معاً لحرمان القتلة من الشرف

الرابط المختصر

يترواح المعدل السنوي لجرائم الشرف في الأردن بين 18 – 20 جريمة سنوياً، بحسب مدير المركز الوطني للطب الشرعي مؤمن الحديدي الذي كشف لـ (عمان نت ) أن  سبعة جرائم شرف ارتكبت منذ بداية هذا العام.ودعى الحديدي الجميع إلى" نزع كلمة الشرف عن هذه الجرائم والاستعاضة بتسميتها- وهو ما بدأت فيه مديرية الأمن العام فعلياً- بجرائم العنف ضد النساء، لأننا نستخدم هذه الكلمة ذات المعاني السامية لإعطاء عذر لمرتكب هذه الجريمة ويصبح هو مكان الضحية الحقيقة، بل ويعتبر نفسه بطلاً استناداً إلى معتقدات بالية"
وبين الحديدي إن هذه الجرائم "تتسم بطابع عنيف كالذبح بقطع رأس أو تهشيمه أو عشرات الطعنات وهذا يدفعنا إلى ضرورة عمل شيء حيالها" وهو ما يثبت حقيقة أن هذه الجرائم تعد أقسى أشكال العنف الأسري في الأردن على الإطلاق.
د. إسراء الطوالبه من المركز الوطني للطب الشرعي قالت إنه "بعد انتهاء التحقيق نقوم بتشريح الجثة وقد لا نجد علامات تدل على أن هذه الفتاة قد ارتكبت أمرا خاطئ أو في بضع الأحيان تندرج جرائم الشرف تحت أن الفتاة تزوجت بغير رضى الأهل"، مضيفة "العديد من جرائم الشرف التي تعاملنا معها يكون القاتل من أهل الضحية ولديه العديد من الأسبقيات بحدود 70 أسبقية منها اغتصاب، سرقة، سطو مسلح، والشروع بالقتل".
ويردد العاملين في الأجهزة الأمنية المختصة ومنها مديرية الطب الشرعي بالإضافة إلى الناشطين في هذا المجال مقولة" إنه الحال في غالبية القضايا التي تنتهي بقتل إحدى الإناث في العائلة اظهر التشريح أن الضحية عذراء" وهذه العبارة على أهميتها في مجتمع محافظ كالأردن فإنها تمعن في امتهان المرأة كمتهمه حتى تثبت براءتها وهي جثة هامدة ذهبت ضحية شك أو نميمة أو مجرد طمع في ميراث.
وهو ما أكده الدكتور الحديدي الذي أصر" على عدم ربط هذه القضايا بالعلاقات الحميمة، مشيراً إلى أهمية التوعية القانونية والاجتماعية وتعاون الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني في هذا السياق للحد من هذه الظاهرة.
وترى الناشطة الحقوقية إنعام العشا "أن الأردن يعالج هذا الموضوع على نظام الفزعة ويتم الحديث عنه موسمياً وبناءً على نشاطات وفعاليات مناساباتيه ولا تتم معالجته بأسلوب علمي بحثي، فالأصل هو التغيير في نظرة المجتمع وسلوكيات الناس".
والتأثير في هذا الاتجاه كما تراه العشا "يتم بعمل تراكمي مستمر وليس بحديث طارئ موسمي وبتعاون حثيث بين الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني حتى نصل إلى عدم خسارة إي امرأة نتيجة لهذا السلوك السلبي، ونصل ساعتها إلى إغلاق هذا الملف نهائياً.
وردأً على سؤال حول التأثير السلبي على صورة الأردن الحديث المعاصر الذي نريد جميعاً، تقول العشا" تبرير محاربة الحديث عن هذا الموضوع بحجة سمعة الأردن وصورته في الخارج فهذه حجة واهية فالأصل البحث عن أصل المشكلة لا التعتيم عليها".

