مكفوفون يطالبون بشمولهم في الوظائف الحكومية
المطالبة بحق العمل في المؤسسات الحكومية والشركات العامة والخاصة، أبسط ما يطلبه ذوي الاحتياجات الخاصة في الأردن والذي يصل عددهم فيه إلى ما يزيد عن 7%.
ورغم إلزام قانون "حقوق الأشخاص المعوقين" لسنة2007 مؤسسات القطاع العام والخاص والشركات التي لا يقل عدد العاملين في أي منها عن «25» عاملا ولا يزيد على «50» عاملا بتشغيل عامل واحد من الأشخاص المعوقين وإذا زاد عدد العاملين في أي منهما على «50» عاملا تخصص ما لا تقل نسبته عن «4%» من عدد العاملين فيها للأشخاص المعوقين شريطة ان تسمح طبيعة العمل في المؤسسة بذلك. إلا أن الواقع غير ذلك.
الكفيف مصطفى الرواشدة، لا يجد تفسيرا لتجاهل المؤسسات الحكومية المختلفة لما يتيحه القانون لهم، يقول: "لما يحجب العمل عن الكفيف، لا أدري ما الإصرار على رفضنا..يمكن للمعاق والكفيف على وجه التحديد أن يعمل وينتج وتحديدا من هم حاصلين على شهادات تعليمية، أما غير المتعلمين فيمكنهم الإنتاج في المجالات المختلفة، ولا يوجد حجة للجهات للقول أنهم غير منتجين أو لائقين".
ولا يعاني المكفوفين وغيرهم من أصحاب الحاجة من عدم مقدرة، وإنما "مجتمع لا يريدهم خارج إطار الحاجة" وهذا ما يثير غضب المكفوفة وفاء جبر التي تمنت أن يأتي يوم ويتعامل الناس مع المكفوف على أنه إنسان منتج وليس عالة على أحد، تقول: "أعطونا فرصة، ولا تحكموا علينا بمجرد أننا معاقين".
إذا كان المجتمع يفرض السطوة وتكون شعلتها الوزارات والشركات التي لا تطبق ما نص عليه القانون ، بذلك يخرج المعاق والمكفوف على وجه التحديد من الحلبة بدون مساعدة له، لتتحرك جمعيات معنية بحاجته، لكن تلك الجمعيات لا داعم لها؛ فجمعية الصداقة الخاصة بالمكفوفين لا تملك صلاحيات لمتابعة أحوال المكفوفين رغم دعمها المباشر من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، فيما يخرج نادي الشعلة للمكفوفين من ذلك المأزق عبر تأهيل المسجلين لديه من المكفوفين، وتأهيلهم على الكمبيوتر وآلة البريل الخاصة بهم بما يضمن لهم الطريق لأي وظيفة قد يحصلون عليها لكن الواقع هو مأزقهم بالنهاية.
وفق تقديرات مركز الشعلة للمكفوفين فإن عدد المكفوفين في المملكة وصل إلى 24 ألفا. أما عالميا، فتقول منظمة الصحة العالمية إن هناك ما بين 8-10% نسبة المعاقين في العالم العربي حصة الأردن تقديريا وفق خبراء أقل من 7%.
فيما جاء قانون "حقوق الأشخاص المعوقين" الجديد عام 2007 موسعا أكثر من القانون الصادر عام 1992 والذي يكفل حقوق تلك الفئة من المجتمع، بعد أن أقره مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب سنة 2007. وفي القانون الجديد ضمن إنشاء المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعاقين كهيئة إدارية مستقلة ماليا وإداريا.
"لم نستفد من المجلس الأعلى لشؤون المعوقين، خلال السنة وربع السنة التي أنشأ فيها..فالتشغيل، قضية أساسية ومهمة لنا ولا يوجد فيها أي نتيجة" - وفق الكفيف مصطفى- على أن المجلس الأعلى هو الأساس فعليه تشكيل اللجان المختصة بمتابعة الوزارات والمؤسسات المختلفة فيما يتعلق بتطبيقها ما كفله القانون.
"المسؤولية ليست فقط على المجلس كأن يكون رقيبا أو يرسل الكتب إنما المجتمع الذي يرفضهم، وكذلك مسؤولية المؤسسات العامة والقطاع العام، وهذه التوعية نحتاجها"، تقول أمينة عام المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين أمل النحاس.
المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعاقين "غير ملزم" بمتابعة تطبيق المؤسسات المختلفة قبول ما نسبته 4% في توظيف موظفين من ذوي الاحتياجات الخاصة، لأن على المؤسسات أن تنفذ القانون، هذا الرأي يعتبر عند المكفوفين مشكلة لأن حلقة ستظل مفقودة.
وتوضح النحاس "المجلس الأعلى ليس الجهة التي تقدم الخدمات، ولن نأخذ مكان الوزارات فكل وزارة لها عملها، لكننا نقدم دعم لبرامج لمؤسسات..ونحن بصدد وضع معايير أردنية لاعتماد البرامج والمؤسسات المتخصصة بالإعاقة، لكي ترقى بمستوى الخدمة المقدمة لهذه الفئة من المجتمع، وندعم برامج ولكن لا نقدم الخدمة المباشرة، فلا صفة رقابية لنا".
حق المعاقين أن يمارسوا حياتهم العادية خارج المنزل وفي الأسواق والحدائق وكل مرافق البلد، هي قضية وطنية لها أبعاد مختلفة تتعلق بالمؤهلات والشواغر وحق الشخص ان يصل إلى العمل بدون معاناة تضاف إلى معاناته الجسدية، فإذا أخذنا النسبة التي حددها القانون فيكفي ان تغطي وزارة الصحة والتربية والتعليم ان تغطي تلك النسبة..وفق النحاس.
وفاء جبر، حاصلة على دبلوم تربية خاصة، تعاني من ضعف بصري حاد، لديها دورات تأهيلية بالمسنين والأعمال اليدوية وكمبيوتر وبريل، "أتمنى أن أحصل على فرصة عمل" ففي الوقت الذي يكفل لها القوانين حق العمل والحياة كما الآخرين لكنها لا ترى ذلك على أرض الواقع.
أما الكفيف خالد الحوامدة، فلا يخفي تؤثره اليومي من غياب الفرص والأبواب المغلقة، "قدمت لمؤسسات عديدة ورفضتنا" أما المكفوف العراقي زيادة رفض الحديث عن ما يعانيه ولكنه يطمح في التعلم "أبسط حقوقنا أن نتعلم"، أما الكفيف عادل زامل والذي درس شريعة من جامعة العلوم التطبيقية، يأمل هو أيضا العمل، لكن إبراهيم الذي فقد بصره عام 1999 هو الآخر أغلقت الأبواب أمامه من بعد الحادثة التي تعرض لها لينتهي به المطاف مستجديا المؤسسات أن تقبل به عاملا بعد أن كان مسؤولا في إحدى الشركات المتخصصة بالسيراميك لكن معاناته مضاعفة لمسؤوليته عن عائلة وعدم امتلاكه شهادة تعليمية.
الكفيفة بثينة هي الأخرى حاربت لأجل العمل كما الآخرين وحازت على منالها بعد أن عرضت قضيتها على أكثر من وسيلة إعلامية إلى أن انتهى بها المطاف عاملة في مقسم وزارة التنمية الاجتماعية، "إذا حققت ما أريد فهناك المئات من المكفوفين غير قادرين على تحصيل أبسط حقوقهم..أتأمل أن يأتي يوم ويهتم الجميع بما نعانيه جميعنا سواء مكفوفين أو غيرنا من المعاقين".
يكفي أن يلتزم الأعضاء السبعة في مجلس أمناء المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين في تطبيق تلك النسبة التي ضمنها القانون لأن تحل أزمتنا"..كما يقول الكفيف مصطفى، المتكئ على نص القانون الذي يعين سبعة أمناء عامين يمثلون عدة وزارات ذات صلة في المجلس.
ويأتي عمل المجلس الأعلى لشؤون المعاقين تنفيذا للإستراتجية الوطنية التي ضمنها القانون حول ضمان حقوق الأشخاص المعوقين، وتعلق الأمينة أمل النحاس: "لا يبدو أن المؤسسات الحكومية تنفذ ما كفله القانون لهؤلاء الأشخاص لأن القانون كان في السابق عام 1992 والوزارات عليها المسؤولية وتضاهي مسؤولية المجتمع تجاه المعاق، على سبيل المثال واقع الأطفال المعاقين في المدارس هي مسؤولية المجتمع أكثر".
