بعد أيام من تعرض المملكة لموجة حر غير مسبوقة، شهد القطاعان الزراعي والحيواني تأثيرات مباشرة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والغبار الكثيف، حيث تكبدت المحاصيل ومزارع الدواجن أضرارا ملموسة، في وقت يواصل فيه المزارعون والمربون جهودهم للحفاظ على الإنتاج وضمان استقرار السوق.
وتتوقع دائرة الأرصاد الجوية تراجع تأثير الموجة الحارة يوم الجمعة المقبل، على أن ينحسر تماما يوم السبت، فيما تواصل وزارة الزراعة والخبراء تقديم الإرشادات للتقليل من تداعياتها، من خلال توفير الظل والمياه، وتعديل جداول التغذية، وتهوية الحظائر، والاهتمام بصحة النحل وتظليل خلاياه.
موجة الحر وتأثيرها على المحاصيل الزراعية
لم يشهد المزارعون في الأردن منذ نحو 80 عاما ظروفا مناخية بهذه الحدة، حيث امتزجت درجات الحرارة المرتفعة بعواصف غبارية وأمطار متفرقة، مما أدى إلى ضربة للموسم الزراعي.
مدير الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين، المهندس محمود العوران، أوضح أن الأضرار طالت الإنتاج النباتي بشكل مباشر، إذ تضررت محاصيل حساسة مثل الكوسا والخيار والبندورة، وسجل نضج مبكر للمحاصيل، سواء الخضروات أو الأشجار المثمرة.
ويضيف العوران أن الغبار الكثيف على جودة المنتجات، فيما عانى الإنتاج الحيواني من انخفاض في إنتاج الحليب والشهية، وسجلت حالات نفوق في بعض مزارع الدواجن المفتوحة.
تأثير الموجة على الأسواق
نتيجة للنضج المبكر للمحاصيل، شهدت أسواق الجملة زيادات في الكميات المعروضة، مما سيؤدي إلى انخفاض الأسعار. على سبيل المثال، وردت مادة البندورة إلى سوق الجملة المركزي بكمية 280 طن يوم الخميس قبل الموجة، و310 طن يوم الجمعة مع بداية الموجة، و330 طن يوم الأحد.
وحول حصر الأضرار، يشير العوران إلى أن موجة الحر ستستمر ليوم غد قبل أن تبدأ بالانحسار تدريجيا، ما يعني أن عمليات الحصر ستكون ممكنة بعد انتهاء الموجة.
ويشير العوران إلى أن النضج المبكر للمحاصيل سيؤدي إلى زيادة الكميات المعروضة في أسواق الجملة، مما سينعكس على انخفاض الأسعار، حيث وردت مادة البندورة إلى السوق المركزي بكمية 280 طن قبل الموجة وارتفعت إلى 330 طن مع استمرارها.
خسائر في قطاع الدواجن
لم تقتصر آثار موجة الحر الاستثنائية التي تشهدها المملكة على المحاصيل الزراعية، بل امتدت لتطال قطاع الثروة الحيوانية، وخصوصا مزارع الدواجن، مما وضع المربين أمام تحديات كبيرة للحفاظ على صحة الطيور واستمرار الإنتاج.
رئيس جمعية مستثمري الدواجن والأعلاف، المهندس عبد الشكور جمجوم، يوضح في حديثه لـ "عمان نت"، أن نحو 70% من مزارع الدواجن أصبحت مكيفة، مما ساهم في الحد من الخسائر مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أن المزارع الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل نحو 30-40% من القطاع، تكبدت أضرارا كبيرة، خاصة في اليوم الذي شهد ارتفاعا قياسيا في درجات الحرارة، وصلت داخليا في بعض المزارع إلى 47 درجة مئوية، مما أدى إلى وفيات مرتفعة وتراجع إنتاج البيض.
ويشير جمجوم إلى أن استهلاك الدواجن للأعلاف تراجع في هذه المزارع المفتوحة إلى نحو 60% من معدله الطبيعي، وهو ما انعكس مباشرة على الإنتاج، مؤكدا أن استمرار موجة الحر لعدة أيام فاقم الأضرار، خصوصا بعد ساعات الظهيرة، مستبعدا حدوث ارتفاع كبير في المدى القريب، نظرا لوفرة الإنتاج في المزارع المكيفة، مبينا أن أسعار الدواجن تخضع لقاعدة العرض والطلب أكثر من ارتباطها بتكاليف الإنتاج.
غياب الدعم الحكومي
رغم أهمية قطاع الدواجن في توفير لحوم وبيض بأسعار معقولة، يشكو المربون من أعباء متزايدة وتحديات هيكلية، أبرزها الضرائب وارتفاع تكاليف التشغيل.
ويقول جمجوم أن قطاع الدواجن يعاني أصلا من تحديات متراكمة، تتعلق بتكاليف المياه والطاقة والأعلاف، إضافة إلى الضرائب، حيث تفرض ضريبة بنسبة 5% على الأعلاف، وضريبة مسقفات على مزارع الدواجن، فضلا عن ارتفاع كلفة العمالة والطاقة، مما يزيد الضغط على المربين حتى الكبار منهم.
وينتقد جمجوم غياب الدعم الحكومي لقطاع يمثل ركيزة الأمن الغذائي، إذ يوفر لحوم الدواجن وبيض المائدة بأسعار مناسبة مقارنة بارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، مشددًا على ضرورة مراجعة السياسات الضريبية وتقديم التسهيلات للمربين.
وكانت وزارة الزراعة قد ناقشت استراتيجية لدعم قطاع الدواجن في اجتماع بداية العام الحالي، تم مناقشة تحديات القطاع مع اتحاد الدواجن والشركات، وأعلن عن إعداد خطة استراتيجية لتحقيق استقرار الأسعار وزيادة الإنتاج، مع متابعة أسبوعية لضمان توافر الكميات وخدمة السوق، خاصة خلال موسم رمضان.
نصائح لمواجهة موجات الحر
مع استمرار التغيرات المناخية وارتفاع تواتر موجات الحر، تصبح الإجراءات الوقائية ضرورة لتقليل الخسائر في القطاعات الزراعية والحيوانية.
يوصي العوران بزيادة ساعات الري في الصباح الباكر أو المساء، وتوفير أماكن مظللة ومهواة لصغار المواليد، وتجنب الرعي في أوقات الذروة، مع الحذر من انتشار الثعابين والحشرات السامة في المناطق الصحراوية.
كما دعا إلى تخفيض أسعار المياه مؤقتا، ومراعاة أوقات الذروة في الكهرباء لتسهيل عمليات الري، والحفاظ على الحدائق المنزلية لما لها من دور في التخفيف من آثار التغير المناخي، مع تعزيز الحصاد المائي.
أما جمجوم، فشدد على أهمية استخدام المراوح والشفاطات، وتركيب بخاخات مياه، وتبريد مياه الشرب بالثلج، وترطيب أرضيات الحظائر، وتقديم الأعلاف في ساعات الصباح فقط لتجنب الإجهاد الحراري للطيور.












































