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس هي أولوية، الوصي عليها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين (...) الذي يكرس إمكانياته للحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم فيها، والحفاظ على الهوية العربية الإسلامية والمسيحية للقدس" .
وحسب رد الخارجية الأردنية، فإن "على إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال في القدس الشرقية المحتلة، احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واحترام الوضع القائم القانوني والتاريخي، وقدسية المسجد، وحرمته ومشاعر المسلمين، واحترام الدور الأردني في رعاية المقدسات، الذي اعترفت به في معاهدة السلام بين البلدين، وعدم المساس بسلطة وصلاحيات إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك".
الوصاية على المحك
لكن الوصاية الهاشمية على المحك، يشرح التقرير الاسرائيلي أنه "لأول مرة يتم اختصار حق المسلمين في المسجد الأقصى فقط" بدلاً من الحرم الشريف والذي يعتبر المسلمون أن كل ما في الحرم الشريف هو المسجد الأقصى وليس البناء وحده فيما يعتبر الإسرائيليون أن المسجد الأقصى هو البناء داخل الحرم، ويُسمون كل ما هو داخل أسوار الحرم باسم "جبل الهيكل"، وهو الأمر الذي يعني بأن اسرائيل تريد إدخال تغيير جديد على واقع المدينة المقدسة وبموافقة وإقرار من دولة عربية وهي الإمارات، حيث أن "حق المسلمين في الصلاة يقتصر على المسجد الأقصى وليس كل الحرم الشريف".
وعد بلفور جديد
شخصيات أردنية لم تصمت على ما نشره مركز "القدس الدنيوية" الاسرائيلي، يعتبر رئيس لجنة فلسطين برابطة الكتاب الأردنيين، والعضو السابق في المجلسين الوطني الفلسطيني والثوري لحركة"فتـح"، ربحي حلّوم، يصف ذلك بـ"وعد بلفور جديد".
"هذا انقلاب خياني على التاريخ والدين، والقيم والعروبة، وقدسية الأماكن المقدسة، وانقلاب على الوصاية الأردنية على المقدسات وعلى الموقف العربي برمته، واختراق مباشر في العدوان على حق الشعب الفلسطيني في فلسطين والمقدسات". يقول لـmee.
معتبرا محمد بن زايد يعيد استنساخ جريمة وعد بلفور وصفقة ترامب "أنه يتصرف بشأن لا يملك فيه حق ليهبه للصهاينة محتلي فلسطين و أعداء الامتين العربية والإسلامية، وهذا انقلاب على إرث والده زايد آل نهيان الذي رحل وهو يردد خسء اولاد خيبر، اذ يسعى ابن زايد لوضع المقدسات تحت وصاية صديقة ابن سلمان، بإشراف الكيان الصهيوني".
وصاية تاريخية
تتمتع الاردن بحق الوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، وتحافظ على انظمة عثمانية قديمة تدعى "الوضع القائم" (Status Quo)، تتضمن "زيارة غير المسلمين تخضع لموافقة خطية مسبقة من دائرة الأوقاف الأردنية في القدس، لا يسمح لغير المسلمين الصلاة، ولا يسمح بأدوات صلاة".
الوصاية الاردنية، لها جذور تاريخية وقانونية،تعود لعام 1924، عندما بويع الشريف حسين، مطلق الثورة العربية الكبرى، وصيا على القدس، مرورا بسيادة الأردن على القدس الشرقية عام 1948 و1967.. وحتى بعد فك الارتباط بين الضفتين عام 1988، فإنه لم يتخل الأردن عن السيادة على المقدسات، وثبتت الاردن هذه الوصاية بالمادة 11 من اتفاقية السلام مع اسرائيل.
كما ثبتت المملكة الأردنية وصايتها على المقدسات قانونيا؛ من خلال الاتفاقية الموقعة بين الملك عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في عام 2013، الذي جدد حق الملك عبدا لله الثاني بالوصاية على المقدسات.
الإمارات لا تملك شيئا في القدس
وزير الأوقاف الأردني الأسبق هايل الداود، يقول لـ"mee"، إن " لا أعلم اذا كان هناك وعودا تتعلق بوضع القدس في الاتفاق الإماراتي الاسرائيلي، واستبعد ذلك كون الإمارات تعلم أنها لا تملك شيء في القدس، وأن المعني بالقدس هما الشعب الفلسطيني اولا وثانيا الأردن بحكم الوصاية الهاشمية".
