معان .. تاريخٌ ممتد من الفقر والاحتجاج

معان .. تاريخٌ ممتد من الفقر والاحتجاج
الرابط المختصر

يكفي أن تكتب "أحداث معان" على محرك البحث "جوجل" ليقترح عليك المحرك قائمة طويلة من الأحداث التي شهدتها المحافظة الفقيرة الواقعة جنوب البلاد منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، فما تعيشه المحافظة هذه الأيام ليس إلا امتداداً طبيعياً لتلك الأحداث التي عولجت دائماً "بالقبضة الأمنية".

الفقر في معان

"معان ليست فقيرة لكن هناك من أفقرها".. هذا ما يصر عليه أهالي المحافظة الذين لا يزيد عددهم عن 120 ألف نسمة، والتي تحتوي على أماكن تاريخية تعود إلى فترة الحكم الإسلامي القديم الذي عرفته المدينة بدءاً من الدولة العباسية وإنتهاء بالدولة العثمانية الذين أولوا هذه المدينة اهتماماً جيدا.

ورغم وجود هذه الأماكن التاريخية التي يدعوا أهالي المنطقة إلى استغلالها سياحيا، إضافة إلى استغلال الثروات الطبيعية الموجودة في المحافظة لتنمية المنطقة التي "همشت" منذ بدايات الدولة الأردنية الحديثة، مع أن دورها كان بالغ الأهمية لتدعيم وجودها بدايات القرن الماضي.

دراسة حديثة للدكتور يوسف منصور توضح أن المحافظة التي رعت "الثورة العربية الكبرى" التي أوجدت الدولة الأردنية بشكلها الحالي وصلت نسبة البطالة فيها إلى نحو 15.2%، مع أن معدل البطالة بالأردن عام 2013 وصل إلى 11 %.

وأيضاً وصلت نسبة الفقر في المدينة بحسب الأرقام الرسمية لدائرة الاحصاءات العامة إلى نسبة 26.6% مع أن نسبة الفقر بالمملكة لا تتجاوز الـ 15%، لتكون بذلك المحافظة الأفقر بين محافظات الأردن.

ويرى أهل المحافظة أن هذا المعدل المرتفع للبطالة يعود إلى إهمال الجهات الحكومية للمشاريع التنموية، فبحسب عددٍ من فعاليات المحافظة الذين حضروا مؤخرا حلقة نقاشية للحديث عن أوضاع المدينة عقدها مركز الفينيق للدراسات، فإن الجهات الحكومية بالبلاد مسؤولة عن زيادة نسب الفقر والبطالة في المحافظة، وذلك لأن المشاريع الوطنية والسياسات القائمة لا تتجاوز إطار الورق التي كتب عليها.

تاريخ الاحتجاج

منذ بدايات عام 1989 وهو العام المعروف بالانفتاح الديمقراطي في البلاد، كانت معان توقد احتجاجات كل بضع أعوام لتسلط الضوء على واقعها، إلا أن تلك الاحتجاجات سرعان ما تخمد بعد أن تتدخل الدولة "بقوة" عبر أجهزتها الأمنية لتعود المحافظة إلى المربع الأول دون أي جدوى.

وشهدت معان أعوام 1989 و1998 و2002 و2012 احتجاجات واسعة لعدة أسباب سياسية ومطلبية، إلا أنها كانت تخمد دائما، دون أن تجد مطالب أهالي المدينة أذنا تصغي.

وقبل احتجاجات شهر نيسان من هذا العام، قاد ابناء المدينة المتعطلين عن العمل عدداً كبيراً من الاحتجاجات في المحافظة وأيضاً أمام مراكز صنع القرار في العاصمة عمّان لتسليط الضوء على قضيتهم إلا أنها أيضاً لم تجد أذناً تصغي.

وبدأت معظم هذه الاحتجاجات في الاعوام السابقة كما احتجاجات عام 2014، التي انطلقت بعد وفاة شاب في تبادل لإطلاق النار.

ويرى أبناء المحافظة أن الأجهزة الأمنية تتعامل مع ملف المطلوبين في المحافظة بطريقة "قاسية" فهي تحاول دائما قتلهم أثناء محاولات اعتقالهم، بحسب أهالي المحافظة، فخلال الشهور القليلة قتلت الأجهزة الأمنية عددا من تصفهم بالمطلوبين أثناء مطاردتهم في شوارع المحافظة.

وهذا ما أثار استياء الفعاليات التي أعلنت العصيان المدني في المدينة رداً على مقتل الشبان المطلوبين بهذه الطريقة، الذي كان اخرهم الشاب قصي الأمامي الذي قتل الثلاثاء الماضي، في تبادل لإطلاق النار مع الأمن العام.

وتؤكد فعاليات محلية أن هناك طرقاً أفضل للتعامل مع ملف المطلوبين في المحافظة غير قتلهم بالشوارع، وذلك عن طريق تنفيذ مشاريع تنموية في المحافظة للشبان وانتشالهم من وضعهم الاقتصادي السيء الذي قد يكون دافعهم نحو الجريمة وبخاصة أن "المعالجة الأمنية" أثتبت "فشلها" لحل هذا الملف في المحافظة.

ويطالب أهالي معان بفرض الأمن وملاحقة المطلوبين ولكنهم يحملون الحكومات المتعاقبة مسؤوليتين، الأولى القوة المفرطة في التعامل مع هذا الملف، والثانية سحب القوى الأمنية من المحافظة الذي ساهم في انتشار "الجريمة" بالمحافظة الفقيرة.

هذا وتواصلت الاشتباكات بين بعض الأهالي وقوات الدرك منذ يوم الثلاثاء الماضي إثر مقتل الشاب الامامي، وحتى ليل الجمعة، حيث أفيد بوقوع عدد من الإصابات واعتقال عدد آخر.

أضف تعليقك