أمانة عمان الكبرى واحدة من المؤسسات الخدمية التي تضم عددا من الموظفين من ذوي الاحتياجات الخاصة لديها، وتوضح مديرة دائرة البناء الخاص فيها المهندسة رنا حدادين أنهم يعكفون منذ شهرين على إعداد قاعدة بيانات خاصة بموظفي الأمانة من ذوي الإعاقات المختلفة "بهدف معرفة نسبتهم من بين 18 ألف موظف وكذلك المناطق التي يعملون فيها.
فيما لم تقدم أي وزارة أرقاما حول أعداد الموظفين لديها من ذوي الاحتياجات الخاصة، معتبرا أكثر من مسؤول أن "المعاملة هي واحدة لدى الجميع فكفاءة الشخص هي التي تحدد موقع في المقعد الشاغر لا التعاطف أو الانحياز، هناك موظف كفؤ من ذوي الاحتياجات الخاصة تم تعينه بدون النظر إلى القانون الذي يحفظ حقه"..وفق مسؤول في إحدى الوزارات.
دور أمانة عمان هو تأهيل الأبنية وفق كودات، فيما تعترف حدادين عن تقصير يعود إلى جملة معيقات واجهت الأمانة، لكنها تلفت إلى إنجاز حققته الدائرة مؤخرا وهو "تعديل دفتر تراخيص الأبنية المعتمد بكافة مناطق الأمانة 27 لأي معاملة ترخيص بناء الذي تضمن بندا تدقق فيه الأمانة على أبنية الوزارات والمدارس والمؤسسات العامة والأسواق وفيها تطبق كودة البناء الخاص".
"نتمنى ان يتمسك ذوي الاحتياجات الخاصة بمطالبهم لتلاقي مكانها في الوجود"..تقول حدادين، لكن النحاس ترى أن عدم مساهمة المؤسسات العامة والخاصة بتوفير فرص عمل يخلق عبء على مؤسسات أخرى لإيجاد فرق بالتالي تعود قضيتهم إلى المربع الأول.
ويلزم القانون "مؤسسة التدريب المهني" بتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة وتأهيلهم، في مادته الرابعة فقرة (ج) بما يتعلق بالمؤسسة التي عليها أن توفر (التدريب المناسب للأشخاص المعوقين وتطوير قدراتهم وفقا لاحتياجات سوق العمل، بما في ذلك تدريب المدربين العاملين في هذا المجال وتأهيلهم).
وتقول النحاس أن المجلس أشرف على تدريب 300 من ذوي الاحتياجات الخاصة على اختلاف أنواعها (الحركية والسمعية والبصرية والعقلية ذات الدرجة الخفيفة) بعد التعاقد مع مؤسسة التدريب المهني. وتضيف "هناك شقين يتعلقان بأوضاع المعاقين، الأولى: هل هو مؤهل أكاديميا، الثانية هل هو مؤهل مهنيا، وهناك جزء كبير من المعاقين بحاجة إلى تدريب".
في المادة الرابعة من قانون حقوق الأشخاص المعاقين، بفقرة (ح) تنص على "دمج المعاقين في شتى مناحي الحياة والمجالات وعلى مختلف الأصعدة بما في ذلك شمول الأشخاص المعوقين وقضاياهم بالخطط التنموية الشامل"، وتطالب أمين عام المجلس الأعلى لشؤون المعوقين أمل النحاس بإيجاد ضابطة عدلية لمراقبة المؤسسات الحكومية في تطبيقها هذا البند وعلى أن تكون وزارة العمل هي الضابط، ذلك "لأن القانون لوحده غير كاف".
وقع الأردن على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعوقين وشأنها ان تعزز حقوق المعوقين المدنية منها والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
"إذا ضَمِنا أن تحرص كل المؤسسات والشركات على نسبة 4% أو أقل، فعندها لن نحتاج إلى متابعات أو غيرها لأجل الانتهاء من مسألة تشغيل هذه الفئة من المجتمع"، وفق الدكتورة النحاس.











