مضيفا "استبعد ان يكون هنالك وعد بهذا الخصوص؛ لانه إعطاء حق من لا يملك لمن لا يستحق، كما أن العلاقة السياسية بين الأردن والإمارات تمنع من المساس بالحقوق الاردنية والوصاية الهاشمية، ولو افترضنا جدلا أن هذا البند موجود فهو لا اقيم له؛ كون المسألة متعلقة بالفلسطينيين اولا ثم في الاردن صاحب الوصاية".
مبينا أن "الملك عبد الله الثاني في عام 2013 حصل على تفويض من السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، بالوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية حتى تعود تلك الاماكن للسيادة الفلسطينية، لكن اسرائيل تحرص دائما على تغيير الوضع القائم في المسجد الاقصى وهي متضايقه جدا من الوصاية الاردنية الهاشمية وتعتبر أن هذه الوصايا تحول بينه وبين مخططاتها في المسجد الأقصى".
اما الوضع القانوني للقدس في القانون الدولي. الحرم القدسي واقع ضمن حدود عام ١٩٦٧ وحسب قرار مجلس الامن 242 يجب على إسرائيل الانسحاب منها ولا تملك اي صلاحية لتغيير الوضع القائم في المدينة.
الصحفي الفلسطيني، داود كتاب، نائب رئيس معهد الصحافة الدولي، يقول لـmee" " عندما حضر مندوب الإمارات للإعلان صفقة القرن وعندما وافقت الإمارات على الجملة التي تثبت صفقة القرن فأنها بصورة اوتوماتيكية وافقت على حق اليهود في الصلاة على أرض الحرم القدسي".
"هنا يأتي السم الإسرائيلي الأمريكي. فبيان التطبيع الأمريكي الإسرائيلي الاماراتي لم يذكر الحرم الشريف الكاملة المحاطة بأبواب ولها حراس من الأوقاف الأردنية بل قال البيان أن "للمسلمين حق في زيارة والصلاة في المسجد الأقصى" وأكمل البيان "في حين باقي الأماكن المقدسة يجب أن تكون مفتوحة لصلاة المؤمنين من كافة الديانات."
تحذيرات من تغيير الوضع القائم
مصدر اردني خبير في شؤونا لقدس، يحذر في حديث لـmee" من أن "المساس بالوضع التاريخي القائم للمسجد الأقصى سيكون له عواقب وخمية"، مستشهدا بحوادث تاريخية كان محطة لانطلاق صراع مثل اقتحام المسجد الأقصى وتجول في ساحاته 2000، وحادثة النفق عام 1990، وحداثة حرق المنبر والمسجد الأقصى في 1969، أحداث البراق سنة 1929 كلها محاولات دفعت الفلسطينيين عامة والمقدسيين خاصة للانتفاض ونصرة المسجد.
وتعليقا على ما نشره مركز "القدس الدنيوية" يقول "هو تفسير للاتفاق من بيوت الخبرة الاسرائيلية، اذ لا يوجد أمامنا بنود اتفاق معلنة، مركز الدراسات فسر ما أعلنه الرئيس الأمريكي ترامب سابقا بالسماح للمسلمين والمؤمنين بالصلاة في المسجد على أنها تغيير الوضع القائم لأن هناك أطراف اسلامية أو عربية لا يوجد لديها مشكلة بتغيير الوضع القائم من خلال التسامح مع صلاة اليهود في الاقصى، هذا التفسير ربما يكون صحيحا وربما تكون ان الإمارات العربية لا تأخذه بالحسبان".
يشدد أن "تاريخيا وقانونيا صاحب الوصاية على المقدسات هو لجلالة الملك عبدالله الثاني، التي ورثها عن جده الشريف حسين، وجددت هذه البيعة عندما وقع الملك والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية في 2013 تعطي للاردن حق الوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية لحين عودتها للسيادة الفلسطينية، والموقف الأردني واضح بالنسبة للمسجد الاقصى و المساس بالوضع القائم هو خط أحمر".
ونصت الاتفاقية مع عباس في 2013 على المبادئ التاريخية المتفق عليها أردنيا وفلسطينيا حول القدس، التي تمكّن الأردن وفلسطين "من بذل جميع الجهود بشكل مشترك لحماية القدس والأماكن المقدّسة من محاولات التهويد الإسرائيلية".