مع انطلاق العام الدراسي.. طلبة التوحد في مواجهة عقبات الدمج ونقص الخدمات

الرابط المختصر

خلال الأسابيع الماضية، بدأت عودة  الطلاب إلى المدارس على مراحل، حيث سيكون آخرها في المدارس الخاصة مع بداية شهر أيلول المقبل، بما في ذلك الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد، رغم وجود العديد من التحديات التي تعيق دمجهم  في العملية التعليمية، نتيجة لعدم توفر البنية التحتية المناسبة في المدارس  لتلبية احتياجاتهم الخاصة.

وتقول والدة ليلى، بأنها تستعد هي وإبنتها المصابة بالتوحد، لاستقبال العام الدراسي الجديد، نظرا لاضطرارها قضاء ساعات طويلة بجانبها لمساندتها في المدرسة لعدم توفر معلم ظل، بعد أن تم رفضها من قبل العديد من المدارس بسبب إعاقتها.

ولتجاوز هذه الاشكالية، حملت أم ليلى مسؤولية مرافقة طفلتها يوميا إلى المدرسة على مدار السنوات الأربع السابقة، مما أضاف عبئا إلى حياتها اليومية، لضمان حصول ابنتها على التعليم كباقي الأطفال.

وتقول "اضطررت لمرافقة طفلتي إلى المدرسة نظرا لعدم توفر الخدمات المساندة للطلاب ذوي الإعاقة، فيما تكون تكاليف المدارس الخاصة باهظة ولا أستطيع تحملها، بينما تحتاج ابنتي إلى التعليم كباقي أقرانها."

من جهة أخرى، واجهت أم زيد، البالغ من العمر 17 عاما ويعاني من اضطراب التوحد، تحديات مشابهة رغم إلحاق ابنها بمدرسة خاصة دامجة، ورغم ذلك، لم تخل تجربته من الصعوبات، حيث تعرض للتنمر، إضافة إلى افتقار المعلمات للمهارات الأساسية في التعامل مع الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.

وتضيف أم زيد "الأمر يعتمد على اهتمام ومتابعة الأهالي لأطفالهم من ذوي الإعاقة، ولكن هذا يزيد من الأعباء عليهم، خاصة في ظل عدم توفر كافة الخدمات الضرورية لهؤلاء الطلاب في بعض المدارس".

 

عملية الدمج ضرورة

لا توجد أرقام رسمية معلنة تشير إلى نسبة عدد المصابين بمرض التوحد، إلا أن متخصصين يقدرون عدد المصابين يصل حوالي 8 آلاف مصاب.

بحسب المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن تشكل حوالي 11% من إجمالي السكان، أي ما يقارب مليون و200 ألف نسمة. من بين هؤلاء، هناك 400 ألف شخص في سن التعليم، إلا أن عدد الطلاب من هذه الفئة الذين يتلقون التعليم يقدر بحوالي 23 ألف طالب فقط، أي ما يعادل 5% من مجموع الطلاب.

ويوضح الباحث المتخصص في التوحد والاضطرابات النمائية،الدكتور نور الدين الديري، لـ "عمان نت"  أن عملية الدمج يجب أن توفر فرصا متنوعة للأشخاص المصابين بالتوحد، حتى وإن لم تكن هذه الفرص متساوية تماما، مضيفا الى أن الدمج بينهم يعتبر أمرا ضروريا.

ويؤكد الديري أن البيئة المدرسية ليست جاهزة بالكامل بعد، وتحتاج إلى المزيد من التطوير للوصول إلى بيئة مثالية تقدم الخدمات اللازمة للأطفال المصابين بالتوحد وتتيح لهم فرصة الالتحاق بالمدارس.

مع ذلك، يضيف أن بعض الأطفال المصابين بالتوحد موجودين بالفعل في المدارس الحكومية، ولكن عدم توفر الخدمات الكاملة وبعض المعلمين غير المؤهلين للتعامل مع هذه الحالات يشكل تحديا، رغم توفير بعض المدارس الحكومية  غرف مصادر تساعد الأطفال في الحصول على جلسات تأهيلية، مثل علاج النطق والعلاج الوظيفي والسلوكي داخل المدرسة نفسها، مما يخفف من العبء المالي على الأهالي.

ويشير إلى أن هناك مدارس تضع عقبات أمام الأهالي تعيق دمج أطفالهم، مثل عدم توفر المقاعد وارتفاع الرسوم الدراسية، رغم وجود قوانين تنظم عمل المدارس، لكن بعض الجهات تتحايل على هذه القوانين على أرض الواقع.

يحظر قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة استبعاد أي شخص من مؤسسة تعليمية بسبب إعاقته، وفي حال تعذر التحاق الشخص ذي الإعاقة بالمؤسسة التعليمية لعدم توفر الترتيبات التيسيرية المناسبة أو الأشكال الميسرة أو إمكانية الوصول، يتوجب على وزارة التربية والتعليم توفير بدائل مناسبة، بما في ذلك ضمان التحاق الشخص بمؤسسة تعليمية أخرى.

 

توسيع المدارس المهيأة

تنص الاستراتيجية الوطنية العشرية للتعليم الدامج، التي أطلقت في عام 2019 بالتعاون مع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، على أن وزارة التربية والتعليم تتحمل مسؤولية تقديم الخدمات التربوية والتعليمية للطلبة من ذوي الإعاقة في أقرب مدرسة ضمن الحي الذي يقيمون فيه، وفي حال عدم توفر مدرسة قريبة مجهزة لاستقبال هؤلاء الطلبة، تلتزم الوزارة بشراء الخدمات التعليمية من القطاع الخاص بالتنسيق مع ولي الأمر، مع تحمل الوزارة جزءا من الرسوم الدراسية في حالات محددة.

وتضمنت الخطة التنفيذية ضمن هذه الاستراتيجية اختيار ثلاث مديريات على مستوى المملكة وفق معايير محددة، وقد تم اختيار مديريات تربية عجلون، ماركا، والكرك، كما تم تحديد معايير لاختيار 6 مدارس تابعة لكل من هذه المديريات، بمجموع 18 مدرسة.

وفي هذا السياق، يوضح مدير إدارة التعليم الدامج في الوزارة، محمد الرحامنة، أن الوزارة لا تعين معلم ظل لمساندة الطلبة من ذوي الإعاقة، والذي يتقاضى راتبا يصل إلى 300 دينار، إلا بناء على طلب ولي الأمر وبنفقتهم الخاصة.

ويشير الرحامنة إلى أن الوزارة تسعى لتزويد المدارس الدامجة بمعلمين مساندين بواقع ثلاثة معلمين لكل مدرسة، تكون مهامهم مساعدة المعلمين، وتقديم الدعم للطلبة وأولياء الأمور بالتعاون مع المعلمين.

كما عملت الوزارة على تجهيز وتهيئة جميع المتطلبات اللازمة لتحقيق التعليم الدامج، بما في ذلك تعديل التشريعات التربوية، مما ساهم في رفع نسبة التحاق الطلبة ذوي الإعاقة في المدارس، والحد من تسربهم.