وتقول الصحفية المتخصصة في هذا الموضوع رنا الحسيني "هذه الجرائم تحصل في جميع أنحاء العالم في إيطاليا والبرازيل والدول العربية والإسلامية إلا أن اهتمام الحكومة والعائلة الحاكمة والانفتاح الإعلامي عليها أثار الاهتمام حولها وان الحكومة والمنظمات تعمل على محو هذه الصورة المغلوطة".
فقر وقلة وعي
والثابت أن جريمة الشرف، كغيرها من الجرائم، مدفوعة بالعديد من الأسباب والدوافع. والعامل الاقتصادي، كما يرى أخصائي علم الاجتماع د. مجد الدين خمش، هو من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى ارتكاب الجريمة بدافع الشرف. فيقول "الجرائم التي تصنف تحت هذا المفهوم في الأردن قليلة وهي تتركز في الطبقات الشعبية، وبالتالي فان العامل الاقتصادي يلعب دورا كبيرا، لان مستوى الوعي والمعيشة في الطبقات الشعبية والمناطق الموجودة على إطراف المدينة متدني، ويتمثل بالقسوة والعدوانية في التعامل بسبب ظروف المعيشة الصعبة".
دكتور الاجتماع مجد الدين خمش يقول " وبسبب غياب الوعي الكافي في الطبقات الشعبية يرتبط الشرف لديهم بالمرأة وسلوك المرأة وبالتالي هناك نوع من الازدواجية بالنظرة فالرجل أيضا إذا انتهك هذا الشرف فهو شخص ليس لديه شرف, وبالنسبة لهذه الطبقة ليس شرف الرجل مهم وإنما المهم هي المرأة ".
تجاوب تشريعي على استحياء
ونتيجة لضغوطات داخلية ودولية ووعي شعبي ورسمي بأن هذه الجرائم التي ترتكب باسم الشرف أكثر أشكال العنف خطورة وقسوة، فقد تمت تعديلات قانونية مؤقتة شملت إلغاء المواد(282،283،284) من قانون العقوبات، وأستعيض عنها بنصوص تحقق المساواة بين الزوجين في جريمة الزنا"فعلاً وأدلة وملاحقة"،وتم تعديل المادة 340 وهي التي يستفيد منها مرتكبي جرائم الشرف ضد النساء بالعذر المحل، وأصبح يتساوى كلا الزوجين في الاستفادة من العذر المخفف بدل المحل في مفاجأة الآخر متلبساً بالزنا ..بعد أن كان الزوج المستفيد الوحيد من العذر المحل فيها.
واعتبر الدكتور الحديدي أن التعديلات التشريعية ليست كافية ونوه إلى ضرورة أن تكون التشريعات أكثر حزماً تجاه مرتكبي الجرائم.
والملفت أن عدداً من المواطنين الذين استفتتهم عمان نت حول الموضوع اعتبروا تهاون التشريعات إحدى أهم أسباب انتشار هذه الظاهرة السلبية، بالإضافة إلى أسباب اجتماعية أخرى بالتنشئة والتربية وتقليد الغرب السلبي، بالإضافة إلى غلاء المهور التي سببت تأخر سن الزواج!!، مؤكدين أن الشريعة الإسلامية تحرم القتل بهذه الصورة.
سملت من القتل: إلى "الاحتجاز الوقائي"
ولعل وجهاً آخر للعنف  يتعلق بقضية جرائم الشرف، متمثلاً بالإجراءات الحكومية تجاه هذه القضية، فالنساء المهددات بجرائم الشرف يودعن رهن "الاحتجاز الوقائي" ويعرفن بالموقوفات إدارياً حماية لهن من أقاربهن الذكور الذين يهددونهن، وبلغت نسبتهن 40% حسب تقرير صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" العام الماضي.
إلا أن مديرة مركز إصلاح وتأهيل النساء –الجويدة المقدم هناء الأفغاني أكدت أن عدد الموقوفات في هذه الحالة في السجن حالياً أربع حالات فقط"
  ويثور التساؤل هنا: ألا يمكن توفير ملاذ آمن للنساء المهددات بهذه الجرائم كملاجئ لإيوائهن وأطفالهن، وترك خيار اللجوء لهذه الملاجئ اختياريا ويقوم بتوفير المساعدة القانونية والخدمات الاستشارية، كما هو الحال مع ضحايا العنف المنزلي من النساء وأطفالهن التي يتم إيوائهم في دار إيواء الطفل التابعة لاتحاد المرأة الأردني.

وتجاوزاً لكل ما قيل ولكل ما عمل من إجراءات حكومية ومنظمات مجتمع مدني على أهميتها لإنهاء هذه الظاهرة، فإن التحد الأكبر في هذه المشكلة هو رفع سوية الوعي  الاجتماعي في الأردن الذي يسعى جاهداً لإظهار وجهه الحضاري المنفتح والذي يجب أن يحمي جميع مواطنيه بلا تمييز استناداً إلى الدستور.
 
 

أضف تعليقك