مركز روسي: صفقة القرن وتراجع الاقتصاد يضغطان على الأردن

الرابط المختصر

نشر "المركز الروسي للشؤون الدولية" تقريرا تحدث فيه عن تنامي استياء الرأي العام الأردني بسبب عجز السلطات عن وضع حد للفساد المتفشي في المجال الإداري والمالي، ووقوف البلاد عاجزة عن إجراء إصلاحات للتغلب على الصعوبات الاقتصادية وإيجاد حلول لعدم المساواة في الدخل فصلا عن عدم كفاءة الإدارة.



وقال المركز في تقريره إن الأردن أطلق سنة 2008 برنامجا على أمل تحقيق نقلة نوعية في مجال الاقتصاد. ويتمثل هذا البرنامج في مزيد خصخصة الشركات المحققة للأرباح، على غرار، شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية والمياه وغيرها من الموارد.



وأضاف أن هذا البرنامج كلف الحكومة مليارات الدولارات، وكبدها خسائر على المستوى المادي والسياسي، لا سيما وأن فقدان سيطرتها على مصادر دخلها من شأنه أن يفقدها تأثيرها السياسي سواء داخل البلاد أو على المستوى الإقليمي أو العالمي.

 

علاوة على ذلك، بعد إغلاق الحدود مع سوريا، واجه الأردن تهديدات حقيقية تمثلت في ارتفاع نسبة البطالة وتعرض الحكومة والسكان لضغوط خارجية من أجل القبول بالظروف الجديدة وتمكين اللاجئين من العراق وسوريا وفلسطين وغيرهم من البلدان من الدخول إلى الأراضي الأردنية.

 

بين المركز أن الممثل التجاري للولايات المتحدة في عمّان طالب كلا من رجال الأعمال الأردنيين والمؤسسات الصناعية بالتوقف عن التعامل مع سوريا، محذرا من أن تجاهل هذا الأمر سيجبر الولايات المتحدة على تطبيق قانون قيصر أو سيزر، ما من شأنه أن يؤثر على نفوذ الأردن في المنطقة. ونتيجة لذلك، سيستمر الوضع الاقتصادي في التدهور، ما سيساهم في ارتفاع نسبة البطالة، خاصة في صفوف الشباب. وفي هذا الصدد، يسلط كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ضغوطا على عمّان، مطالبين الحكومة بزيادة الضرائب والرسوم.



والجدير بالذكر أن الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها الأردن ألقت بظلالها على الوضع السياسي، ما منع عمّان من تحقيق التوازن فيما يتعلق بالبحث عن تحالفات جديدة في الشرق والغرب، وخوض مناورات جيوسياسية كانت ستساعده على تجاوز الاضطرابات.



وأقر المركز أن المملكة الأردنية تعارض "صفقة القرن"، لا سيما أنها تقوم على عدم الاعتراف بالحقوق الدينية والسيادية للأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية في القدس، ما يجعلها عرضة لضغوطات العديد من الدول، التي عرضت على المغرب والمملكة العربية السعودية تولي منصب حماة مقدسات القدس، إلى جانب إسرائيل والأردن.

وفي هذا الإطار، تهدف جهات أجنبية إلى تقويض مواقف الأردن فيما يتعلق بالمفاوضات المتعلقة بمشروع إيجاد أرض بديلة للفلسطينيين وتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي إما على حساب عمّان أو على حساب سكان الضفة الشرقية لنهر الأردن.



وأشار إلى المظاهرات التي عرفتها الأردن سنة 2018، والتي أدان خلالها المتظاهرون قيادة البلاد، متهمين إياها بلعب دور كبير في تفاقم المشاكل الاقتصادية والسياسية. ومن جهته، أشار الملك عبد الله الثاني، إلى ضرورة القيام ببعض الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، موضحا أن الأردن يواجه العديد من التحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، الأمر الذي يتطلب تكاثف جميع جهود المسؤولين، داعيا إلى تعزيز مؤسسات الدولة وزيادة فعاليتها على جميع المستويات، بما في ذلك تنفيذ برنامج لمكافحة الفساد ولحل أزمة الإدارة العامة.



وأوضح المركز أن الملك الأردني أفاد في وقت سابق بأن حماية المصالح الوطنية تعد على رأس أولويات الحكومة الأردنية، كما تعتبر أن مسألة عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم وإعادة إعمار سوريا بعد التسوية السياسية تتصدر قائمة القضايا التي تهم السلطات الأردنية. وعلى صعيد آخر، أشار العاهل الأردني إلى أن الأردن يشاطر السلطات الفلسطينية نفس الموقف، حيث لن تتراجع عمّان عن التسوية الفلسطينية الإسرائيلية، بغض النظر عن الضغوطات المسلطة عليها. كما أعرب الملك عبد الله عن دعمه للفلسطينيين فيما يتعلق بمسألة إقامة دولتهم المستقلة على أرضهم الأصلية، وعاصمتها القدس الشرقية.



وأورد أن الأردن لا يرغب في تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل على حساب تكثيف الصراع بين عمّان وفلسطين. في الوقت نفسه، يحاول الملك عبد الله الثاني، إقامة اتصالات مع دول عربية مثل تونس والعراق ومصر وسوريا، سعيا منه إلى إنشاء كتلة إقليمية بعد مرور فترة وجيزة من إبرام التسوية السياسية في سوريا، ما من شأنه أن يمنح الدبلوماسية الأردنية قوة دفع جديدة ويساعدها على إيجاد طرق متوازنة للدفاع عن مصالحها الوطنية.



وفي الختام، نوه المركز بأن الأردن اليوم يقف أمام مفترق طرق خطير لم تعهده البلاد من قبل، إذ تعد رهينة "صفقة القرن" ومحاولات حرمانها من حقوقها الدينية والسيادية كحامية للأماكن المقدسة في القدس المحتلة.