مستثمرون: تخفيض ضريبة السيارات يهدد قطاع التخليص ويقلص خيارات المواطنين

الرابط المختصر

أثار قرار الحكومة  بتخفيض الضرائب العامة والخاصة على المركبات موجة من الجدل في أوساط مستثمري المنطقة الحرة، الذين حذروا من تداعيات سلبية تطال قطاع التخليص واستيراد السيارات، في ظل تقييد دخول فئات واسعة من المركبات الأكثر طلبا، وعلى رأسها السيارات الكورية والصينية والمركبات السالفج.

وبموجب القرار، تم تخفيض الضريبة الخاصة على سيارات البنزين بنسبة تصل إلى 28%، وعلى سيارات الهايبريد بنسبة 35%، إلى جانب توحيد الضريبة الخاصة على المركبات الكهربائية لتصبح 27% لكافة الفئات، بغض النظر عن قيمة السيارة أو طرازها.

وتصفت الحكومة هذه الخطوة بأنها إصلاح هيكلي يهدف إلى تخفيف الأعباء على المواطنين وتحفيز النمو الاقتصادي، ضمن حزمة أوسع من 94 قرارا تحفيزيا.

كما باشرت دائرة الجمارك، الأحد، بتنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بتخفيض نسبة الضريبة الخاصة على السيارات بمختلف فئاتها وحسب النسب المعلنة في القرار.

لكن رئيس هيئة مستثمري المناطق الحرة النائب محمد البستنجي يشير إلى أن نحو 70% من المركبات الكهربائية الأكثر طلبا في المنطقة الحرة طرأ ارتفاع على أسعارها بنحو 1500 - 1700 دينار، وذلك بعد توحيد الضريبة الخاصة على سيارات الكهرباء لتصبح 27% لجميع الفئات بغض النظر عن قيمة السيارة أو فئتها.

من جانبه يقول عضو الهيئة جهاد أبو ناصر، في حديثه لـ "عمان نت" إن الهيئة لم تستشر فيما يخص النسب الضريبية، وإن المشاورات السابقة اقتصرت على جانب المواصفات والمقاييس، والتي عبرت الهيئة حينها عن رفضها القاطع لها.

ويضيف أبو ناصر أن اشتراطات المواصفات الجديدة ستؤثر على نحو 90% من السيارات التي تدخل السوق المحلي عبر المنطقة الحرة، مشيرا إلى أن القرار يعني فعليا إيقاف استيراد السيارات الصينية والكورية والكندية وسيارات "السالفج"، وهو ما يشكل إعداما للمنطقة الحرة، على حد وصفه.

 

الآثار السلبية للقرار تطغى على إيجابياته

رغم أن الحكومة خفضت الضرائب على سيارات الهايبريد والبنزين، يرى أبو ناصر أن الآثار السلبية للقرار تطغى على إيجابياته، لا سيما أن الحكومة كانت قد أكدت سابقا أنها لن ترفع الضريبة على السيارات الكهربائية الأقل من 10 آلاف دينار، وهي الفئة الأكثر طلبا، ليفاجأ السوق اليوم بارتفاع كبير في أسعار هذه الفئة تحديدا.

ويؤكد  أبو ناصر أن القرار أدى إلى إغلاق عدد من الأسواق، مشيرا إلى أن السيارات الكورية، التي شكلت لسنوات العمود الفقري لأسطول السيارات في الأردن تأثرت بشدة، كما أن السوق فقد أيضا ميزة المركبات الصينية الرخيصة نسبيا والتي بلغت نسبتها نحو 70% من حجم التخليص مؤخرا.

ويضيف أن الحكومة بمواصفاتها الجديدة قتلت خيار السيارات المستعملة، وهو ما يضيق الخيارات أمام المواطن الذي يلجأ للمركبات المستعملة ذات الأسعار المقبولة لتفادي الأعباء المالية الكبيرة المرتبطة بالسيارات الجديدة.

 

 

الأثر الاقتصادي

وحول الأثر الاقتصادي، توقع أبو ناصر أن تظهر تداعيات القرار بوضوح مع بداية العام المقبل، بعد انتهاء المهلة المحددة بأربعة أشهر، موضحا أن حصار سوق المركبات بفئات محدودة سيؤدي حتما إلى ارتفاع الأسعار نتيجة قلة الخيارات.

ويستذكر أبو ناصر تجربة عام 2016، حين تراجعت حركة التخليص على السيارات من 70 ألف مركبة إلى 30 ألفا خلال ثلاث سنوات فقط، بسبب قرارات ضريبية مشابهة، معتبرا أن القرارات الحالية تتسم أيضا بعدم الدراسة والتخطيط، وصدرت دون التشاور مع أصحاب الاختصاص.

وينتقد تذبذب السياسات الحكومية، مستشهدا بقرار صدر نهاية عام 2023 يقضي بتثبيت الضريبة تدريجيا على مدى ثلاث سنوات، قبل أن يعاد تغييرها خلال أقل من عام، ما يفقد المستثمرين  خاصة الأجانب الثقة بالاستقرار التشريعي.

وفي المقابل، يرحب أبو ناصر بتخفيض الضرائب على سيارات البنزين والهايبريد، معتبرا أنها خطوة تحفيزية، لكنه مشبرا إلى أن التخفيض لم يكن متكافئا، فالمركبة الكهربائية التي كانت تشترى بقيمة 25 ألف دينار، انخفض سعرها بـ500 دينار فقط، بينما انخفضت أسعار الهايبريد بنحو 2000 دينار والبنزين بـ4000 دينار.

ويؤكد أن أي قرار يخفض الضرائب يسهم في تحفيز النمو، لكنه يشدد في الوقت نفسه على ضرورة أن تكون القرارات مدروسة ومبنية على حوار حقيقي مع العاملين في القطاع، لضمان حماية مصالح الدولة والمواطن والمستثمر في آن واحد.

 

الحكومة: القرار نهائي ويخدم المواطن

في المقابل يؤكد  وزير الدولة للشؤون الاقتصادية، مهند شحادة، على أن قرار تخفيض ضريبة السيارات نهائي ويأتي في مصلحة المواطن، مبينا أن له شقين: مالي يتمثل في خفض الكلف وتحسين القدرة الشرائية، وتنظيمي يستهدف تحسين جودة السيارات الموردة ومنع استيراد المركبات غير السليمة "السالفج".

ويكشف شحادة أن نحو 40 ألف مركبة سالفج دخلت الأردن العام الماضي عبر استثناءات من المواصفات، وهو ما استدعى فرض معايير صارمة وتنظيم السوق بشكل أفضل، مشيرًا إلى أن قرار منع استيراد السيارات الكهربائية المستعملة مستمر منذ ثلاث سنوات.

ويؤكد أن القرار يعزز جودة المركبات ويضع أسسا واضحة لجهة المنشأ، مشيرا إلى أن المواطن، وإن باع سيارته بسعر أقل، فإنه سيشتري سيارة أخرى بسعر منخفض أيضا، مما يخلق نوعا من التوازن في السوق.